في الصيف توجد الحشرات في كل مكان، فترى الفراشات والنحل تطوف على الزهور، والذباب والبعوض يحوم حولك بأعداد هائلة، والنمل يخرج في مسيرة، والجنادب تقفز، وصراصير الليل تسقسق، ولكن بمجرد أن تنخفض درجات الحرارة ويأتي الشتاء، تبدأ هذه الحشرات في الإختفاء، وتتمكن هذه الحشرات وذرياتها بطريقة ما من النجاة من البرد حتى يعودو للظهور مرة أخرى عندما ترتفع درجات الحرارة، والحشرات لديهم إستراتيجيات حول كيفية التغلب على الشتاء، فيتنقل البعض أو يجدون أماكن للإختباء، بينما يغير آخرون كيمياء أجسامهم أو يتركون العالم لأجيال المستقبل.
وعلى الرغم من هذه الحلول فإن تغير المناخ له تأثير على كيفية بقاء الحشرات في فصل الشتاء، ويؤدي الشتاء الأكثر دفئا والأكثر اعتدالا إلى أجيال إضافية ذات حشرات شتوية أكثر عرضة للبقاء على قيد الحياة بسبب الطقس المعتدل، وفيما يلي نظرة على بعض إستراتيجيات البقاء غير العادية التي تستخدمها الحشرات لمكافحة الطقس الشتوي.
هجرة الحشرات :
إذا كان الجو باردا جدا، فإن بعض أنواع الحشرات تنتقل إلى أماكن أكثر دفئا، والمثال الأكثر شهرة في عالم الحشرات هو الفراشة الملكية التي تسافر آلاف الأميال مع الملايين من أصدقائها للهروب من درجات الحرارة الباردة، فتطير الفراشات الملكية في شرق الولايات المتحدة وكندا على بعد 2000 ميل أو أكثر لقضاء فصول الشتاء في كاليفورنيا أو المكسيك، وتتغلب الحشرات على التيارات الهوائية لتغطية مسافات كبيرة، ويطلق عليها الطيارون العوالق الجوية، وفي الصيف وحده، هناك 17 نوعا من الحشرات تمر فوق رأسك في أي وقت.
خمول الحشرات :
عندما يظهر الطقس البارد، تدخل بعض الحشرات في حالة توقف مؤقت وهو نوع من حالة الخمول حيث يتم وضع جميع أنواع النمو والأنشطة في حالة شبه مجمدة، وهي حالة تشبه السبات التي تعاني منها العديد من الحيوانات ذوات الدم الحار، ويحدث الخمول عادة خلال الأيام الأقصر التي تسبق الشتاء، وليس أثناء الطقس البارد الفعلي، وحشرات حفار الرماد الزمردية الغازية هي من الحشرات الغازية التي تقتل أشجار الدردار، وتدخل في فترة الخمول في فصل الشتاء، وفي هذه الحالة النائمة، لا تفعل الحشرات شيئا كما أنها لا تنمو، وحشرات حفار الرماد الزمردية الغازية تمكث فقط تحت لحاء الأشجار حيث كانوا يتغذون طوال فصل الصيف.
تنتج الحشرات مضادات التجمد :
تنتج بعض الحشرات نوعا خاصا من مضادات التجمد للبقاء على قيد الحياة في درجات حرارة التجمد أثناء وجودها في حالة توقف مؤقت، وعندما تبدأ درجات الحرارة في الإنخفاض في فصلي الخريف والشتاء تصنع العديد من الحشرات البروتينات الواقية من البرد وهي المركباتتحتوي على الجلسرين والسوربيتول التي تمنع أجسامها من تكوين بلورات جليدية قاتلة، وتسمح مضادات التجمد الذاتية الصنع للحشرات بالبقاء على قيد الحياة حتى عندما تقل درجات الحرارة عن درجو صفر مئوي، وتستخدم يرقات الدب الصوفي هذه الطريقة خلال فصل الشتاء لتساعدها في البقاء داخل نفايات الأوراق، وكذلك الحال بالنسبة لخنفساء ألاسكا الداكنة التي يمكنها تحمل درجات الحرارة التي تصل إلى درجة حرارة منخفضة تصل إلى 100 درجة فهرنهايت تحت الصفر.
تضع الحشرات البيض :
من الناحية الفنية، لا تنجو بعض الحشرات من الشتاء على الإطلاق، ولكن قبل موتها، تضع الحشرات بيضا يفقس في الربيع، وهي من أكثر الطرق شيوعا التي تتعامل بها الحشرات مع فصل الشتاء خاصة في أمريكا الشمالية، فتترك بعض الحشرات مثل الصراصير وفرس النبي والجنادب ونطاط الكاتيد بيضها خلفها حتى تظهر الحشرات الجديدة في فصل الربيع، والعناكب التي هي من العنكبيات من الناحية الفنية وليست من الحشرات تفعل ذلك أيضا، فتضع الإناث أكياس بيضها في الخريف ثم تموت، ثم تولد العناكب الصغيرة في الربيع بمجرد إنتهاء الطقس البارد.
الحشرات تحتشد في مجموعات :
عندما يحل الشتاء، تتجنب بعض الحشرات التجمد عن طريق الإحتشاد لتبقى دافئة، فيتجمع نحل العسل معا في خلاياهم لإستخدام حرارة الجسم الجماعية للحفاظ على الدفء، ونحل العسل يؤدي حركات تشبه الإرتعاش لإحداث حرارة حتى يتمكنوا من إنشاء إشعاع صغير في المستعمرة حتى يظلوا دافئين ويتصدون للبرد، وبالمثل، فإن النمل والنمل الأبيض يلتصقان ببعضهما البعض، ويمضيان تحت سطح الأرض بعيدا عن الأرض ، وهم يذهبون أسفل سطح الصقيع حيث يوجد دفء من كل أجسام تلك الحشرات، وتتجمع الدعسوقيات في مجموعات كبيرة على الصخور أو على الفروع لتبقى دافئة.
إختفاء الحشرات :
بعض الحشرات تنجو من الشتاء ببساطة عن طريق البحث عن بقع دافئة للإختباء، فالصراصير إنتهازية سوف تسعى إلى الدفء إذا أعطيتهم فرصة، والحشرات مثل الدعسوقيات الآسيوية متعددة الألوان والبق البني كريه الرائحة وحشرة بذور الصنوبر الغربية سوف تنتظر الشتاء في مباني دافئة وجافة، وسوف يظهر البالغون في أواخر الصيف وسيذهبون للإختباء في أماكن محمية، وإشاراتهم للإختباء هي النهار القصير ودرجات الحرارة الأكثر برودة، وسيبقون في الداخل حتى يصبح الطقس أكثر دفئا، وعودة النهار الطويل.