قصة السندباد البحري و رحلته الخامسة

قصة السندباد البحري تزداد اثارة مع كل مغامرة جديدة يخوضها السندباد في اقاصي البلاد و يتعلم منها درسا جديدا بعد رؤيته للاهوال الضخام فيقص قصصه علي هندباد الشيال الفقير ليتعلم منها و يتخذها عبره فاستمتع معه ومع اطفالك بقراءة رحلة السندباد البحري الخامسة .

يحكي سندباد قائلا : بالرغم من كل المشاكل والمصائب التي تعرضت لها في رحلاتي السابقة الا انني لا استطيع ان امتنع عن الشعور بانني اريد رحلات بحرية جديدة ، لذا اشتريت بعض البضائع، وغادرت مع بعض البحارة ، وكانت هذه المرة السفينة ليس لها قبطان ، وتوليت انا ادارتها ، وعندما اصبحت السفينة جاهزة ومحملة بالبضاعة ، اتخذت معي علي السفينة العديد من التجار من مختلف الدول، مع بضاعتهم.

 



سافرنا هذه المرة مع رياح عادلة، وبعد ملاحة طويلة، كان المكان الأول الذي تطرقنا اليه هو جزيرة صحراوية، حيث وجدنا بيضة الطائر الضخم تقريبا في نفس الحجم الذي وجدناه مسبقا ، وكانت البيضة تقريبا جاهزة للفقس ، وكانت تلوح بمنقارها لكسر البيضة ، وجاء التجار الذين نزلوا معي علي الجزيرة لكسر البيضة بالفؤوس، لمساعدتها وعمل ثقب يساعددها علي الخروج ، وهنا قال احد البحارة علي السفينة لهم : يجب ان لا تتدخلوا في هذه المسألة الخاصة بالبيض هذه ، فهذا العبث قد يؤدي الي نتائح غير مستحبة بالنسبة لنا .


ولم ينتهي الرجل من نصيحته هذه ، حتي ظهر في الهواء، وعلى مسافة بعيدة، اثنين من الغيوم الكبيرة ، واتضح ان هذه الغيوم هي لذكر وانثي الطائر العملاق ، فهم والدي البيضة التي عبثوا بها ، هنا شعر سندباد بالذعر خوفا من ان يكرر نفس التجربة التي تعرض لها مسبقا ، فيحكي سندباد ان كل من الطائران العملاقان اخذوا يقتربون مع ضوضاء مخيفة، وهذا تضاعف عندما رأوا البيضة مكسورة وواحد من صغارهم قد ذهب بالفعل ، حلقوا مرة اخري واختفوا لبعض الوقت ، ولكنهم سرعان ما عادوا ثانية ، وكان كل واحد منهم يحمل بين مخالبه صخرة هائلة ، وجاؤا مباشرة باتجاه سفينتي، واخذوا يرمونهم باتجاه منتصف السفينة لتقسيمها إلى أجزاء.


تم سحق البحارة والركاب جميعم وماتوا في الحال ، ومنهم من سقط في البحر وكان من ضمنهم انا ، ولحسن الحظ  استطعت ان امسك بقطعة من الحطام، وان اسبح ، وساعدني علي ذلك الرياح والمد والجزر ، فرمتني هذه الرياح علي جزيرة اخري ، وهبطت بسلام على الشاطئ ، جلست على العشب، لاسترداد نفسي من التعب الذي تعرضت له ، وبعد ذلك ذهبت إلى الجزيرة لاستكشافها ، فوجدت بها حديقة لذيذة جدا ، ووجدت ايضا الأشجار في كل مكان، وبعضها تحمل الثمار الناضجة الخضراء وغيرها، ووجدت مجاري المياه النقية العذبة ، فأكلت علي الفور من ثمار الاشجار ، وشربت من بعض الماء، التي كانت خفيفة جدا و جيدة .


وبينما كنت اتجول في الجزيرة، رأيت رجل عجوز، والذي بدا ضعيفا جدا وعجوزا ، وكان يجلس هذا الرجل على ضفة تيار، ففي البداية توقعت أنه يمكن ان يكون واحد من الغرقى أمثالي ، ذهبت نحوه وقمت بتقديم التحية له، لكنه لم يرد علي التحية فقط انحنى برأسه قليلا ، وعندما سألته لماذا يجلس هكذا ، لم يرد علي ايضا ، وبدلا من الرد ، اشار لي ان اخذه علي ظهري واحمله .


اعتقدت في بداية الامر انه بحاجة الي مساعدتي ، وبالفعل حملته علي اكتافي ، ولكنه لم يكتفي من مجرد المساعدة بل اراد ان يظل علي اكتافي طوال الوقت ، فكان يلقي بساقيه برشاقة حول عنقي طوال الوقت ، ويجلس منفرج الساقين على كتفي، واخذ يضم ساقيه علي حلقي لدرجة أنني اعتقدت أنه قد يخنقني، مما جعلني أغمي علي ، وعلى الرغم من تعرضي للاغماء، الا ان الرجل لا يزال يحتفظ بمقعده على رقبتي ، وعندما بدأت استعيد أنفاسي، أدهشني وقاحة هذا الرجل عندما اجبرني على الانتفاض ضد إرادتي ، وجعلني احمله تحت الاشجار لكي يجمع الفاكهة ويأكلها ، ولم يترك اكتافي لحظة ، حتي عندما اردت الاستراحة ليلا وضع نفسه بجانبي وظلت رجليه حول عنقي ، وفي الصباح اخذ يوقظني لكي اقوم وامشي به.


وفي يوم ما ، وجدت عناقيد عنب جافة تتساقط من شجرة ، وأخذت واحدة كبيرة، وبعد تنظيفها، ضغطت عليها فاعطتني بعض عصير العنب، واخذت اشرب منه ، وركنت باقي العصير ليوم اخر في مكان مناسب ، وبعد ان ذهبت الي هناك مرة أخرى بعد بضعة أيام، تذوقت العصير الذي تركته ووجدته طعمه مختلف تماما كما انه أعطاني قوة جديدة، مما اثار معنوياتي اوبدأت في الغناء و الرقص ، واصبحت احمل الرجل العجوز بكل سهولة من ذي قبل، وجاءت لي فكرة ان اعطيه بعضا من هذا العصير ، وبمجرد ان شرب الرجل العجوز من هذا المشروب ، بدأ في الغناء وتحرك اخيرا من علي كتفي فلم يعد يضغط علي رقبتي كما كان يفعل وبمجرد ان قام بذلك القيت به علي الارض حيث رقد دون ادني حركة ، وقمت بابعاده عني .


كنت سعيد للغاية من أنني قمت بالتحرر من هذا الزميل المزعج ، ومشيت فورا نحو الشاطئ، حيث التقيت هناك طاقم سفينة كانت سترحل ، وفوجئوا لرؤيتي، ولكنهم اندهشوا من سماع تفاصيل مغامراتي ، ولم يستغربوا من قصة الرجل العجوز ، فقد عمل هذا الرجل علي تدمير العديد من الرجال.


جاء قبطان السفينة لكي يتعرف علي وكان لطيفا للغاية معي ، وبدأنا في الابحار لبعض الايام ، ووصلنا الي ميناء مدينة عظيمة، فكانت المنازل تدلى من البحر ، وكان اهل هذه المدينة اشخاص محبوبين للغاية واعطونا الكثير من البضاعة ، واوصلونا إلى غابة كثيفة تحتوي علي الكثير من أشجار الكاكاو.

وعندما دخلنا الي تلك الغابة شاهدنا عددا كبيرا من القردة التي كانت بعدة أحجام، والتي فرت بمجرد أن نظروا لنا، وصعدوا إلى قمم الأشجار بسرعة مذهلة ، وكانوا التجار الذين معي يجمعون الحجارة، ويلقون بها علي القرود على الأشجار ، والقرود، بدافع الانتقام، ألقت هي الاخري بجوز الهند علينا ، استطعنا حينها جمع الكثير من جوز الهند ، واخذنا هذه الحيلة برمي الحجارة لاثارة غضب القرود وترمي الكثير من جوز الهند.


جمعنا الكثير من جوز الهند واستطعت كسب الكثير من الاموال ، بعدها عدت الي بغداد مع مبالغ طائلة من تجارة الفلفل واللؤلؤ وجوز الهند ، واعطيت الفقراء العشر من مكاسبي ، وبعد ان انهي سندباد حكاياته علي هندباد ، امر باعطائه مائة ترتر اخرين وطلب منه وغيره من الضيوف تناول العشاء معه في اليوم التالي، لسماع قصة رحلته السادسة.

مواضيع مميزة