ما هو تاريخ إكتشاف الذرة ؟

الذرة هي وحدة بناء المادة، وهي أصغر وحدة للعنصر، وتتكون من نواة مركزية كثيفة موجبة الشحنة محاطة بنظام من الإلكترونات، مساوية لعدد البروتونات النووية وهي البنية الكاملة التي يبلغ قطرها التقريبي 10-8 سنتيمتر وبشكل خاص لا تنقسم النواة في التفاعلات الكيميائية بإستثناء عند إزالة أو إنتقال أو تبادل بعض الإلكترونات.

 

 

تاريخ معرفة الذرة :

في الواقع، جاءت فكرة الكهرباء قبل معرفة الذرة، وفي حوالي 600 قبل الميلاد أكتشف طاليس ميليتوس أن قطعة من العنبر بعد فركها بفراء أو وبر، تجذب أجزاء من الشعر والريش وغيرها من الأجسام الخفيفة، واقترح أن هذه القوة الغامضة جاءت من العنبر، ولكن طاليس لم يربط هذه القوة بأي جسيم ذري.

 

حتى حوالي عام 460 قبل الميلاد، قام الفيلسوف اليوناني ديموقريطس بتطوير فكرة الذرة، وسأل هذا السؤال، إذا قمت بكسر جزء من المادة إلى نصفين، ثم كسرتها إلى نصفين مرة أخرى، فكم عدد الأجزاء التي يجب عليك الحصول عليها قبل أن تتمكن من كسرها أكثر؟ اعتقد ديموقريطس أنه إنتهى عند نقطة ما وهي أصغر جزء ممكن من المادة، سميت هذه الجزيئات المادية الأساسية بالذرة.

 

لسوء الحظ، لم تكن للأفكار الذرية للعالم ديموقريطس أي تأثيرات دائمة على الفلاسفة اليونانيين الآخرين، بما في ذلك أرسطو، وفي الواقع، رفض أرسطو الفكرة الذرية لأنها لا قيمة لها، وكان الناس يعتبرون آراء أرسطو مهمة للغاية، وإذا اعتقد أرسطو أن الفكرة الذرية ليست لها أي ميزة، فإن معظم الناس الآخرين يعتقو نفس الشيء أيضا.

 

منذ أكثر من 2000 سنة لم يفعل أحد أي شيء لمواصلة الإستكشافات التي بدأها اليونانيون في طبيعة المادة، ولم يبدأ الناس مرة أخرى في أوائل القرن التاسع عشر في التشكيك في بنية المادة، وفي القرن التاسع عشر، قام عالم الكيمياء الإنجليزي جون دالتون بإجراء تجارب على مواد كيميائية مختلفة أظهرت أن هذه المادة في الواقع تتكون من جسيمات أولية كثيفة ويسمى الجسيم الواحد الذرة، وعلى الرغم من أنه لم يكن يعرف هيكلها، إلا أنه كان يعرف أن الأدلة تشير إلى شيء أساسي.

 

في عام 1897، قام الفيزيائي الإنجليزي جيه جيه طومسون إكتشف الإلكترون واقترح نموذجا لهيكل الذرة، وكان طومسون يعلم أن الإلكترونات لها شحنة سالبة، ويعتقد أن المادة يجب أن تكون لها شحنة موجبة، وبدا نموذجه مثل الزبيب عالق على سطح قطعة من الحلوى.

 

في عام 1900، أظهر ماكس بلانك، أستاذ الفيزياء النظرية في برلين أنه عندما تهتز الذرات بقوة كافية، مثل عندما تسخن جسما حتى يتوهج يمكنك قياس الطاقة فقط في وحدات غير مترابطة، وسمى هذه الحزم من الطاقة، بالكميات، وإعتقد الفيزيائيون في ذلك الوقت أن الضوء يتكون من موجات، ولكن، وفقا لألبرت أينشتاين، كانت الكميات تتصرف مثل الجسيمات المنفصلة، ويطلق الفيزيائيون على جسيم آينشتاين الخفيف الفوتون.

 

لا تنبعث من الذرة الفوتونات فحسب، بل يمكنها امتصاصها أيضا، وفي عام 1905، كتب ألبرت أينشتاين ورقة رائدة شرحت أن إمتصاص الضوء يمكن أن يطلق الإلكترونات من الذرة، وهي ظاهرة تسمى التأثير الكهروضوئي، وحصل آينشتاين على جائزة نوبل الوحيدة في الفيزياء عام 1921 عن عمله في التأثير الكهروضوئي.

 

حدث جدل ساخن لسنوات عديدة حول تحديد ما إذا كان الضوء يتكون من موجات أو جسيمات، وبدت الأدلة قوية لكلتا الحالتين، وفي وقت لاحق، أظهر الفيزيائيون أن الضوء يظهر إما يشبه الموجة أو جزيء (ولكن ليس كلاهما في نفس الوقت) بناء على الإعداد التجريبي.

 

تم اكتشاف جسيمات أخرى حول هذا الوقت تسمى أشعة ألفا، وكانت لهذه الجسيمات لها شحنة موجبة، واعتقد الفيزيائيون أنها تتكون من الأجزاء الإيجابية من ذرة طومسون (المعروفة الآن باسم نواة الذرة)، وفي عام 1911، ظن إرنست رذرفورد أنه سيكون من المثير للإهتمام قصف الذرات بهذه الأشعة معتبرا أن هذه التجربة يمكن أن تحقق في داخل الذرة نوع يشبه المسبار، وإستخدم الراديوم كمصدر لجسيمات ألفا، وقام بإضائتها على الذرات في رقائق الذهب، وخلف الورقة يوجد شاشة فلورسنت يمكن من خلالها ملاحظة تأثير جسيمات ألفا.

 

نتائج التجارب جاءت غير متوقعة، وذهبت معظم جسيمات ألفا بسلاسة من خلال الرقاقة، فقط ألفا تتباعد وتنحرف بحدة من مسارها الأصلي، وفي بعض الأحيان ترتد مباشرة من الرقاقة، وكان رذرفورد يبرر أنه يجب أن يتشتت بقطع صغيرة من المادة موجبة الشحنة، ومعظم المساحة حول هذه المراكز الإيجابية لم يكن فيها شيء، وكان يعتقد أن الإلكترونات يجب أن تكون موجودة في مكان ما داخل هذه المساحة الفارغة، واعتقد رذرفورد أن الإلكترونات السلبية تدور حول مركز موجب بطريقة تشبه النظام الشمسي حيث تدور الكواكب حول الشمس.

 

عرف رذرفورد أن الذرة تتكون من نواة صغيرة موجبة الشحنة تدور حولها إلكترونات سالبة تدور حول مسافة كبيرة نسبيا، وتحتل النواة أقل من ألف مليون مليون من الحجم الذري، ولكنها تحتوي على كل كتلة الذرة تقريبا، وإذا كانت الذرة بحجم الأرض، ستكون النواة بحجم ملعب كرة قدم.

 

حتى عام 1919، لم يحدد رذرفورد في النهاية جسيمات النواة على أنها شحنات موجبة منفصلة للمادة، وباستخدام جسيمات ألفا كرصاصات، صدم رذرفورد نواة الهيدروجين بذرات ستة عناصر البورون، والفلور، والصوديوم، والألمنيوم، والفوسفور، والنيتروجين، وأطلق عليها اسم البروتونات، باليونانية الأولى، لأنها كانت تتكون من اللبنات الأولى التي تم تحديدها من نوى جميع العناصر، ووجد كتلة البروتونات 1،836 مرة أكبر من كتلة الإلكترون.

 

ظهر خطأ فادح في نموذج الذرة لرذرفورد، وتنبأت نظرية الكهرباء والمغناطيسية بأن الرسوم المعاكسة تجذب بعضها البعض وأن الإلكترونات يجب أن تفقد الطاقة وتدفقها إلى الداخل، وعلاوة على ذلك، فإن الفيزيائيين يرون أن الذرة يجب أن تعطي ألوان قوس قزح لأنها تفعل ذلك، ولكن لا يمكن لأي تجربة التحقق من قوس قزح هذا.

 

وفي عام 1912، توصل عالم الفيزياء الدنماركي نيلز بور إلى نظرية تقول إن الإلكترونات لا يلف بالقرب من النواة، وقد توصل إلى بعض القواعد حول ما يحدث، وقال بوهر، إليك بعض القواعد التي تبدو مستحيلة ، لكنها تصف الطريقة التي تعمل بها الذرة، ولذلك دعونا نتظاهر بأنها صحيحة وتستخدمها، وجاء بوهر مع اثنين من القواعد التي اتفقت مع التجربة :

 

* القاعدة 1: يمكن أن تدور الإلكترونات فقط عند مسافات معينة مسموح بها من النواة.

* القاعدة 2: تشع الذرة الطاقة عندما يقفز الإلكترون من مدار أعلى في الطاقة إلى مدار أقل في الطاقة، وأيضا، تمتص الذرة الطاقة عندما يتم إنتقال الإلكترون من مدار منخفض الطاقة إلى مدار عالي الطاقة.

 

يمكن أن يوجد الإلكترون في واحد فقط من المدارات، والضوء (الفوتونات) ينبعث عندما يقفز الإلكترون من مدار إلى آخر، ويبدو أن القفزات تحدث على الفور دون أن تتحرك من خلال مسار، وبحلول 1920، أظهرت تجارب أخرى أن نموذج بوهر الخاصة بالذرة لديه بعض المشاكل، وبدت الذرة بسيطة جدا لوصف العناصر الثقيلة، وفي الواقع، عملت فقط في هذه الحالات، لم تظهر الخطوط الطيفية الصحيحة عندما أثر حقل مغناطيسي قوي على الذرة.

 

قام بور والفيزيائي الألماني أرنولد سومرفيلد بتوسيع نموذج بور الأصلي لشرح هذه الاختلافات، ووفقا لنموذج بور سومرفيلد، فإن الإلكترونات لا تنتقل فقط في مدارات معينة، ولكن المدارات لها أشكال مختلفة ويمكن للمدارات أن تميل في وجود مجال مغناطيسي، ويمكن أن تبدو المدارات دائرية أو بيضاوية الشكل، ويمكنها أن تتأرجح ذهابا وإيابا من خلال النواة في خط مستقيم.

 

يمكن لأشكال المدار وزوايا مختلفة في المجال المغناطيسي أن يكون لها أشكال معينة فقط، تشبه الإلكترون في مدار معين، وعلى سبيل المثال، يمكن أن يكون للمدار الرابع في ذرة الهيدروجين ثلاثة أشكال ممكنة فقط وسبع صفات محتملة، وهذه الحالات المضافة تسمح لمزيد من الإحتمالات للخطوط الطيفية المختلفة أن تظهر، وهذا جلب نموذج الذرة إلى اتفاق أوثق مع البيانات التجريبية.

 

في عام 1924، توقع عالم فيزيائي نمساوي وولفغانغ باولي، أنه ينبغي أن يلف الإلكترون بينما يدور حول النواة، ويمكن أن يدور الإلكترون في اتجاهين،وقد أعطى باولي قاعدة تحكم سلوك الإلكترونات داخل الذرة التي اتفقت معالتجربة، وإذا كان للإلكترون مجموعة معينة من أعداد الكم، فلا يمكن أن يكون للإلكترون الآخر في تلك الذرة نفس المجموعة من أعداد الكم، ويطلق الفيزيائيون على هذا مبدأ استبعاد باولي، وإنها توفر مبدأً مهما حتى يومنا هذا، وقد تجاوزت حتى نموذج بور سومرفيلد الذي صممه باولي.

 

في عام 1924 فكر رجل فرنسي يدعى لويس دي بروغلي في جسيمات المادة، وكان يعتقد أنه إذا كان الضوء موجودا كجزيئات وموجات، فلماذا لا تستطيع ذرات الجسيمات أن تتصرف مثل الموجات؟ في بعض المعادلات المستقاة من معادلة آينشتاين الشهيرة ، (E = mc2) أظهر ما يهم أن تتصرف الموجات كما لو كانت موجودة على الإطلاق، وقد أثبتت التجارب فيما بعد أنها صحيحة،  وحتى عام 1932 إكتشف الفيزيائي الإنجليزي جيمس شادويك في النهاية النيوترون، وهي أثقل قليلا من البروتون وبدون شحنة (متعادلة)، والبروتونات والنيوترونات معا، حصلت على إسم النيوكليون.

 

لا يوجد فقط مضاد للإلكترونات، ولكن في عام 1955، وجد الفيزيائيون مضادا للبروتون، وفي وقت لاحق مضادا للنيوترون، وهذا يسمح بوجود مضاد للذرات، وهو شكل حقيقي من المادة المضادة، ومن عام 1947 حتى نهاية عام 1950، اكتشف الفيزيائيون العديد من الجزيئات الجديدة (العشرات منهم)، وتحتاج الأنواع المختلفة من الجسيمات إلى نظرية جديدة لتفسير خصائصها الغريبة.

مواضيع مميزة