قبل ان نتكلم عن الشيوعية يجب ان نفهم اولا ما هو مفهوم الشيوعية ، فالشيوعية هي الأيديولوجية السياسية التي يعتقد أن المجتمعات يمكنها تحقيق المساواة الاجتماعية الكاملة من خلال القضاء على الملكية الخاصة لاي شخص ، ومفهوم الشيوعية بدأ مع كارل ماركس وفريدريك انجلز في عام 1840 ، ولكن في نهاية المطاف انتشر في جميع أنحاء العالم، ويجري تكييفه للاستخدام علي حسب البلد حيث وجدت الشيوعية في الاتحاد السوفياتي والصين وألمانيا الشرقية، كوريا الشمالية، كوبا، فيتنام، وغيرها.
وبعد الحرب العالمية الثانية، هذا الانتشار السريع لـ الشيوعية هدد البلدان الرأسمالية، وأدي إلى الحرب الباردة ، فمن قبل عام 1970، وبعد ما يقرب من مائة سنة بعد وفاة ماركس، عاش أكثر من ثلث سكان العالم تحت شكل من أشكال الشيوعية، ومنذ سقوط جدار برلين في عام 1989، اصبحت الشيوعية في شكل من اشكال الانخفاض.
من الذي اخترع الشيوعية :
مخترع الشيوعية هو الفيلسوف والمنظر الألماني كارل ماركس، فهوالذي يرجع إليه الفضل في تأسيس المفهوم الحديث للشيوعية، وماركس هو وصديقه الفيلسوف الاشتراكي الألماني فريدريك إنجلز وضعوا لأول مرة الإطار لفكرة الشيوعية في بيانهم الشيوعي الذي نشر في الأصل باللغة الألمانية في عام 1848.
والشيوعيةاكتسبت موطئ قدم قوي في العالم خلال النصف الأول من القرن العشرون ،ومع ثلث سكان العالم الذين يعيشون في ظل نوع من انواع الشيوعية منذ 1970 ، الا انه في وقت لاحق من عقد من الزمان، نجد العديد من الحكومات الشيوعية الكبرى في جميع أنحاء العالم أطاحوا بالشيوعية مما أدى الى انهيارها.
الشقوق الأولى في الجدار كانت السبب وراء انهيار الشيوعية :
منذ ان توفي جوزيف ستالين الشيوعي في شهر مارس من عام 1953، حيث كان هو الزعيم الشمولي للاتحاد السوفيتي ( روسيا الان ) ، وكان للاتحاد السوفياتي قوة صناعية كبرى ، ادت وفاته الي صراع في السلطة لقيادة الاتحاد السوفياتي ، وعلى الرغم من عهد الإرهاب الذي حدده نظام ستالين، الا ان تم نعى وفاته من قبل الآلاف من الروس وانتشر الشعور العام بعدم اليقين حول مستقبل الدولة الشيوعية.
وظهر نيكيتا خروشوف في نهاية المطاف ولكن حالة من عدم الاستقرار والتي سبقت صعوده إلى رئاسة الوزراء قد شجعت بعض المضادين لـ الشيوعية داخل الدول التابعة لأوروبا الشرقية ان يقوموا بالانتفاضات في كل من بلغاريا وتشيكوسلوفاكيا ولكنها قمعت بسرعة ولكن بعدها وقعت واحدة من أهم الثورات في ألمانيا الشرقية.
وفي يونيو من عام 1953، قام العمال في برلين الشرقية باضراب احتجاجا على الأوضاع في البلاد التي سرعان ما انتشرت إلى بقية الأمة، وتم سحق الإضراب بسرعة من قبل القوات العسكرية الألمانية الشرقية والاتحاد السوفيتي وتم البعث برسالة قوية مفادها أن أي معارضة ضد الحكم الشيوعي سيتم التعامل معها بقسوة.
ومع ذلك، استمرت الاضطرابات في الانتشار في جميع أنحاء أوروبا الشرقية وضربت ذروتها في عام 1956، عندما رأى كل من المجر وبولندا تظاهرات حاشدة ضد الحكم الشيوعي والنفوذ السوفيتي ، وغزت القوات السوفيتية هنغاريا في نوفمبر عام 1956 لسحق ما يسمى الآن بالثورة المجرية.
وادي ذلك الي وفاة العشرات من الهنغاريين نتيجة لهذا الغزو، وقام هذا الغزو بإرسال موجات من القلق في جميع أنحاء العالم الغربي.
نهاية حركة التضامن :
عام 1980شهد ظهور ظاهرة أخرى من شأنها ان تبعد في نهاية المطاف قوة الاتحاد السوفيتي ونفوذه،فحركة التضامن من قبل الناشط البولندي ليخ فاليسا ظهرت كرد فعل على السياسات المتبعة من قبل الحزب الشيوعي البولندي في عام 1980.
وفي أبريل 1980، قررت بولندا ان تقوم بالحد من دعم المواد الغذائية، والتي كانت هي شريان الحياة للكثير من البولنديين الذين يعانون من صعوبات اقتصادية، فقرر عمال أحواض السفن البولندية في مدينة غدانسك تنظيم إضراب عندما حرموا من التماسات زيادات الأجور ، وقاموا بالاضراب وسرعان ما انتشر هذا في جميع أنحاء البلاد، فنجد عمال المصانع في جميع أنحاء بولندا صوتوا على الوقوف تضامنا مع عمال غدانسك.
واستمرت الغارات خلال الأشهر ال 15 المقبلة، مع المفاوضات الجارية بين قادة التضامن والنظام البولندي الشيوعي ، وأخيرا، قررت الحكومة البولندية في شهر تشرين الأول من عام 1982 ترتيب الأحكام العرفية الكاملة ، مما شهد نهاية لحركة التضامن ، وعلى الرغم من الفشل النهائي لها، الا انها شهدت حركة انذار لنهاية الشيوعية في أوروبا الشرقية.
غورباتشوف الزعيم الجديد :
في مارس عام 1985، حصل الاتحاد السوفياتي علي زعيم جديد وهو ميخائيل غورباتشوف، والذي كان شخصا اصلاحي وتطلعي، وكان يعرف ان الاتحاد السوفياتي يواجه العديد من المشاكل الداخلية، وليس أقلها الانكماش الاقتصادي اوالشعور العام بالسخط ، فكان يريد وضع سياسة واسعة لإعادة الهيكلة الاقتصادية، والتي وصفها بالبيريسترويكا.
ولكن غورباتشوف عرف ايضا أن البيروقراطية القوية للنظام قد وقفت في كثير من الأحيان في طريق الإصلاح الاقتصادي في الماضي ، وانه يحتاج لوقوف الشعب الي جانبه للضغط على البيروقراطيين، وبالتالي قام بأدخال اثنين من السياسات الجديدة وهم :الانفتاح و الديمقراطية.
وكانت هذه السياسات الجديدة مخصصة لتشجيع المواطنين الروس العاديين للتعبير علنا عن قلقهم وعدم رضاهم عن النظام ، فكان غورباتشوف لديه أمل في أن سياسات تشجيع الناس على التحدث علنا ضد الحكومة المركزية، تعمل في الضغط على البيروقراطيين في الموافقة على اصلاحاته الاقتصادية المنشودة، وكان لهذه السياسات تأثير مقصود منه، ولكن سرعان ما خرجت عن نطاق السيطرة.
وعندما أدرك الروس انهم لديهم الحرية الكاملة ، ذهبت شكاواهم إلى ما هو أبعد من مجرد السخط من النظام والبيروقراطية،فكل من مفهوم الشيوعية، وتاريخها، وأيديولوجيتها وفعاليتها كنظام للحكم جاء للنقاش ، وبدون شك ان هذه السياسات الديمقراطية جعلت لغورباتشوف شعبية كبيرة في كل من روسيا وخارجها.
هبوط الشيوعية مثل الدومينو :
عندما شعر الشعب في جميع أنحاء أوروبا الشرقية أن الروس لن يفعلوا شيئا يذكر لقمع المعارضة، شرعوا في تحدي الأنظمة الخاصة بهم والعمل على تطوير نظم تعددية في بلدانهم واحدا تلو الآخر، مثل قطع الدومينو، وبدأت الأنظمة الشيوعية في أوروبا الشرقية في السقوط.
وبدأت موجة في المجر وبولندا وذلك في عام 1989، وسرعان ما انتشرت إلى تشيكوسلوفاكيا وبلغاريا، ورومانيا ، وألمانيا الشرقية أيضا، وقد هزت المظاهرات جميع أنحاء البلاد وأدت في نهاية المطاف الي السماح الي المواطنين بالسفر مرة أخرى إلى الغرب، وهناك العشرات من الاشخاص عبروا الحدود ، وتجمعوا حول جدار برلين ، بعد ان امتنعوا عن رؤية بعضهم البعض اكثر من 30 عاما.
وكانت الحكومة الألمانية الشرقية غير قادرة على الإمساك بالسلطة وإعادة توحيد ألمانيا ووقعت بعد فترة وجيزة، وفي ديسمبر من عام 1991، تفكك الاتحاد السوفياتي وتوقف عن الوجود، وكان هذا هو المسمار الأخير في الحرب الباردة مما وضع حدا لـ الشيوعية في أوروبا.
وعلى الرغم من أن الشيوعية قد اختفت ، الا انه لا تزال هناك دول تتبع النظام الشيوعي هذا مثل :الصين، كوبا، لاوس وكوريا الشمالية وفيتنام.