تشي جيفارا المعروف باسم "ارنستو جيفارا دي لا سيرنا" ، تشي جيفارا طبيب ارجنتينى متمرد، شارك مع فيدل كاسترو ومتمردين اخرين فى محاولة لقلب الحكومة الكوبية ، فبعد ان اخذت الحركة الثورية السلطة عام 1959 ، تولى تشي جيفارا مناصب هامة فى الحكومة ، وفى عام 1965 استقال من منصبه ومهامه وابتعد عن الرأى العام ، ثم ظهر تشي جيفارا مرة اخرى لاحقا فى بوفيليا عام 1967 ، ولكن تم اسره وقتله على يد اعضاء من الجيش البولفاري .
ولكن بالرغم من موته الا انه يظل حى فى الثقافة الشعبية وفى علم الاساطير الثورية كنموذج حي لثورى مخلص و غير انانى .
حياة تشي جيفارا المبكرة :
ولد تشي جيفارا في روزاريو، الارجنتين من ام اسمها "سيليا دي لا سيرنا" واب اسمه" إرنستو غيفارا لينش" ، وكلاهما جاء من اسر ارجينتينية ارستقراطية، وكان والده ارنستو يمتلك افكار كبيرة عن كيفية بناء ثروته وهذا عن طريق الاستثمار فى مزرعة شاى ميتا ، فقد استخدم ارنستو ميراث زوجته لانشاء مزرعة الشاى فى غابات ميسيونيس فى شمال الارجنتين ، وفى اقل من عام انجبوا تشي جيفارا في يوم 14 يونيو عام 1928 ، وبمرور عامين عانى تشي جيفارا من اولى ازمات الربو التى تكررت بعدها كثيرا، الحالة التى اثرت بشدة على حياته وحياة عائلته .
تشي جيفارا ومرض الربو :
وسرعان ما اصبح واضحا ان تشي جيفارا لن يستطيع تحمل الحياة فى ظروف الغابة الرطبة فى مزرعة الشاى الخاصة بالعائلة ، بسبب احتياجه لطقس جاف ، نتيجة لذلك قامت عائلة جيفارا بوضع المزرعة فى ايدى صديق للعائلة ومغادرة المكان عام 1932 ، ذاهبين الى مدينة التا جراسيا الصغيرة المعروفه بطقسها الجاف ، وبالرغم من ان الطقس الجديد ساعده قليلا الا ان تشي جيفارا عاني كثيرا من ازمات الربو التى استمرت لاايام واحيانا لاسابيع ، وهذا كان سبب لتأخره في الذهاب الي المدرسة خوفا عليه .
جيفارا فى المدرسة الثانوية والكلية :
فى عام 1943 بدأ والد تشي جيفارا في انشاء مؤسسة وبالتالي نقل كل العائلة لمدينة قرطبة ، وهناك بدأ تشي جيفارا المرحلة الثانوية وبالرغم من ظروفه الصحية الا انه كان رياضي وتمتع باللياقة البدنية ، فلعب كرة القدم والجولف والرماية ، وفى اوقات الفراغ تشي جيفارا كان يقرأ الكتب ، فهواية قراءة الكتب تعلمها خلال ازمات الربو المتكررة التى حدثت له .
جيفارا كان شديد الذكاء ، وقد اعتبر متهور وقائد فى نفس الوقت ، وعلى عكس الكثير من اقرانه الذين كانوا شديدى التدقيق فى اختيار الملابس والمظهر العام، كان تشي جيفارا يرتدى معطف كبير معظم الاوقات ولم يكن مهتم بالاستحمام كثيرا، و كان يتباهى بقذارته اغلب الوقت .
تشي جيفارا كان طالب ملتزم علي الرغم من معارضته المتكررة للسلطة ، فقد خطط للالتحاق بالكلية لدراسة الهندسة حتى مرضت جدته فجأة وعانت من سكتة دماغية ، ففي عام 1947 ترك تشي جيفارا كل شىء وسافر الى بوينس ايرس ليكون بجانب جدته ، وبعد وفاتها كان جيفارا محطم ، وغير خططه في الحال ، وقرر ان يصبح طبيبا ، وبالفعل تقدم بطلب لكليه الطب، جامعة بوينوس ايرس وقبُل طلبه .
وتخصص تشي جيفارا فى نهاية المطاف فى امراض الحساسية، واختياره هذا بسبب حالته المرضية المزمنة ومعاناته من الربو .
تشي جيفارا يبدأ في السفر :
فى البداية بدأ تشي جيفارا بالسفر الترحالى ، فكان يعود الي قرطبة ويذهب منها الي اماكن اخري ، فكان يركب مع اي سائق علي الطريق ليوصله للمكان الذي يريده ، ولكنه لم يكتفي بذلك بل اراد استكشاف اماكن ابعد ، وفى عام 1950 ، انطلق تشي جيفارا وحده مستخدما دراجة ذات محرك صغير ، فقضى 6 اسابيع يستكشف الارجنتين ، فقد توجه الى ابعد مناطق فى شمال وجنوب الارجنتين ، وخلال طريقه تحدث الى المتشردين ومرضى الجذام، ومرضى المستشفيات وادرك ان هناك انقسام شديد بين الاثرياء و الذين يعيشون على هامش المجتمع .
رحلة الدراجات النارية الي امريكا الجنوبية :
اراد تشى جيفارا ان يري ويجرب اكثر من ذلك ، فعندما عرض عليه صديقه "البرتو جيراندو " ان يرافقه فى جولة على الموتوسيكل الي امريكا الجنوبية وافق علي الفور ، وبالفعل في الرابع من يناير 1952، انطلق كل من تشى جيفارا البالغ من العمر 23 عاما والبرتو جيراندو البالغ من العمر 29 عام ، على موتوسيكل قديم ماركة نورتون 500 ، وقضى الصديقين 7 اشهر مسافرين عبر الارجنتين، تشيلى ،بيرو ، كولومبيا وفنزويلا .
فى بدايه الرحلة استخدموا الموتوسيكل لكن سرعان ما تعطل ، فاكملوا رحلتهم الطويلة في اغلب الوقت بركوب السيارات من على الطريق او بالمشى سيرا على الاقدام ، وخلال هذه الرحلة تشى جيفارا عانى من عدة ازمات ربو حادة بعضها تطلب البقاء فى المستشفى للتعافى .
وخلال هذه الرحلة ايضا ، بدأ تشى جيفارا ان يكون نظرة للعالم بناءا علي ما شاهده ، فقد شاهد الكثير من الاستغلال الراسمالي والتناقض بين الحياة الصعبة وبين حياة الترف ، وعندما عاد تشى جيفارا لبلده الارجنتين فى 31 يوليو 1952 كان بالفعل شخص اخر ، اكمل دراسته للطب وتخرج عام 1953 ولكن بالكاد اجتاز اخر امتحان له ، وذلك لانه كان يخطط لرحلته القادمة .
تحول جيفارا للفكرالراديكالي :
لم يكن لتشي جيفارا خطة مسبقة او محددة للسفر، فذهب جيفارا الى بوليفيا اولا ثم الى جواتيمالا ليقيم بها مدة طويلة ، كانت نواياه في ذلك الوقت غير واضحة ولكن خبرته جعلته راديكالي ، مما يعني التوجه الهادف للتغيير الجذري للواقع السياسي من حوله .
وفى جواتيمالا، تشى جيفارا قابل هيلدا جادى، وهي ثورية من البيرو ، والتى تم نفيها من دولتها نظرا لاعمال الشغب ، هيلدا جادي اصبحت قوة رئيسية فى حياة تشى جيفارا ، فعرفته على المفاهيم والمبادىء الماركسية وعلى الكثير من الثوريين الكوبيين .
وجاء لقبه تشي من احد المنفيين الكوبيين انتونيو لوبيز الذى اعطاه لقب تشي ، فهي كلمة اعتراضية كان يضيفها الارجنتينين في اخر الجمل كاعتراض .
تشي جيفارا ينضم إلى الثورة الكوبية :
تشى جيفارا اراد بشدة مساعدة الثورة التى كانت جارية فى جواتيمالا، لكن لم يجد طريقة لذلك وقرر ترك جواتيمالا ، وفى اواخر 1945 ، سافر تشي جيفارا لمدينة المكسيك حيث ذهب معظم اصدقائه الثوريين ، فوجد تشى جيفارا عملا وقضى وقته مع اصدقائه الثوريين ومن ضمنهم هيلدا .
وهناك قابل تشي جيفارا راول كاسترو وهو شقيق صديقه فيدل كاسترو الاصغر ، فكان الشقيقين هاربين من كوبا الي المكسيك ، وبعد فترة قصيرة انضم تشى جيفارا لحركة فيدل الثورية ، وبعدها قام تشى جيفارا بعمل الفعل الصائب وتزوج هيلدا فى عام 1955 لانها كانت تحمل طفله ، وظل تشي جيفارا مصمم علي الانضمام وبكل قوة لحركة فيدل والذهاب الي كوبا لانتظار يوم بداية الثورة الكوبية .
الثورة الكوبية :
في صباح يوم 25 نوفمبر عام 1956 توجه فيدل كاسترو ، رؤول كاسترو وتشي جيفارا الى كوبا على متن يخت للمشاركة في الثورة الكوبية ، حيث شارك تشي جيفارا في العديد من الهجمات ، وبحلول عام 1958 كان تشي جيفارا الرجل الثاني في قيادة الثوار بعد كاسترو ، وقد اشتهر جيفارا بدوره الحاسم في الاستيلاء على مدينة سانتا كلارا الاستراتيجية في ديسمبر عام 1958 ، وفي 1 يناير 1959 فر باتيستا كوبا هاربا وانتهت الثورة الكوبية وقتها .
جيفارا الذي كان شيوعي الى حد كبير كان يفضل تأميم الصناعة وبرامج الاصلاح الزراعي لتسيطر عليها الدولة ، ولدوره الكبير في الثورة الكوبية تم اعطاء تشي جيفارا عدد من المناصب المهمة في الحكومة الكوبية .
اختفاء تشي جيفارا من الحياة العامة :
في ابريل من عام 1965 اختفى جيفارا من الحياة العامة برفقة زوجته واولاده تاركا الحكومة الكوبية ، حيث كان يأمل جيفارا في بدء ثورة جديدة ، وذهب جيفارا الى الكونغو في محاولة لتنظيم قوة ثورية جديدة وبعد عدة اشهر انسحب جيفارا من الكونغو بعد ان فشل في تنظيم قوة ثورية للقيام بثورة في الكونغو .
بدء الثورة في بوليفيا :
بعد محاولة تشي جيفارا الفاشلة في الكونغو ، قرر جيفارا تنظيم الثورة في بوليفيا في نوفمبر 1966 ، ووصل جيفارا بوليفيا متنكر في شكل شخص اصلع في منتصف العمر للمرور الى بوليفيا في امان ، ومنذ وصوله حاول تشي جيفارا الحصول على احترام البوليفيين ولكن لم يتمكن من ذلك ولذلك لجأ الى الحصول على دعم البوليفيين الشيوعيين بالاضافة الى الفلاحين في بوليفيا ، الا ان النظام قام بحملة مضادة عن طريق التشديد على المتمردين .
وجاءت النهاية في اكتوبر 1967 وعلى وجه التحديد يوم 8 اكتوبر عندما حاصر الجيش البوليفي تشي جيفارا و16 من الثوريين الذين بقوا معه داخل اخدود ، واندلعت معركة بالبنادق سقط على اثرها العديد من القتلى واصيب تشي جيفارا بعيار ناري في ساقه اليسرى عندما كان يحاول الهرب وتم القبض عليه واستجوابه .
وفي اليوم التالي تم اصدار امر اعدام تشي جيفارا عن طريق رئيس بوليفيا في 9 اكتوبر عام 1967 وقد تطوع الرقيب ماريو تيران الجندي البوليفي لتنفيذ حكم الاعدام في جيفارا بالرصاص ، وكان جيفارا وقتها في سن 39 .
جيفارا بعد الموت :
في البداية وضع البوليفيين جسم جيفارا في مكان مفتوح ليكون عبرة لكل من يحاول التمرد على النظام وقد تم التقاط العديد من الصور مع جثته ، وفي 11 اكتوبر 1967 قام البوليفيين بدفن تشي جيفارا سرا مع ستة من الثوريين الاخرين في قبر سري وظل كذلك لمدة ثلاثة عقود .
وفي يوليو 1997 تم استخراج الهيكل العظمي لتشي جيفارا بالاضافة الى ستة من الثوريين الاخرين وعادوا بها الى كوبا ليتم دفنه ورفاقه في سانتا كلارا المدينة التي كان قد حقق نصرا حاسما فيها في الثورة الكوبية في عام 1958 .