من هو أبو الهول ؟ ولماذا تم بناءه ؟

تمثال أبو الهول الموجود في مدينة الجيزة في مصر هو تمثال عملاق مصنوع من الحجر الجيري يصل عمره إلى 4500 عام، ويقع تمثال أبو الهول بالقرب من الهرم الأكبر، ويعد تمثال أبو الهول الكبير من أكبر المعالم الأثرية في العالم، ويبلغ طوله 240 قدمًا (73 مترًا) وارتفاعه 66 قدمًا (20 مترًا)، كما أنه واحد من أكثر الآثار القديمة التي عرفها المصريون القدماء، على الرغم من أن أصول وتاريخ الهيكل الضخم مازالت موضع نقاش بين علماء الآثار حتى الآن.

 

 

من هو أبو الهول؟
أبو الهول هو مخلوق له جسم أسد ورأس إنسان، مع بعض الإختلافات، كما إنه شخصية بارزة تواجدت في الأساطير المصرية والآسيوية واليونانية، وفي مصر القديمة، كان أبو الهول وصيًا روحيًا غالبًا ما يُصور على أنه رجل ذو غطاء فرعون كما هو الحال في تمثال أبو الهول العظيم وغالبًا ما كانت أشكال المخلوقات مدرجة في مجمعات المقابر والمعبد، فعلى سبيل المثال، كان هناك ما يسمى بزقاق أبو الهول وكان يوجد في صعيد مصر وهو عبارة عن طريق يمتد لمسافة ميلين يربط معابد الأقصر والكرنك ويصطف مع تماثيل أبو الهول الأخرى.

 

كما وجد أبو الهول في العديد من الأحوال وهو يشبه فرعون مثل ما حدث مع الملكة حتشبسوت الأنثى، ويوجد أيضا تمثال أبو الهول من الجرانيت في متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك وأبو الهول المرمر الكبير في معبد رمسيس في ممفيس، مصر، وظهر أيضا أبو الهول الآسيوي والذي كان مستورد من آسيا واليونان حوالي القرن الخامس عشر حتى السادس عشر قبل الميلاد مقارنةً بالنموذج المصري، وكان أبو الهول الآسيوي له أجنحة نسور، وكثيراً ما كان أنثى، وغالبًا ما كان يجلس على ظهره نسرا بمخلب واحد مرفوع دائما في الصور، في التقاليد اليونانية، كان لأبي الهول أيضًا أجنحة، وكذلك ذيل ثعبان، وفي الأساطير، يلتهم كل المسافرين غير القادرين على الإجابة عن لغزه.

 

 

كم عمر أبو الهول الحقيقي ؟
تشير النظرية الأكثر شيوعًا والمقبولة على نطاق واسع حول تمثال أبي الهول العظيم إلى أن التمثال نُصب للفرعون خفرع (حوالي 2603-2578 قبل الميلاد)، وتشير النصوص الهيروغليفية إلى أن والد خفرع، فرعون خوفو، بنى الهرم الأكبر، والذي هو أقدم وأكبر الأهرامات الثلاثة في الجيزة وعندما أصبح فرعون، بنى خفرع هرمه الخاص بجانب أبيه.

 

وعلى الرغم من أن هرم خفرع أقصر من الهرم الأكبر بـ 10 أقدام، إلا أنه محاط بمجمع أكثر تفصيلاً يتضمن تمثال أبو الهول العظيم وغيره من التماثيل، وتشير بقايا الأصباغ الحمراء على وجه تمثال أبو الهول إلى أن التمثال ربما يكون قد تم رسمه، وبالنظر إلى تنظيم الأهرامات وأبو الهول، يعتقد بعض العلماء أنه قد يكون هناك غرض أسطوري طبقا لاعتقادات الفراعنة لأبو الهول الكبير، وهو إعادة إحياء روح الفرعون خفرع من خلال توجيه قوة الشمس وغيرها من الآلهة.

 

 

هل الفرعون خفرع هو نفسه أبو الهول ؟
توجد العديد من الأدلة التي تربط أبو الهول العظيم بالفرعون خفرع ومجمع المعبد، فيتشابه رأس أبو الهول بشكل مذهل مع وجهه وخاصة مع تمثال بالحجم الطبيعي لخفرع وجده عالم الآثار الفرنسي أوغست مارييت في معبد الوادي في أطلال مبنى يقع بجوار تمثال أبو الهول العظيم في منتصف القرن التاسع عشر.

 

بالإضافة إلى ذلك، اكتشف مارييت بقايا طريق (طريق سير) يربط معبد الوادي بمعبد جنائزي بجوار هرم خفرع وفي أوائل القرن العشرين، حفر عالِم الآثار الفرنسي إميل باريز مبنىً آخر (معبد أبو الهول) مباشرةً أمام تمثال أبو الهول المماثل للتصميم لمعبد الوادي، وفي الثمانينيات من القرن الماضي، اكتشف الباحثون أدلة على أن الكتل الجيرية المستخدمة في جدران معبد أبو الهول جاءت من الخندق المحيط بالتمثال الكبير، مما يشير إلى أن العمال نقلوا مقلع الأحجار لمعبد أبو الهول أثناء قيامهم بتقطيع تمثال أبو الهول العظيم أثناء بنائه.

 

يقدر الباحثون أن الأمر قد احتاج 100 شخص لمدة 3 سنوات لنحت تمثال أبو الهول العظيم من كتلة واحدة من الحجر الجيري، ولكن هناك بعض الأدلة على أن هؤلاء العمال ربما استقالوا فجأة قبل الإنتهاء التام من مجمع أبو الهول والمعبد، حيث وجدوا حجر الأساس المحجر جزئياً وبقايا غداء العمال وأدواتهم.

 

 

نظريات أخرى متعلقة بأبو الهول :
على مر السنين، طرح الباحثون العديد من النظريات الأخرى عن أصول أبو الهول، وتشير بعض النظريات إلى أن وجه تمثال أبو الهول يشبه في الواقع خوفو، وبالتالي بنى خوفو هذا الهيكل، وبدلاً من ذلك، بنى فرعون غافر، الأخ غير الشقيق لخفرع وابن خوفو الآخر، تمثال أبي الهول العظيم في ذكرى والده، وتقول نظريات أخرى أن التمثال يصور أمنمحات الثاني (حوالي 1929 حتى 1895 قبل الميلاد) على أساس نمط المشارب على قماش رأس أبو الهول، ويزعم بعض العلماء أيضًا أن تمثال أبو الهول الكبير أكبر بكثير مما يعتقد على نطاق واسع، استنادًا إلى العمر المحتمل للجسر أو أنماط تآكل التمثال المختلفة.

 

 

ما هو لغز أبو الهول ؟
ما وصفه المصريون بأبو الهول العظيم خلال بدايته لايزال لغزًا، لأن كلمة أبو الهول تنبع من الأساطير اليونانية بعد حوالي 2000 عام من بناء التمثال، كما أنه من غير الواضح فيما يتعلق بالمصريين الذين حملوا تمثال أبو الهول في المملكة القديمة (2613-2181 قبل الميلاد)، حيث يوجد عدد قليل من النصوص التي تناقش التمثال، ومع ذلك، ربط خفرع نفسه مع الإله حورس وأبو الهول العظيم، وقد يُعرف باسم هارماخيت "حورس في الأفق"، كما كان الحال في عصر الدولة الحديثة (1570-1069 قبل الميلاد)، ومهما كان الأمر، بدأ التمثال يتلاشى في الخلفية الصحراوية في نهاية المملكة القديمة، وفي هذه المرحلة تم تجاهله لعدة قرون.

 

وتحكي النقوش على لوح من الجرانيت الوردي بين أقدام أبو الهول الكبرى قصة كيف تم حفظ التمثال من رمال الزمن، وتحكي لنا أن الأمير تحتمس، ابن أمنحتب الثاني، سقط نائماً بالقرب من أبو الهول، وفي حلم تحتمس، اشتكى التمثال، الذي يطلق على نفسه هارما خيت، من حالة الفوضى التي توصل إليها وأبرم صفقة مع الأمير الشاب بأنه سوف يساعده على أن يصبح فرعونًا إذا ما أزال الرمال من التمثال واستعادها.

 

وسواء كان الحلم قد حدث بالفعل أم لا وهذا غير معروف، إلا أن الأمير أصبح في الواقع الفرعون تحتمس الرابع، وفي عصره ظهرت التماثيل واللوحات والأرتفاعات للشخصية في جميع أنحاء البلاد وأصبح أبو الهول رمزا للملكية وقوة الشمس.

 

 

إستعادة أبو الهول :
في النهاية تم نسيان أبو الهول العظيم مرة أخرى، وعانى جسمه من التآكل وأصبح وجهه متضرراً بمرور الوقت، ورغم أن بعض القصص تدعي أن قوات نابليون أطلقت النار على أنف التمثال بمدفع عندما وصلوا إلى مصر في عام 1798، إلا أن رسومات القرن الثامن عشر تشير إلى أن الأنف قد فقد قبل تلك الحادثة بفترة طويلة، وعلى الأرجح انه تم تدمير الأنف عن قصد من قبل البعض في القرن الخامس عشر للإحتجاج على عبادة الأصنام، وهناك جزء من شعار أبو الهول الملكي من الكوبرا من غطاء الرأس ولحيته المقدسة قد إنقطع أيضًا، والذي يتم عرضه الآن في المتحف البريطاني.

 

وتم دفن تمثال أبو الهول في الرمال حتى أكتافه حتى أوائل القرن التاسع عشر، عندما حاول مغامر من جنو يدعى الكابتن جيوفاني باتيستا كافاليا (وفشل في النهاية) اكتشاف التمثال مع فريق مكون من 160 رجلاً، وتمكن مارييت من إزالة بعض الرمال من جميع أنحاء التمثال المنحوت، وقام بارايز بعملية تنقيب كبيرة أخرى في القرنين التاسع عشر والعشرين حتى عام 1930 حيث تمكن عالم الآثار المصري سليم حسن من تحرير المخلوق أخيرًا من قبره الرملي.

 

اليوم، يستمر تمثال أبو الهول في التدهور بفضل الرياح والرطوبة والتلوث، وكانت جهود الترميم مستمرة منذ منتصف القرن العشرين، والتي فشل بعضها وأحدثت في النهاية المزيد من الأضرار بأبو الهول، وفي عام 2007، علمت السلطات أن منسوب المياه تحت التمثال يرتفع بسبب تصريف مياه الصرف الصحي في قناة مجاورة، وكانت تنتشر الرطوبة في نهاية المطاف من خلال الحجر الجيري المسامي للهيكل، مما تسبب في انهيار الصخور وكسرها في رقائق كبيرة في بعض الحالات، وقامت السلطات بتركيب مضخات قريبة من تمثال أبو الهول العظيم، مما أدى إلى تحويل المياه الجوفية وإنقاذ الآثار من المزيد من الدمار.

مواضيع مميزة