تعرف على تاريخ أول عملية نقل دم

نقل الدم هو عملية نقل الدم من جسم شخص إلى آخر، وقد يحتاج الشخص المصاب بإصابات شديدة أو أحد الأشخاص الذين يخضعون للجراحة إلى المزيد من الدم ليحل محل ما فقد من الدم، وإذا لم يكن الدم الزائد متوفرا، فقد يصاب الشخص بالصدمة ويموت نتيجة لعدم نقل الدم.

 

يعتبر الطب الشعبي والممارسة القديمة أن الدم له خصائص علاجية مفيدة، ولعل أقرب حالة تم تسجيلها لنقل الدم كانت حالة البابا إنوسنت الثامن (1432-1492)، وقد تم نقل البابا في أبريل عام 1492 بدماء ثلاثة أولاد صغار، وتشير النتيجة إلى أن محاولات نقل الدم كانت نادرة وخطيرة، وقد مات الأولاد الثلاثة.

 

بعد أن شرح ويليام هارفي (1578-1657) آلية الدورة الدموية في عام 1628، تقدم الإهتمام بنقل الدم، وأعطى الطبيب الإيطالي جيوفاني كول أول وصف موجز لعملية نقل الدم في عام 1628، ويبدو أن رجل الدين الإنجليزي فرانسيس بوتر قد جرب عمليات نقل الدم في خمسينيات القرن العشرين، وفي الستينيات من القرن العشرين، رعت الجمعية الملكية في لندن (إنجلترا) سلسلة من تجارب نقل الدم، وكان هذا بعد أن إستخدم السيد كريستوفر ورين (1632-1723)، والمهندس المعماري الشهير ، حقنة الريشة والمثانة لحقن السائل في وريد الكلب، وتم الحقن لإظهار طريقة جديدة لإعطاء الأدوية، وقد واصل ريتشارد لوار (1631-1691) التجارب في جامعة أكسفورد في إنجلترا وأجرى أول عملية نقل دم مباشرة من كلب إلى آخر في عام 1665 من خلال ربط الشريان بالوريد عبر أنبوب فضي.

 

إستخدم الطبيب الفرنسي جان بابتيست دينيس (1643-1704) أسلوب لوار في يونيو من عام 1667 لإجراء عملية نقل الدم من حمل إلى إنسان مريض، وبعد عدة أشهر، وقام كل من دينيس ولور بنقل الدم من خروف إلى رجل، وتم إيقاف هذه التقنية الجديدة الواعدة فجأة في عام 1668 عندما توفي أحد مرضى دينيس المنقول له الدم، على الرغم من أن سبب الوفاة كان تسمم من قبل زوجة المريض، إلا أنه قد تم حظر عمليات نقل الدم في فرنسا ولم يتم تأسيسها طبيا في إنجلترا.

 

في عام 1818، أحيا جيمس بلونديل وهو طبيب بمستشفى جاي في لندن ممارسة نقل الدم بإستخدام محقنة لحقن الدم من المتبرعين من البشر، وفي البداية، تم نقل الدم منقبل بلونديل لحالات ميؤوس منها فقط، ولكن في عام 1829 إستخدم نقل الدم بنجاح لعلاج امرأة مصابة بنزيف ما بعد الولادة، وقام كل من بلونديل وجيمس أفيلينج بتحسين الجهاز لإجراء عمليات نقل الدم، وتم إستخدام هذه التقنية على نطاق واسع خلال الحرب الفرنسية البروسية (1870-1871).

 

 

معرفة فصائل الدم تساعد في نقل الدم :

ظل نقل الدم إجراءا محفوفا بالمخاطر، ويميل دم المتبرع إلى التخثر، وكان من المحتمل أن يعاني المستلمون من رد فعل قاتل في نقل الدم، وتم اكتشاف مجموعات الدم في عام 1900 حل مشكلة ردود الفعل القاتلة، وفي عام 1914 أجاب إستخدام ستات الصوديوم كمضاد للتخثر على مشكلة تخثر الدم، وأظهر عالم الأمراض النمساوي الأمريكي كارل لاندشتاينر (1868-1943) وجود ثلاثة من أنواع الدم متميزة (ارتفع العدد إلى أربعة في عام 1902)، وتفاعلت المستضدات في بعض الأنواع بشكل سلبي مع الأجسام المضادة في أنواع أخرى، مما تسبب في تكتل الخلايا الحمراء، ويمكن للتكتل أن يسد الأوعية الدموية بشكل قاتل، ومكنت نتائج لاندشتاينر من تحديد أنواع الدم المتبرع والمتلقي، وبالتالي تجنب تفاعل نقل الدم المميت في معظم الحالات، وبدأت معرفة فصائل الدم من أجل نقل الدم.

 

لعل أخطر المخاطر المتبقية لنقل الدم هي إمكانية نقل المرض عبر دم المتبرع، ومما يثير القلق بشكل خاص إنتقال فيروس نقص المناعة البشرية والتهاب الكبد، وتم التغلب بشكل كامل على تفاعل نقل الدم في عام 1940 عندما اكتشف لاندشتاينر ووالتر وينر عامل الريسوس (عامل Rh) الذي يتسبب عادة في تفاعل المستضدات والأجسام المضادة.

 

 

الإجراء الحديثة في نقل الدم :

في البداية، تم نقل الدم عن طريق الإتصال المباشر بين المتبرع والمستلم، طور جورج واشنطن كرايل (1864-1943) وهو جراح أمريكي طريقة جراحية قياسية لنقل الدم، وبعد الكشف الجراحي عن طريق الوريد للمستلم وشريان المتبرع، قام الطبيب بإغلاق الأوعية وتوصيل أنبوب صغير كقناة بينهما، وعندما تم فتح المشابك الجراحية، تدفق الدم من المتبرع إلى المتلقي، وأخذ إدوارد ليندمان الإجراء من غرفة العمليات في عام 1913 باستخدام تقنية ثقب الإبرة البسيطة، وسمحت هذه الطريقة أيضا بالقياس الدقيق لكميات الدم المنقولة، ومع كل هذه التطورات، إنتشر نقل الدم بسرعة وأصبح راسخا خلال الحرب العالمية الأولى (1914-1918).

 

 

بنوك الدم :

بمجرد إستخدام نقل الدم على نطاق واسع، أصبح تخزين الدم المتبرع به مشكلة، وأول بنك دم أنشأه الدكتور برنارد فانتوس في عام 1937 في مستشفى مقاطعة كوك في شيكاغو، إلينوي، وتم تطوير طريقة للحفاظ على خلايا الدم الحمراء لمدة تصل إلى 21 يوما بحمض الدكستروز سترات في الأربعينيات، ودرس الجراح الأمريكي الإفريقي تشارلز ريتشارد درو بعمق طريقة لحفظ وتخزين الدم جاهز للإستخدام الفوري، واكتشف أنه يمكن معالجة البلازما وحجزها لفترة طويلة، ونقلها دون النظر إلى فصيلة الدم أو مطابقتها بدلا من الدم الكامل، ودرو أسس بنوك الدم في إنجلترا والولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، وهذه البنوك أنقذت آلاف الأرواح من خلال إتاحة نقل الدم للجرحى.

 

اليوم، لا يزال نقل الدم إجراء طبيا شائع الإستخدام وواسع النطاق، وبعد الحرب العالمية الثانية، تم تطوير طرق لفصل مكونات الدم المختلفة، ونتيجة لذلك، بالإضافة إلى الدم الكامل، قد يتلقى المريض خلايا الدم الحمراء، أو خلايا الدم البيضاء، أو الصفائح الدموية، أو البلازما، أو مكونات البلازما، كما تستخدم بدائل الدم الطبيعية والاصطناعية، ولعل أخطر المخاطر المتبقية لنقل الدم هي إمكانية نقل المرض عبر دم المتبرع، ومما يثير القلق بشكل خاص انتقال فيروس نقص المناعة البشرية والتهاب الكب،.و لهذا السبب يتم فحص الدم المتبرع به بعناية.

مواضيع مميزة