هل البشر يدفعون الحيوانات لتكون ليلية أكثر ؟

يمارس البشر ضغوطا كبيرة على الطبيعة، من استغلال الموارد إلى تدمير الموائل، ولقد تبين لنا أن لدينا تأثيرا سئ أيضا على الحيوانات، فنحن نقود الثدييات الأخرى لإجراء أنشطتها في الليل في محاولة لتجنب البشر، وقد وجدت دراسة نشرت، في المتوسط، الثدييات في جميع أنحاء العالم قد أصبحت أكثر من 1.36 مرة ليلية أكثر مما كانت عليه في الماضي، وترجمة النسبة المئوية تعني، الحيوانات التي اعتادت على تقسيم أنشطتها بالتساوي بين الليل والنهار إلى زادت أنشطتها الليلية بنسبة 68 %.

 

في الوقت الذي كنا نتوقع فيه وجود اتجاه نحو زيادة الحياة الليلية حول البشر، فقد فوجئنا بثبات النتائج في جميع أنحاء العالم، وقد أوضح الدكتور بيركلي في جامعة كاليفورنيا في بيان، إستجابت الحيوانات بقوة لكل أنواع الاضطرابات البشرية، بغض النظر عما إذا كان الأشخاص يشكلون تهديدا مباشرا، أم لا، مما يوحي بأن وجودنا وحده يكفي لتعطيل أنماط سلوكهم الطبيعية.

 

نشاط الحيوانات ليلا :

 

لاحظ الباحث جاينور وزملاؤه أول مرة هذا التحول في الأبحاث التي أجروها في تنزانيا ونيبال وكندا عندما لاحظوا أن الحيوانات في كل بلد كانت أكثر نشاطا في الليل عندما كانوا حول البشر، ولتحديد مدى إنتشار وتأثير هذا المؤثرات على الحيوانات، أجرى فريق جاينور تحليلا تفصيليا، وهو عبارة عن مراجعة للدراسات والتقارير المنشورة سابقا التي احتوت على معلومات في أنماط نشاط الثدييات الكبيرة على مدار 24 ساعة، وتم جمع هذه الملاحظات المجمعة من سلوك الحيوانات باستخدام الكاميرات التي تم إطلاقها عن بعد، ونظام تحديد المواقع، والمراقبة المباشرة من بين وسائل أخرى.

 

 

بالإضافة إلى ذلك، يشرح جاينور في مقالته الخاصة بالمحادثة حول الدراسة أن الباحثين اعتمدوا على دراسات تبعت مجموعة متنوعة من السلوكيات، مثل نشاط الغزلان داخل وخارج موسم الصيد، ونشاط الدب الأشيب في المناطق مع أو بدون التجول، ونشاط الفيلة داخل المناطق المحمية وخارج المستوطنات الريفية.

 

باستخدام هذه البيانات، حدد جاينور وفريقه الدرجة التي تقوم بها كل الأنواع بالأنشطة الليلية ووضع في الإعتبار ما إذا كان هناك قدر كبير أو منخفض من الإضطرابات البشرية، وفي نهاية المطاف، تم تتبع 62 نوعا في ستة قارات في الدراسة، وكانت النتائج تظهر باستمرار ارتفاعا نشاط الحيوانات في الليل.

 

 

كتب جاينور، في حين توقعنا أن نجد اتجاها نحو زيادة الحياة الليلية للحيوانات حول البشر، فقد فوجئنا بثبات النتائج في جميع أنحاء العالم، وأظهرت 83 % من دراسات الحالات التي فحصناها بعض الزيادة في النشاط الليلي إستجابة للإزعاج، وكان إكتشافنا متناسب عبر الأنواع والقارات وأنواع الموائل، والظباء على السافانا في زيمبابوي، والتابير في الغابات المطيرة الإكوادورية، والبوبكات في الصحارى في جنوب غرب الولايات المتحدة، يبدو أن الجميع يفعلون ما بوسعهم لتحويل نشاطهم في غطاء الظلام.

 

كان هذا الإنتقال إلى الحياة الليلية ثابت بغض النظر عن نوع الإضطراب، ولذا سواء كان المشي أو الصيد أو الطرق أو الزراعة، أو وجود البشر، ووجود التهديد أم لا أدى إلى تغييرات في سلوكيات الحيوانات، وكتب جاينور، قد يعتقد الناس أن استجمامنا الخارجي لا يترك أي أثر، لكن مجرد وجودنا يمكن أن يكون له عواقب دائمة.

 

مثال واحد يجب أخذه في الإعتبار، فقد يكون دب الشمس من الحيوانات التي تعمل كليا تقريبا خلال النهار، وفقا لما قاله جاينور، ففي المناطق غير المضطربة أقل من 20 % من نشاط الدببة الشمسية يحدث في الليل، وفي المناطق المضطربة ارتفعت تلك النسبة إلى 90 %، وكتب جاينور، مثل هذه الحيوانات التي تم تكييفها في أثناء النهار، وقد لا تكون ناجحة في العثور على الطعام، وتجنب الحيوانات المفترسة أو التواصل في الظلام، والتي قد تقلل حتى من بقائها أو تكاثرها.

 

 

بعض علامات تحولات نشاط الحيوانات الليلية ملحوظة بالفعل، فذئاب القيوط في جبال سانتا كروز في كاليفورنيا تنتقل إلى صيد الفرائس التي تكون أكثر نشاطا في الليل، وهو تغير يمكن أن يكون له تأثيرات مضاعفة على الشبكة الغذائية والنظام الإيكولوجي ككل كعلاقات بين الحيوانات المفترسة والفرائس والمنافسة على الطعام، وعلى الجانب الإيجابي، يمكن اعتبار حقيقة أن الحياة البرية تتكيف لتجنب البشر مؤقتا للتعايش بين البشر والحيوانات البرية على الكوكب المزدحم بشكل متزايد.

مواضيع مميزة