هل يحتاج الدب القطبي إلى الجليد البحري للبقاء على قيد الحياة ؟

في كل شتاء، ينمو جليد البحر القطبي الشمالي حول القطب على طول السواحل الشمالية، ولقد تجاوز الجليد البحري الآن ذروته في تغطية هذا العام، وسيبدأ في الإنكماش مع حلول فصل الربيع، وإنه وقت حاسم بالنسبة إلى الدب القطبي الذي يرتبط إمداده الغذائي ارتباطا وثيقا بالجليد البحري.

 

وفي العقود الأخيرة، تقلص الجليد البحري بشكل أسرع من أي وقت مضى، وفقا للمركز الوطني لبيانات الثلج والجليد، وعام 2019 لديه سابع أدنى غطاء جليدي بحري في القطب الشمالي منذ أن بدأوا بجمع بيانات الأقمار الصناعية قبل 40 عاما، ويقول أندرو دروشير، عالم الدب القطبي بجامعة ألبرتا، هذا العام لا يحطم أي سجلات، لكن هذا هو الإتجاه المهم، الإتجاه التنازلي في تقلص الجليد البحري في القطب الشمالي عبر كل الأشهر وهذا مقلق بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، والآن، ننتظر لنرى ما ستجلبه ظروف الربيع.

تسمح الينابيع الباردة للجليد أن تتباطأ في الإنصهار، مما يتيح للدب القطبي الوصول بسهولة إلى أحد الأطعمة المفضلة وهي الفقمات، والينابيع الدافئة توفر الغذاء السريع، ويقول دروشير، بالنسبة إلى الدب القطبي فإن هذا هو البقاء للأسمن.

 

لدى الدب القطبي البدين تأمين أفضل للبقاء على قيد الحياة في الصيف الخالي من الجليد عندما يكون الطعام نادرا أو غير موجود، وتحتاج الإناث الأكثر بدانة إلى الطاقة لإنجاب وإرضاع صغار أصحاء بنجاح، ولم يكن هناك دب قطبي ينظر إلى بركة ذائبة ويفكر أنا سمين للغاية، هكذا يقول مازير دروشير، ولقد عرفنا منذ فترة طويلة أن الجليد البحري هو منصة هامة لدى الدب القطبي للبحث عن الصغار وتربيتهم، ولكن اتضح أن الجليد نفسه يحمل أيضا مصدرا مهمًا للطاقة، فيمكن الحصول على أكثر من 70 % من حمية الدب على الأقل بالنسبة لثلاثة من الدببة في شمال كندا من الطحالب التي تنمو على الجليد البحري، وفقا للبحث الذي نشر في عام 2018.

 

الدب القطبي وسلسلة الغذاء الجليدية المناسبة :

قد تتصور جليد البحر بإعتباره امتداد شاسع أبيض اللون، وهذا هو الرأي من الأعلى، ولكن كما هو موضح من الأسفل، فإن جليد البحر مغطى بطبقة خضراء بنية مكونة من العديد من الطحالب، وإذا كنت الآن تصور فكوك الدب القطبي الهائلة التي تمضغ وجبة جليدية مقددة مغطاة بمادة خضراء، لا هذا ليس كذلك، فالدب القطبي لا يأكل الجليد البحري مباشرة، وبدلا من ذلك، وجد الباحثون أن غالبية غذاء الدب القطبي تتكون من المخلوقات التي تعتمد في نهاية المطاف على طحالب الجليد البحري كمصدر للغذاء، وتناولت دراستهم الدب القطبي من خليج بافن، إلى خليج هدسون الغربي، وخليج هدسون الجنوبي.

 

الدب القطبي يأكل الكثير من الفقمات، وفي بعض الأماكن الحيتان البيضاء أيضا، وكل من الفقمات والحيتان تأكل السمك والكائنات الأخرى التي تحصل على طاقتها من كائنات صغيرة تسمى العوالق الحيوانية، والتي بدورها تأكل الطحالب على الجليد البحري، وإحدى الوجبات المفضلة لدى الدب القطبي الفقمة المطوقة التي تأكل مجموعة متنوعة من الأسماك والروبيان التي تلتهم العوالق التي تأكل الطحالب، ويقول توماس براون، عالم البيئة البحرية في الرابطة الإسكتلندية لعلوم البحار، إن هذه الطحالب بشكل فردي أصغر من عرض الشعر، ولكن مجتمعة، فإن لطحالب الجليد البحري الصغيرة تأثير هائل على النظم البيئية القطبية.

بعد كل شتاء طويل مظلم في القطب الشمالي، يحفز ضوء الربيع نمو الطحالب، ويوفر ذلك ربحا للمخلوقات الصغيرة التي يطلق عليها مجدافيات الأرجل ومزدوجات الأرجل والعوالق الحيوانية التي تتغذى على الجانب السفلي من الجليد البحري، وفي الصيف مع ذوبان الجليد تغرق الطحالب، والأسماك التي تنظف الرواسب والفقمات التي تأكل تلك الأسماك تخلق الروابط التي تتسلق السلسلة الغذائية إلى الدب القطبي.

 

الدب القطبي على الجليد البحري :

على مر السنين، اكتشف براون النظم الإيكولوجية القطبية من القاعدة إلى القمة، إذا جاز التعبير، وأثناء فحصه لقناديل البحر وقنفذ البحر في قاع البحر، وجد أنها تحتوي على مادة كيميائية موجودة أيضا في الطحالب الجليدية البحرية، مما يشير إلى أن الطحالب من أعلى قد أدخلت ذلك في إمداداتها الغذائية، ثم بحث براون وفريقه عن هذه المادة الكيميائية التي تسمى IP25 ، بإعتبارها علامة حيوية لوجود طحالب الجليد البحري في الدب القطبي، وتعاونوا مع المسؤولين الحكوميين في إقليم نونافوت الكندي ومع شعب الإنويت الذين قدموا عينات من كبد الدب القطبي الذي يتم إصطياده، وأظهرت النتائج أن الكربون المستمد من الجليد البحري سيطر على وجبات الحيوانات المفترسة.

 

يشيد دروشير من جامعة ألبرتا بالدراسة، مضيفا أن هناك 19 مجموعة من الدب القطبي في جميع أنحاء القطب الشمالي، وبالتالي فإن الخطوة التالية الواضحة التالية هي فحص المزيد منهم، ويضيف أنه في الوقت الذي تكون فيه الأنظمة الإيكولوجية قوية إذا قمت بنزع مكون واحد لن يكون نفس النظام البيئي مع مرور الوقت، وهو يعتقد أن الجليد البحري يشبه التربة في النظام البيئي للغابات، وإنه ركيزة ضرورية للنظام البيئي كما نعرفه.

 

يعرف الجليد البحري بالفعل بأنه موطن مهم بالنسبة إلى الدب القطبي، ولكن ماذا لو لم نر الصورة كاملة، وماذا لو كان الجليد البحري أكثر أهمية مما نعطيه؟ يقول براون، إن إنخفاض الجليد البحري يعني إنخفاض الموائل، ليس فقط بالنسبة إلى الدب القطبي، ولكن أيضا، بالنسبة للكائنات الحية الدقيقة في الجليد البحري التي تشكل جزءا كبيرا من قاعدة السلسلة الغذائية للدببة، ومع تغير توافر الجليد البحري، فقد نحتاج إلى مراجعة تقييماتنا لمدى إحتمال وجود الدبب القطبي المهدد بخطر الإنقراض، كما يقول براون، ويضيف قائلا، من المبكر للغاية معرفة ذلك ولكن من الواضح أنه بالنسبة إلى الدب القطبي فإن الجليد مهم بطرق متعددة.

مواضيع مميزة