عادة ما لا ينسب الذكاء المطلوب للتفكير جيدا في المستقبل إلى الحيوانات، ولكن أظهر بحث جديد أن نوعا واحدا من الغربان يمكن أن يستخدم أدوات للتخطيط لما يصل إلى ثلاث خطوات إلى الأمام لتأمين وجبة تشبه إلى حد ما لعبة الشطرنج التي يلعبها الإنسان، كما يقول أليكس تايلور الباحث في جامعة أوكلاند في نيوزيلندا، فالتخطيط المسبق هو في الواقع أكثر صعوبة مما يبدو، وللقيام بذلك، عليك أن تحدد في ذهنك مستقبلا محتملا، ثم تتخذ خطوات ملموسة لجعل هذا السيناريو حقيقيا، حتى البشر سيئون السمعة بسبب نقص التخطيط.
تشتهر الطيور، المعروفة بإسم غربان كاليدونيا الجديدة بصنع الأدوات وتصنيع الأغصان إلى رماح وخطافات تستخدمها لأكل اليرقات، وغربان كاليدونيا الجديدة أحد أفراد عائلة الغرابيات، وهي مرتبطة بالغداف أو الغراب الأسود والغربان الأمريكية والعقعق، وتعيش في مجموعة من الجزر شرق أستراليا، وغربان كاليدونيا الجديدة ذكية بطرق عديدة، فهي قادرة على إسقاط الصخور على سبيل المثال في وعاء مملوء بالماء لتحل محل السوائل وعوم القليل من الطعام.
يوضح تايلور أن الدرجة التي يمكنهم من خلالها التخطيط لأفعالهم ذهنيا مسبقا غير واضحة لأن مثل هذه الأشياء من الصعب جدا إظهارها بشكل نهائي، ويقول تايلور، من الصعب معرفة كيف تفكر الحيوانات، ومن السهل الاستدلال على ما يحدث على حد قوله، ولكنه يستغرق اختبارا دقيقا لإظهاره، لا يمكنك للأسف أن تسأل الغربان عما تدور في ذهنها.
أنشأ تايلور وزملاؤه إعدادا تجريبيا للقيام بذلك، والذي يتكون من جسم يشبه الصندوق حيث تم إخفاء أجزاء مختلفة من اللغز عن الأجزاء الأخرى، وفي حجرة واحدة، على سبيل المثال، وضعوا غصين في أنبوب آخر، وفي أنبوب أخر وضعو صخرة والتي لا يمكن تحريرها بالعصا، وفي ثالث، جهاز توزيع القليل من اللحم عندما يتم إسقاط صخرة فيه، واحتوت المنطقة الرابعة على أداة مشتتة وغير ضرورية إما غصين أو صخر.
قام الباحثون بتعريف الطيور البرية التي تم صيدها وتدريبها على حل المهام المنفصلة بشكل مستقل، لذلك على سبيل المثال تعلموا كيفية الحصول على الطعام عن طريق إسقاط صخرة في غرفة، بعد ذلك، أطلقوا الطيور على اللغز المكون من أربعة أجزاء، وقد أجرت العديد من الغربان التسلسل الصحيح للأحداث لتحرير الطعام دون ارتكاب أي أخطاء، وتشير حقيقة أن هذه المهام كانت مخفية عن بعضها البعض إلى أن الغربان كانوا يصورون في عقولهم التسلسل الضروري للحصول على الطعام.
يقول جون مارزلوف الباحث في جامعة واشنطن وخبير الغربان الذي لم يشارك في الدراسة، إن اختيار الأداة الصحيحة تحت مجموعة متنوعة من السيناريوهات لاستخدامها في مكان آخر يعني على الأرجح أن الغربان لديها تمثيل عقلي لذلك وما هو مطلوب هناك لحل مهمة معقدة، واشنطن وخبير الغربان الذي لم يشارك في الصحيفة.
قام الباحثون أيضا بتعديل المهام قليلا لمعرفة ما إذا كانت الغربان لا تزال قادرة على التخطيط والتنفيذ بشكل صحيح عندما تتغير الظروف، ووجدوا ربما ليس من المستغرب أن الحيوانات كانت أكثر مهارة في استخدام الأغصان من الصخور وهو أمر منطقي بالنظر إلى سلوكها في البرية.
تثير الدراسة أسئلة محيرة، هل يمكن للحيوانات الأخرى أن تخطط للمستقبل وإلى أي درجة من التعقيد؟ وماذا يقول هذا عن ذكائهم ومستوى نفوذهم؟ على سبيل المثال تظهر الدراسة أن هذه الغربان، التي لديها أدمغة مختلفة تماما عن تلك التي لدى القردة العليا تمتلك مع ذلك العديد من القدرات العقلية المماثلة ، كما يقول كايلي سويفت الباحث في جامعة واشنطن غير المشارك في الدراسة.
يقول سويفت، الخيال هو أحد أركان مجموعة الأدوات المعرفية التي نستخدمها لقياس الذكاء، وهذا يظهر دليلا قويا على مثل هذه القدرات في الطيور، وتضيف الدراسات التي أجريت باستمرار أن هذه الحيوانات ذات قدرات معرفية عالية مثل التخطيط والسفر العقلي إلى درجة أننا كنا سنجدها مضحكة منذ عدة عقود، وإن الأمر يوضح حقً مدى خطأنا في استخدام مصطلح دماغ الطيور باعتباره إهانة ويطلب تفانينا المستقبلية في أسئلة البحث هذه.