الحيوانات ذوات الدم البارد هي حيوانات لا تستطيع تنظيم درجة حرارة جسمها، ولذلك تتقلب درجة حرارة جسمها وفقا لمحيطها الخارجي، والمفاجأة أن الحيوانات ذوات الدم البارد ليس لديها دم بارد في الواقع، ولكنها تعتمد على مصادر الحرارة الخارجية لتنظيم حرارة جسمها، فنجد أن الحيوانات ذوات الدم البارد تتطلب كميات أقل من الطاقة للبقاء على قيد الحياة بالمقارنة مع الحيوانات ذوات الدم الحار، وتعد كل من الزواحف و الحشرات والعنكبوتيات والأسماك والبرمائيات من ذوات الدم البارد مع وجود بعض الاستثناءات.

يختلف كل نوع من الحيوانات عن الأنواع الأخرى، فلكل نوع طريقة حياته الخاصة التي تتلاءم مع المكان الذي يعيش فيه، والغذاء الذي يأكله، ومع ذلك يتشابه كثير من الحيوانات في أشياء معينة، فتعيش الحيوانات متعددة الأشكال والأحجام في كل أنحاء العالم، فمنها ما يمشي أو يزحف على الأرض، ومنها ما يطير في الهواء أو ما يسبح في الماء، أما عن الحيوانات ذوات الدم البارد فهذا النوع من الحيوانات من المستحيل عليهم البقاء في المناطق الباردة حيث يفقدون قدرتهم على التحكم في درجة حرارة الجسم.

فالحيوانات ذوات الدم البارد هي الحيوانات التي تفتقر إلى آلية فسيولوجية داخلية لتنظيم درجة حرارة الجسم، وبالتالي تعتمد على درجة حرارة المناطق المحيطة بها لنفسها على عكس الحيوانات ذوات الدم الحار فهي لديها مجموعة كبيرة من التحورات السلوكية لمساعدتهم على البقاء على قيد الحياة.

تدفئة وتبريد الحيوانات ذوات الدم البارد
يعيش العديد من الحيوانات ذوات الدم البارد في بيئات لا تتطلب سوى القليل من التنظيم مثل المحيط، لأن درجة حرارة البيئة المحيطة تميل إلى البقاء كما هي، وعند الضرورة، سوف تهاجر السرطانات وغيرها من حرارة المحيطات نحو درجات الحرارة المفضلة، والحيوانات ذوات الدم البارد التي تعيش بشكل أساسي على الأرض سوف تستخدم التشمس في الشمس أو التهدئة في الظل لتنظيم درجة حرارتها، وتستخدم بعض الحشرات اهتزاز العضلات التي تتحكم في أجنحتها لتدفئة نفسها دون أن ترفرف أجنحتها بالفعل، ونظرا لإعتماد الحيوانات ذوات الدم البارد على الظروف البيئية، يكون العديد منهم بطيئا أثناء الليل وفي الصباح الباكر، وتحتاج العديد من الحيوانات ذوات الدم البارد إلى التسخين قبل أن تصبح نشطة.

الحيوانات ذوات الدم البارد في الشتاء
خلال أشهر الشتاء أو عندما يكون الطعام نادرا، تدخل العديد من الحيوانات ذوات الدم البارد في حالة من الخمول، وهي حالة يتباطأ فيها التمثيل الغذائي أو يتوقف، والخمول هو في الأساس سبات قصير المدى، والذي قد يستمر من بضع ساعات إلى بين عشية وضحاها، ويمكن أن ينخفض معدل التمثيل الغذائي للحيوانات الخاملة بنسبة تصل إلى 95 في المائة من معدل الراحة، ويمكن أيضا أن تدخل الحيوانات ذوات الدم البارد في فترة السبات، والذي يمكن أن يحدث لموسم وبعض الأنواع مثل الضفدع المختبئ لسنوات.

وينخفض معدل التمثيل الغذائي لدى الحيوانات ذوات الدم البارد في فترة السبات إلى ما بين واحد إلى اثنين في المائة من معدل استراحة الحيوانات، ولم تتكيف السحالي الإستوائية مع الطقس البارد حتى لا تدخل في سبات.

يشير مصطلح ذوات الدم البارد إلى ثلاثة جوانب منفصلة من التنظيم الحراري:

1- حيوانات خارجية الحرارة:
هي الحيوانات التي تتحكم بدرجة حرارة أجسامها من خلال وسائل خارجية، مثل التعرض لحرارة الشمس، وهي كائنات حية مصادرها الداخلية الفسيولوجية للحرارة صغيرة نسبيا أو أهميتها ضئيلة جدا في السيطرة على درجة حرارة الجسم، وتعتمد هذه الكائنات على مصادر الحرارة البيئية، مما يجعل معدل التمثيل الغذائي يعمل بشكل اقتصادي جدا.

بعض هذه الحيوانات تعيش في بيئات تكون درجات الحرارة فيها ثابتة عمليا، كما في أعماق المحيط السحيقة، وبما أن درجة الحرارة تتغير بشكل كبير فإنها تحد من الأنشطة الفسيولوجية لأنواع أخرى من الحيوانات ذوات الدم البارد، وكثير من الكائنات تبحث عادة عن مصادر خارجية للحرارة أو مأوى من الحرارة، والزواحف أحد الأمثلة حيث أنها تنظم حرارة أجسامها عن طريق التعرض للشمس، أو من البحث عن الظل عندما يكون ذلك ضروريا، ونجد أن الحيوانات ذوات الدم الحار تتصرف عكس الحيوانات ذوات الدم البارد حيث تعتمد بشكل كبير على عمليات التمثيل الغذائي الداخلي للتنظيم الحراري.

2- الحيوانات متغيرة الحرارة:
هي الحيوانات التي درجة حرارتها الداخلية متغيرة، وغالبا ما تكون مساوية لدرجة حرارة البيئة المحيطة، ويكون التغير في درجة الحرارة عادة نتيجة للتغير في درجة الحرارة البيئية المحيطة، ولكن بعض خارجيات الحرارة تبقى في بيئة ذات درجة حرارة ثابتة لدرجة أنها تكون قادرة على الحفاظ على درجة حرارتها الداخلية بشكل ثابت.

3- حيوانات بطيئة الأيض:
فكرة هذه الحيوانات تعتمد على تنظيم حراري تستخدمه المخلوقات لتحافظ على راحة منخفضة لمعدل الأيض عندها، ولديها القدرة لتغيير كبير في معدل الأيض عند توفر الغذاء أو الحرارة، والعديد من كائنات بطيئة الأيض يتوقف الأيض لديها في الصحاري أو في الشتاء القارس حتى تصل لحالة لا تستطيع المواصلة وتعود للعمل إذا تحسنت ظروف المعيشة، ويسمى ذلك السبات ( البيات الشتوي ) ومنها الضفادع، وفي الثدييات، يكون الأيض عالي إلى حد ما، وينقص إلى مستويات متدنية فقط عند ندرة الطعام، وفي معظم الزواحف يكون الأيض العادي منخفض جدا، ولكنها تزيد نشاطها عند الضرورة، وعادة في لحظات قليلة من النشاط عند التقاط الفريسة مثلا.

النشاط الدماغي لدى الحيوانات ذوات الدم البارد:
لقد أظهر هذا النوع من الحيوانات ذوات الدم البارد ذكاءا بالغا حيث نجد مثلا البرمائيات والزواحف يصعب اختبارها ولكن إن وضعت أمام ممرات عديدة فغالبا ما ستختار الممرات التي تقود إلي الطعام، ونجد أيضا الثدييات البحرية مثل الدولفين والحيتان لديها دماغ قريب من دماغ البشر ويعتبر الدولفين مخروطي الأنف أذكى الحيوانات المائية ولقد تم تعليمه أداء بعض الأعمال المعقدة.

أنواع التحكم في درجة حرارة الحيوانات ذوات الدم البارد:

تتضمن أمثلة التحكم في درجة الحرارة ما يلي:

* تتشمس الثعابين والسحالي على الصخور.
* تغيير أعماق الأسماك في عمود الماء لإيجاد درجة حرارة مناسبة.
* حيوانات الصحراء تختبئ تحت الرمال خلال النهار.
* الحشرات التي تدفئ عضلات طيرانها عن طريق اهتزازها في مكانها.
* تمدد أو تقلص الأوعية الدموية الطرفية للتكيف بسرعة أكبر أو أقل مع درجة حرارة المحيط.

أمثلة على بعض الحيوانات ذوات الدم البارد:

1.الضفدع الخشبي من الحيوانات ذوات الدم البارد:

تتمتع بعض الحيوانات بقوى خارقة، كالتي تكون عند الإنسان فى أفلام الخيال العلمى فهناك بعض الضفادع التي لا تستطيع أن تثبت درجة حرارتها في الشتاء وهي كبقية الحيوانات البرمائية تتغير حرارة جسدها بتغير البيئة المحيطة بها، فنجدها في الشتاء نشاطها يقل ويتقلص لدرجة كبيرة فتعيش تحت البرك وتحت المياه نصف نائمة فتحتاج إلى القليل من الأكسجين الموجود في المياه لتحرق طعامها، فنحن الآن نتكلم عن الضفدع الخشبي أحد الحيوانات ذوات الدم البارد، وسمي بهذا الإسم لأنه بمجرد أن يشعر بأول وخز لبرودة الشتاء يتجمد، وهذا يفسر عدم سماعنا لنقيقه طول فترة الشتاء.

ويؤكد العلماء أن المياه فى أجسام الضفادع تتحول بالفعل إلى ثلج، إلا أن المواد السائلة داخل خلاياها تبقى كما هى، وبذلك يكون الضفدع الخشبى ممثل باهر، ويقوم بدور الميت طوال فترة الشتاء، ويقف منتصبا كالتماثيل لا يتحرك ولا يرمش، وكذلك لا تعمل أجهزته الداخلية، فيحسبه المار ميتا بالفعل، ولكن عندما يأتى الربيع، يذوب الثلج وتعود دورته الدموية للحياة مرة أخرى، ويستيقظ الضفدع من ثباته بعد ذوبان الثلج تقريبا بـ 30 دقيقة.

2. السلاحف من ذوات الدم البارد:

السلاحف المائية والسلاحف الأرضية هي مجموعة كبيرة من الزواحف تعود إلى مئات الملايين من السنين، وتضم هذه المجموعة من الحيوانات ذوات الدم البارد أكثر من 350 نوعا موجودا على الأرض، وكذلك في المياه العذبة والمالحة، وهي تتراوح في الحجم والمظهر، وهناك في الواقع بعض أنواع السلاحف التي تسمح لدرجة حرارة البيئة المحيطة بتحديد ما إذا كانت البويضة تتطور كأنثى أو ذكر أم لا، وفي درجات الحرارة المرتفعة، تصبح البويضة أنثى، وفي درجات الحرارة المنخفضة تتطور إلى ذكر.

3. قرش النمر من الحيوانات ذوات الدم البارد:

ربما يكون قرش النمر أحد أشهر الحيوانات ذوات الدم البارد، وهو أحد أكثر الصيادين دموية في المحيط، ويصل طول أسماك قرش النمر إلى 18 قدما ويأكل كل شيء من الأسماك الصغيرة و رأسيات الأرجل إلى الجيف والقمامة، وتعتبر أسماك قرش النمر إلى جانب أسماك القرش الثور والأسماك البيضاء الكبيرة مسئولة عن غالبية الهجمات على البشر، وتعيش أسماك القرش هذه في جميع المحيطات الإستوائية وشبه الإستوائية في العالم.

4. نحل العسل من الحيوانات ذوات الدم البارد:

نحل العسل حشرات مثيرة للإهتمام توفر التلقيح لمجموعة واسعة من النباتات، ومثل الحشرات الأخرى، يكون نحل العسل من الحيوانات ذوات الدم البارد، حيث أن نحل العسل يهتز لتوليد الحرارة، مما يؤدي إلى تدفئة الخلية، وفي الصيف، يرفرف بأجنحته لتبريد الخلية من الداخل، وحقيقة أخرى مثيرة للإهتمام حول نحل العسل هي أنه للحفاظ على الطعام، سيطرد العاملات الذكور من الخلية قبل حلول الشتاء.

5. السلمندر من الحيوانات ذوات الدم البارد:

مثل الضفادع والعلاجيم، يعتبر السلمندر من البرمائيات (وبالتالي من الحيوانات ذوات الدم البارد)، ومع ذلك، فإن السلمندر له ذيل وأسنان، وهما شيئان تفتقر إليه الضفادع والعلاجيم، وهناك 600 نوع معروف من السلمندر، وينمو معظمهم إلى حوالي 6 بوصات، ومع ذلك، يمكن أن يصل طول السلمندر الياباني العملاق إلى 6 أقدام ويزن 140 رطلا، مما يجعل هذا البرمائي الكبير أكبر أنواع السلمندر.

6. تنين كومودو من الحيوانات ذوات الدم البارد:

تنين كومودو من الحيوانات ذوات الدم البارد، وهو عضو في عائلة السحلية الراصدة، تنين الكومودو هو أكبر أنواع السحالي على قيد الحياة اليوم، ويبلغ طوله حوالي 10 أقدام ويزن حوالي 300 رطل، وتم العثور عليه في جزيرة كومودو، وكذلك في الجزر المجاورة في إندونيسيا، وهذه السحالي لها لدغة سامة تطلق السموم في فرائسها، ويتعارض هذا السم مع قدرة الجسم على تجلط الدم، مما قد يؤدي إلى فقدان الدم والصدمة، ويمكن أن تكون تنانين كومودو خطيرة، وهناك تقارير عن هذه الحيوانات ذوات الدم البارد أنها تهاجم وتؤذي البشر سواء في البرية أو في الأسر.

7. فأر الخلد العاري من الحيوانات ذوات الدم البارد:

ليس لفأر الخلد العاري اسم مضحك فحسب، فهذا المخلوق غير العادي هو أحد الثدييات النادرة من الحيوانات ذوات الدم البارد، وكما يوحي اسمه، فإن فأر الخلد العاري بدون شعر وله جلد وردي أو رمادي متجعد، ويبلغ طوله حوالي 3 بوصات ويزن حوالي 1 أونصة إلى 2 أونصة، وتعيش فئران الخلد العارية في أنفاق أو جحور تحت الأرض، و موطنها الأصلي شرق إفريقيا.

8. اليعسوب من الحيوانات ذوات الدم البارد:

نظرا لكونه من الحيوانات ذوات الدم البارد، فإن اليعسوب يستلقي تحت أشعة الشمس لزيادة درجة حرارة الجسم الداخلية، ومع ذلك، فإن هذه المخلوقات ماكرة لا تخلو من الحيل الخاصة بها للمساعدة في التحكم في درجة حرارتها الداخلية دون مساعدة من الشمس، وإذا لم تكن الشمس مشرقة، يمكن أن يرتجف اليعسوب فيما يعرف بإسم طنين الجناح، للمساعدة في تدفئة عضلات أجنحته، وعندما يكون الجو حارا جدا، سيرفع بطنه عاليا في الهواء، وهذا يقلل من مقدار تعرض سطح الجسم لأشعة الشمس.