إذا درست الأجزاء الداخلية لبعض السحالي ذات الدماء خضراء فقد تأخذ نظرة ثانية، فعضلات وعظام وحتى ألسنة هذه السحالي لها لون أخضر فاتح ولامع، وهذا ليس بسبب نظامهم الغذائي، ولكن بسبب كمية وفيرة من العصارة الصفراوية الخضراء التي في دمائها.
لكن كيف تطورت هذه السحالي للحصول على كل هذه العصارة الصفراوية الخضراء، والتي عادة ما تكون سامة بتركيزات عالية في أجهزتها؟ وقد توصلت دراسة جديدة نشرت على الإنترنت في مجلة تطور العلوم، إلى أنه من المحتمل أن تكون السلاحف قد تطور الدم لديها ليصبح الدم الأخضر وذلك من خلال تطوره أربع مرات مختلفة عبر التاريخ، مما يشير إلى أن هذه الصفة مفيدة تطوريا.
علاوة على ذلك، وجد الباحثون أن السحالي ذات الدم الأخضر قد تطورت على الأرجح من سلف أحمر، وقال الباحث البارز في الدراسة زاكاري رودريغيز، طالب الدكتوراه في قسم العلوم البيولوجية بجامعة ولاية لويزيانا، لقد تأثرنا بالتاريخ المعقد لهذه الحيوانات وفوجئنا بمدى السلالات ذات الدم الأخضر عبر السحالي.
ركزت أبحاث العلماء على السحالي من ذوات الدم الأخضر من جنس سكينك والتي موطنها الأصلي في غينيا الجديدة، ويأتي الدم الأخضر لهذه السحالي من مستويات عالية من البيليفيردين وهو صبغة العصارة الصفراوية الخضراء، عندما تتحول إلى البيليروبين التي تسبب اليرقان وتسمى أيضا الصفراء، والفائض من صباغ العصارة الصفراوية الخضراء تكسر أساسا اللون الأحمر الداكن الطبيعي لخلايا الدم الحمراء، وقال الباحثون إنه على الرغم من أن الحيوانات الموجودة في جنس السحالي ذات الدم الأخضر لديها مستويات من البيليفيردين تزيد 40 مرة عن التركيز المميت لدى البشر، إلا أن جلدهم يتمتع بصحة مدهشة.
قال رودريجيز، بالإضافة إلى وجود أعلى تركيز لبيليفيردين مسجل لأي حيوان، فإن هذه السحالي طورت بطريقة أو بأخرى مقاومة لسمية صباغ العصارة الصفراوية الخضراء، وإن فهم التغيرات الفسيولوجية الأساسية التي سمحت لهذه السحالي بالبقاء خالية من اليرقان قد يترجم إلى نهج غير تقليدي لمشاكل صحية محددة.
لفهم التاريخ التطوري لدم السحالي ذو اللون الأخضر، أجرى رودريغيز وزملاؤه تحليلا وراثيا لـ 51 نوعا من أنواع السحالي في جنس سكينك، بما في ذلك ستة أنواع تحتوي على دم أخضر (اثنان منها لم تكن معروفة من قبل للعلماء.
تشير النتائج التي توصلوا إليها إلى أن سلالات براسينهايما من السحالي تطورت لتتحول إلى دم أخضر أربع مرات مختلفة من التطور، وكلها مستقلة عن بعضها البعض، وقال الباحثون إن حقيقة تطور الحيوانات في هذا الجنس عدة مرات تشير إلى أن الدم الأخضر قد يكون مفيدا لهذه السحالي، على سبيل المثال، تظهر الدراسات السابقة أن صباغ العصارة الصفراوية يمكن أن يعمل كمضاد للأكسدة يدمر ذرات الأكسجين الحرة، الذرات المرتبطة بالمرض، وأشار الباحثون إلى أنه ما زال من غير الواضح الدور الذي يلعبه البيليفيردين في الجلد.
قد يتم حل هذا اللغز قريبا، وتخطط كريس أوستن، عالمة الأحياء في جامعة ولاية لويزيانا وزملاؤها، لدراسة الآثار المحتملة لصبغة الدم الأخضر على الملاريا والطفيليات الأخرى التي تصيب هذه السحالي من جنس سكينك، وهذا مع الباحث المشارك في الدراسة سوزان بيركنز، المنسقة والأستاذة في معهد ساكلر للجينوم المقارن وقسم علم اللافقاريات في المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي.