ريجنسبورج، هولندا، ووسط حشد من السياح العائدين من الشواطئ الإستوائية في البرازيل وقف مسافر واحد أمام مسؤولي الجمارك السويسريين في مطار زيورخ، وكان يحمل بيض ببغاء المكاو الياقوتي، وقد ذكروا في وقت لاحق أن مسيرته كانت مضحكة فاشتبهوا أنه كان يهرب مخدرات على جسده، وقاموا بتفتيشه لم يعثروا على مخدرات لكن 25 بيضة من ببغاء المكاو الياقوتي كان يهربها من البرازيل، ولقد ربط البيض داخله وحافظ عليه دافئا خلال الرحلة التي استغرقت 11 ساعة.
يقول برونو مينيني نائب رئيس مكتب سويسرا لإتفاقية التجارة الدولية للأنواع الحيوانية والنباتية البرية المعرضة للإنقراض التي تنظم التجارة عبر الحدود في الحياة البرية، وكان مايني وزملاؤه من الجمارك والشرطة قد سمعوا عن حالات مماثلة في أماكن أخرى في أوروبا، فبدلا من صيد الطيور الحية في البرية، كان التجار يأخذون البيض من الأنواع المحمية ويهربونها إلى أوروبا لإحتضانها هناك، وبمجرد أن يتم الفقس، يمكن أن يتم تفريق صغار الطيور وبيعها كطيور أليفة.
كما هو الحال مع غسل الأموال، والتي تجعل المكاسب غير المشروعة تبدو مشروعة، فإن هدف غسل البيض هو خلق مظهر أن الطيور تأتي من مصدر قانوني، مما يعني أنه يمكن بيعها بشكل قانوني دون إثارة الشكوك، وفي زيورخ، أخبر مهرب بيض ببغاء المكاو الياقوتي المحققون في المطار أنه كان يعمل مع مواطن سويسري آخر وكان يعيش في منطقة نائية في الجبال حيث كان يمسك الطيور الغريبة، ويقول ماينيني إنه يتذكر بوضوح مدى صدمته لمئات الطيور الغريبة التي عثر عليها في ممتلكات الرجل الثاني.
لفت أحد الأنواع إنتباه الباحثين بسرعة ببغاء المكاو الياقوتي، وهو طائر أزرق وأصفر يعرف بإسم ملك الببغاوات، وقادت شعبية هذا الطائر الرائع بين مالكي الحيوانات الأليفة إلى زواله بحلول عام 1990، وبعد عقد من الزمان تم نقل ما يقرب من 10000 من الببغاوات المكاو من البرية لتجارة الحيوانات الأليفة، ويعتقد أن أعدادهم قد انخفضت إلى مستوى أقل وأصبح محفوف بالمخاطر بنحو 1500 فرد.
اليوم، يمنع منعا باتا ممارسة تجارة ببغاوات المكاو، مع القوانين الوطنية والإتفاقيات الدولية التي تحمي الأنواع، والوحيدون الذين يمكن تداولهم بشكل قانوني هم الذين يولدون في الأسر، والتي تكلف ما لا يقل عن 10000 دولار، وإنه ثمن مرتفع لطير كحيوان أليف، لكن الكثير منهم سعداء بالدفع.
ببغاء المكاو الياقوتي يشتهر بالفشل في التكاثر في الأسر، ولا أحد يعرف السبب، حتى لو كان الببغاء يضع بيضا فإن الأجنة غالبا ما تموت، أو أن البيض يكون غير مخصب، ولا أحد يتتبع عدد طيور ببغاء المكاو الياقوتي التي يتم احتجازهم في الأسر، وعدد الطيور التي تتكاثر بنجاح، ولكن كما أثبت الخبراء أنه صعب للغاية في التكاثر، فإن الطلب يفوق العرض دائما، وهذا هو السبب في أن التجار يقومون بغسل بيض الببغاء مثل غسيل الأموال.
جريمة سرقة ببغاء المكاو الياقوتي :
قام هارالد جارتسن وهو مفتش في هيئة سلامة المنتجات الغذائية والمستهلكين في هولندا، حيث الطيور الغريبة كحيوانات أليفة شائعة، وكان يحقق في تهريب الحيوانات البرية في جميع أنحاء العالم، وإنه يعتقد أن تهريب البيض جريمة متنامية لأن تهريب البيض أسهل من تهريب الطيور الحية، فهي صغيرة ولا يصدر منها صوتا صاخبا، وإذا كان من المتوقع إجراء فحص للأمتعة ، فسيتم تدميرها بسهولة، ومن الصعب مواكبة عمليات التفتيش، كما يقول المربون، وإن معظم الدول الأوروبية لا تأخذ الإتجار بالأحياء البرية على محمل الجد ، وعندما يتعلق الأمر بتهريب البيض، فإن معظم وكالات إنفاذ القانون لم تسمع بها.
يعمل الصيادون في الغابة البرازيلية على سبيل المثال ، بأخذ بيض ببغاء المكاو الياقوتي من العش، ثم يقوم هو أو أحد شركائه بربط البيض بجسمه ويقوم بنقلهم إلى أوروبا، وخاصة البرتغال، والتي توفر أقصر الروابط، وفي أوروبا، يتم أخذ البيض إلى القفص الشرعي الثابت.
يحتضن موظفو الطيور بيض ببغاء المكاو الياقوتي، ووضع شرائح معدنية على أقدام الكتاكيت، والتي تحفظ على كاحليها مدى الحياة وينظر إليها كدليل على أن الطائر كان يربى في الأسر، ويمكن بيع الطيور بشكل قانوني في أي مكان في العالم، وحتى إذا طرحت السلطات الأخرى أسئلة، فإن أوراق الإستيراد والتصدير الخاصة بالطيور التي تربى في الأسر تراجع، وهذا هو بالضبط ما وجده المحققون في سويسرا، أن الأوراق التي بدت متناسقة تماما، وحلقات الساق التي لا تثير أي شكوك، والعديد من الببغاوات الصغيرة وفقا للمواطن السويسري كانت نسل الببغاوات البالغة وتحت رعايتهم.
الطريقة الوحيدة لمعرفة ما إذا كان هذا الإدعاء صحيحا هي إجراء إختبار نسب الحمض النووي، وقد تم نزع الريش من البالغين والصغار وإرسالهم إلى المختبر، وأظهرت النتائج أن ثلاثة من ببغاء مكاو الياقوتي وأربعة طيور محمية أخرى لم تكن من نسل الطيور المطالب بها في أوراقهم، وقيمتها مجتمعة أكثر من 100000 دولار، مع هذه النتيجة ، كان الاستنتاج المنطقي الوحيد هو أنهم تعرضوا للتجارة، ويقول ماينيني، أمرت الرجلين بدفع غرامات، ويقول إنه لا يزال مسموحا لكلاهما بالإحتفاظ بالطيور الغريبة والإتجار بها.
من المستحيل تحديد عدد بيض ببغاء المكاو الياقوتي أو الطيور التي تم الإتجار بها من خلال هذه الشبكة السويسرية الواحدة، ولكن مثل هذه الحالات تقدم لمحة عن حجم المشكلة، وتعمل السلطات النمساوية الآن على قضية بدأت في عام 2016 بمصادرة حوالي 80 من الطيور المحمية، بما في ذلك ببغاء المكاو الياقوتي من مستودع خارج فيينا، وسرعان ما اتسع نطاق التحقيق في تهريب بيض الببغاوات وغيرها من الطيور المحمية كما يقول أندرياس بوخاكر مسؤول الجمارك في القضية الذي أشار إلى المؤسسة بإسم مافيا تهريب البيض.