يعد تغير المناخ خبرا سيئا للعديد من الكائنات التي تعيش في المحيطات من الشعاب المرجانية إلى السلاحف البحرية، ولكن بالنسبة لقناديل البحر، لا تبدو درجات الحرارة الأكثر دفئا والمياه الحمضية مشكلة كبيرة، وفي الواقع، نجت هذه المخلوقات من عدة فترات انقراض هائلة في الماضي، إذن، ما هو سر بقاء قناديل البحر ووجودها على قيد الحياة في جميع الظروف على ما يبدو؟
حقيقة أن قناديل البحر قابلة للتكيف بدرجة كبيرة مع المحيطات المتغيرة ليست محل شك، ولكن فكرة أن قناديل البحر سوف تستولي على المحيط هي فكرة أكثر تخمينا، وعلى الرغم من أنه يبدو أن ازدهار قناديل البحر أكثر شيوعا، إلا أن هذا التصور قد يكون ناتجا جزئيا عن المزيد من الإهتمام الإعلامي، والمزيد من المشاكل المرتبطة بالإزهار مثل عمليات إغلاق المفاعلات النووية التي حظيت بتغطية إعلامية كبيرة بسبب امتصاص أسراب من قناديل البحر في أنابيب سحب مياه التبريد، ويقول بعض الباحثين أن الإزهار جزء طبيعي من حياة قناديل البحر، وأنه قد لا يكون لدينا بيانات كافية لنقول على وجه اليقين ما إذا كانت الإزهار في ازدياد بالفعل.
في الواقع، على الرغم من أن قناديل البحر جميلة ورائعة، إلا أنها في الواقع تلقت القليل من الإهتمام البحثي مقارنة بالأنواع الأخرى من الحيوانات، على سبيل المثال، قد ذكر أن العلماء تعلموا مؤخرا كيف يتكاثر قناديل البحر ذو قبعة الزهرة، ولماذا تتكاثر في عمق مائي تفضل أن تعيش وتصطاد فيه.
كشف آخر حديث عن قناديل البحر هو أنهم لا ينجرفون دائما مع التيار فقط، ولكن بعض الأنواع يمكنها في الواقع السباحة ضد التيار، وعلاوة على ذلك، يمكن لقناديل البحر البرميلية هذا اكتشاف اتجاه تيارات المحيط، على الرغم من افتقارها إلى العيون، ولذلك، بينما نعرف العديد من الأسباب التي تجعل قناديل البحر ناجية جيدة، لا يزال هناك الكثير لنتعلمه عنها.
تم الإكتشاف عن غير قصد بواسطة كريستيان سومر، وهو طالب ألماني في علم الأحياء البحرية في أوائل العشرينات من عمره، وكان يقضي الصيف في رابالو وهي مدينة صغيرة على الريفيرا الإيطالية، وكان سومر يجري بحثا عن اللافقاريات الصغيرة التي تشبه قناديل البحر أو المرجان الناعم اعتمادا على مرحلتها في دورة حياتها، وكل صباح كان سومر يذهب للغطس في المياه الفيروزية قبالة منحدرات بورتوفينو، وقام بمسح قاع المحيط بحثا عن الأبابيات أو الحيوانات الهيدرية، وجمعها بشبكات العوالق، ومن بين مئات الكائنات الحية التي جمعها كان نوعا صغيرا غامضا نسبيا يعرفه علماء الأحياء باسم تيريوبسيس دورني، واليوم هي معروفة أكثر باسم قناديل البحر الخالدة.
أبقى سومر الأبابيات في أطباق بتري وراقب عادات التكاثر لديها، وبعد عدة أيام، لاحظ أن قناديل البحر الخاصة به كانت تتصرف بطريقة غريبة للغاية، والتي لم يستطع افتراض أي تفسير أرضي لها، ومن الواضح أنها رفضت أن تموت، وبدا وكأنها تشيخ في الإتجاه المعاكس، وتنمو أصغر وأصغر سنا حتى وصلت إلى أولى مراحلها التطورية، وعند هذه النقطة بدأت دورة حياتها من جديد.
كان سومر محيرا من هذا التطور لكنه لم يدرك أهميته على الفور، (مر ما يقرب من عقد من الزمان قبل استخدام كلمة خالدة لأول مرة لوصف الأنواع) ولكن العديد من علماء الأحياء في جنوة كانو مفتونين باكتشاف سومر، وواصلوا دراسة قناديل البحر، وفي عام 1996 نشروا ورقة بعنوان عكس دورة الحياة، ووصف العلماء كيف يمكن لأنواع قناديل البحر هذه في أي مرحلة من مراحل تطورها أن تحول نفسها مرة أخرى إلى سليلة، وهي المرحلة الأولى من حياة الكائن الحي، وبالتالي الهروب من الموت وتحقيق الخلود المحتمل لقناديل البحر.