من هو مارتن لوثر كينج ؟

مارتن لوثر كينج جونيور ، هو القائد لحركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة ، فثابر في سعيه للحصول علي الحقوق المدنية لامة الافارقة الامريكيين ، كما اختير مارتن لوثر كينج لقيادة مقاطعة باصات مونتغومري في بداية حياته في عام 1955، وكان دائما ما يشجع النضال اللاعنفي فقام بتشكيل مؤتمر القيادة المسيحية الجنوبية ، لتنسيق الاحتجاجات الغير عنيفة ، وسلم اكثر من 2500 خطاب تظلم للمظالم التي يتعرض لها الافارقة في امريكا .

فعندما اغتيل مارتن لوثر كينج في عام 1968 ، تأثر الكثير من الشعب ، واندلعت اعمال العنف في اكثر من 100 مدينة ردا علي عملية اغتياله ، فكان مارتن لوثر كينج بمثابة بطل للكثير من مؤيدينه .

طفولة مارتن لوثر كينج :

فتح مارتن لوثر كينج عينيه لاول مرة في يوم الثلاثاء 15 يناير، عام 1929، حيث سمُي مايكل لويس كينج حتي سن الخامسة ، ولد مارتن لوثر كينج لوالده مايكل كينج الذي كان وزير المعمدان في الكنيسة المعمدانية ، ووالدته البرتا ويليامز ، وازدهر مارتن لوثر كينج مع اشقائه في عائلة من الطبقة المتوسطة ، وكانت طفولته سعيدة و آمنة، حيث استمتع مارتن بلعب كرة القدم والبيسبول ، والقيام بوظائف مختلفة ، واراد ان يكون رجل اطفاء عندما يكبر .

تلقى مارتن وإخوته دروس القراءة والعزف على البيانو من والدتهم، التي عملت بجد علي تعليمهم احترام الذات ، كما ان والده كان قدوة جريئة لهم وكان مصدر الهام لمارتن لوثر كينج في مواجهة الشر ، كان جده في ذلك الوقت القس وليامز راعي حجر المعونة في الكنيسة ، وعندما توفي الجد اثر نوبة قلبية عام 1931 تولي والد مارتن لوثر كينج مكانه حيث عمل في هذا المنصب لمدة 44 عاما .

الكنيسة والمدرسة :

تخطي مارتن لوثر كينج جميع الصفوف في المدارس العامة ، وبعدها دخل كلية مورهاوس ، وكان في ذلك الوقت هو ذلك الشاب ابن وحفيد رجل من رجال الدين ، وكان من الطبيعي ان يسير علي خطاهم ، ولكنه لم يفعل ذلك بل انه تمرد ضد الحياة الدينية عامة ، فلعب البلياردو وشرب الخمر، وذلك في اول عامين في مورهاوس ، وتخرج منها في عام 1948 ، وحصل علي البكالوريوس في الاداب وتخصص في علم الاجتماع وهو في سن التاسعة عشر .

وفي العام نفسه دخل مارتن لوثر كينج كلية كروزر للعلوم اللاهوتية في بنسلفانيا، وحصل علي شعبية كبيرة للغاية هناك حتي مع البيض ، ومع كل هذا ، يئس ان يجد فلسفة كاملة داخل نفسه .

دور غاندي في حياة مارتن لوثر كينج :

في كلية كروزر للعلوم، مارتن لوثر كينج، سمع محاضرة يلقيها الزعيم الهندي المهاتما غاندي ، واعجب كثيرا باسلوبه ، واصبح مفتون بمفهوم غاندي عن اللاعنف ، فهذا القائد العظيم تصدي للبريطانين بالحب السلمي بدلا من العنف .

فكان يعتقد ان لا يوجد فرق بين الاسلام والعقيدة المسيحية حيث الاثنين قائمين علي الحب والمساواة وهم اقوي سلاح يستخدم لانصاف اي شعب مضطهد .

كوريتا، الزوجة الصالحة :

حينما كان في بوسطن، التقى مارتن لوثر كينج امراة تدعي كوريتا سكوت، مغنية محترفة درست الموسيقي في نيو إنجلاند ، كانت تتميز بالحكمة والقدرة علي التواصل ، فسحرت مارتن لوثر كينج ، ووجد فيها كل الصفات التي يتمناها في اي امراة .

وتزوجا في 18 يونيو، عام 1953 ، وبعد زواجهما ذهبت كوريتا مع زوجها في جميع انحاء العالم، وقالت : "يا لها من نعمة، ان تكوني مشتركة مع رجل تحبينه في عمل حقيقي له تأثير علي العالم كله"

فكانت ونعم الزوجة والام وكثيرا ما خاف عليها مارتن لوثر كينج من الاخطار التي من حولها ولكنها دائما ما كانت مصرة ان تكون بجانبه .

انجب مارتن لوثر كينج وزوجته اربعة اطفال ، وبالرغم من انه لم يبق كثيرا في المنزل الا انه كان اب صالحا ، ظل هذا الزواج الناجح لمدة تصل الي 15 عاما حتي وفاة مارتن لوثر كينج .

مقاطعة باصات مونتغمري :

في مونتغمري في عام 1954، ذهب مارتن لوثر كينج إلى القس دكستر في الكنيسة المعمدانية ، حيث حدثت حادثة لسيدة سوداء كانت تركب الحافلة وطلب منها التخلي عن مقعدها لكي يجلس رجل ابيض مكانها ، وعندما رفضت السيدة روزا باركس ، قام ضابط الشرطة بالقاء القبض عليها بتهمة المخالفة .

هذه الحادثة اثارت غضب مارتن لوثر كينج كثيرا ، وبالفعل قام بحركة اضراب واتصل برجال الدين الاخرين للاتفاق علي عمل مقاطعة لكل الحافلات في كل المدينة ، هذه بالفعل خسارة فادحة لشركة الحافلات ، لذا اضطروا للانصياع لكل طلبات مارتن لوثر كينج ، فقام بصياغة مجموعة مطالب لشركة الحافلات ، استطاع مارتن لوثر كينج تأمين المطالب، واستطاع الشخص الاسود ان يركب الحافلات مثله مثل الابيض ، وخلال هذه المقاطعة تم توزيع منشورات تعلن عن الاحتجاج المخطط ، فتلقيت دعاية غير متوقعة في الصحف والإذاعة .

معركة برمنجهام :

في ابريل 1963، انضم مارتن لوثر كينج والقس فرد شاتلزوورث من الحركة المسيحية الاباما لحقوق الإنسان الي حملة عنيفة لإنهاء العزل وإجبار الشركات على توظيف السود في برمنجهام، الاباما .

اجبر مارتن لوثر كينج الجميع علي اتخاذ الفلسفة السلمية حتي بعد حبسه الانفرادي ، ولكن لم ينطبق هذا علي الشرطة المحلية حيث قامت بمعاملة المتظاهرين السود السلميين بمنتهي الوحشية ، مما اثار غضب الامة كلها ، وبدأ الكثير في ارسال الاموال دعما للمتظاهرين ، حتي ان البيض تعاطفوا معهم .

وفي غضون ايام قليلة، اصبح الاحتجاج بمثابة قنبلة متفجرة اجبرت برمنجهام علي التفاوض ، وبالفعل تم دمج الآلاف من المرافق العامة في جميع انحاء البلاد وبدأت الشركات في توظيف السود للمرة الاولى .

مسيرة إلى واشنطن :

احداث 1963 بلغت ذروتها في مارس في واشنطن العاصمة ، حيث قام السود بثورة لم يسبق لها مثيل من حيث قوتها ، فاشترك بها 250 الف شخص منهم الكثير من البيض ، كانوا قادمين لسماع مارتن لوثر كينج ، حيث القي مارتن لوثر كينج اعظم خطاب في حياته واطلق عليه "لدي حلم " فقال انه لديه حلم بانه يوم من الايام اطفاله الاربعة سوف يعيشون في مجتمع لا يكون فيه الحكم علي الناس بالوان جلودهم ولكن باخلاقهم وانه لن يفقد الامل يوما في تحقيق هذه الحلم .

شعر الجميع بسعادة غامرة لهذا الكلام ، وبدأت نجاحات مارتن لوثر كينج في الازدهار مما كان سبب في انه في عام  1964، فاز بجائزة نوبل للسلام، وتبرع بعائدات الجائزة لحركة نهوض الحقوق المدنية .

ولكنه لم يسلم من شرور ادغار هوفر مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية ، كان هوفر صاحب شخصية خبيثة ، وقدم هوفر طلب الي النائب العام روبرت كينيدي بوضع مارتن لوثر كينج تحت المراقبة المستمرة .

مارتن لوثر كينج ومشكلة الفقر :

شهد صيف عام 1964 انتشار اعمال الشغب في معازل السود في عدة مدن ، واسفرت اعمال الشغب تلك الي اضرار هائلة في الممتلكات وخسائر في الارواح ، فكل اعمال العنف والشغب هذه كانت سببها العزلة والفقر ، وعلي الرغم جهود مارتن لوثر كينج في الدفاع عن الحقوق المدنية ، الا ان الكثير من السود ما زالوا يعيشون في فقر مدقع ، وبدون وظائف ،  فكان من المستحيل ان يستطيعوا ان يتحملوا تكاليف السكن اللائق، والرعاية الصحية، او جلب الطعام مما عمل علي ولادة الغضب بداخلهم ، والإدمان، والجريمة .

اصابت اعمال الشغب هذه مارتن لوثر كينج بالانزعاج ، ولكن كان كل تركيزه علي مشكلة الفقر، لكنه لم يتمكن من فعل الدعم المتوقع ، وذلك لان السود بدأوا يبتعدوا عن المسار السلمي لمارتن لوثر كينج ، وبدلا من هذا انتقلوا للمفاهيم المتطرفة لمالكوم اكس ، فمن 1965 إلى عام 1967، لاقي مارتن لوثر كينج النقد المستمر على رسالته السلمية السلبية من خلال اقتناعه باسلوب اللاعنف .

مارتن لوثر كينج في ايامه الاخيرة :

في ربيع عام 1968، قام عمال النظافة السود بعمل اضراب ، وبالفعل انضم مارتن لوثر كينج الي المسيرة لضمان سلميتها ، ويتكلم نيابة عنهم في امور مختلفة مثل ارتفاع الاجور وما الي ذلك ، ولكن بعد بدأ المسيرة ، اندلعت اعمال الشغب ، واصيب 60 شخصا ، مما جعل مارتن لوثر كينج ينهي المسيرة عائدا الي منزله .

عاد مارتن لوثر كينج إلى ممفيس ، وفي 3 ابريل 1968، القي مارتن لوثر كينج خطابه الاخير ، وشعر بان النهاية قريبة ، فقال انه بالرغم من انه يريد حياة طويلة الا انه سيقتل هنا في ممفيس ، وبالفعل بعد ظهر يوم 4 ابريل 1968 - صعد مارتن لوثر كينج على شرفة لورين موتيل في ممفيس ، حيث حدث صوت نيران بندقية ، واذا برصاصة تنطلق لتصل الي وجه مارتن لوثر كينج ، واذا به يرتمي علي الارض ويلقي حتفه ، وتوفي مارتن لوثر كينج في مستشفى سانت جوزيف في اقل من ساعة في وقت لاحق .

اخيرا :

على الرغم من ان مارتن لوثر كينج لم يعش سوى 38 عاما ، الا ان هذه السنين كانت مليئة بالمظاهرات والمواجهات والمسيرات، والذهاب إلى السجن، والتهديدات الدائمة بالموت ، وبمقتل مارتن لوثر كينج ، عم الحزن الشديد علي كل الامة ، مما خلق الكثير من اعمال العنف والشغب العرقية في جميع انحاء البلاد .

تم نقل جثمان مارتن لوثر كينج الي اتلانتا ، جورجيا ، لكي يدفن في الكنيسة المعمدانية ، حيث كان له دورا بها كراعي مع والده رئيس المعمدانية لسنوات عديدة ، اقيمت الجنازة في يوم الثلاثاء 9 ابريل،عام 1968، وحضر الجنازة كل من كبار الشخصيات وعامة الشعب ، وخلال الجنازة قيل الكثير من الكلمات الرائعة لتأبين الزعيم القتيل ، وتم تشغيل خلال الجنازة شريط مسجل له من اخر خطاب وكان هذا بالفعل هو المديح الاكبر حينما قال " لو كان اي احد منكم موجود حينما القي حتفي ، فاعلموا انني لا اريد جنازة طويلة ، لقد حاولت طيلة حياتي ان اخدم الاخرين ، بل اردت ان احب واخدم الانسانية كلها " .

تراث مارتن لوثر كينج :

دون شك، ان مارتن لوثر كينج حقق الكثير خلال فترة قصيرة ، حيث خلال الاحد عشر عاما قام بالسفر لاكثر من ستة ملايين ميل ليعطي اكثر من 2500 خطاب ، وكتب خمسة كتب ، وشارك في ثمانية وقفات سلمية كبري اثرت بالفعل في احداث التغيير الاجتماعي ، كما انه اعتٌقل لاكثر من عشرون مرة ، ولكل هذه الاعمال العظيمة كرمه الرئيس رونالد ريجان ، وقام في نوفمبر 1983 عمل عطلة وطنية للاحتفال بهذا الرجل الذي فعل الكثير للولايات المتحدة .

مواضيع مميزة