كيف الذكاء الصناعي يغير أبحاث الحياة البرية ؟

تدرك الباحثة جينا ستايسي داوز في سان دييجو تمام المعرفة نتائج بحثها، فقد انخفضت الزرافات الشبكية عبر المناطق في الحياة البرية في شمال كينيا التي تدرسها بنسبة تصل إلى 70 % في الثلاثين سنة الماضية، وفي جميع أنحاء إفريقيا تقلصت أعداد الزرافات بنسبة 40 % في نفس الفترة وصولا إلى أقل من 100000 فرد، ويسارع علماء الأحياء لتقييم أعدادهم وحركاتهم وموائلهم المفضلة لضمان حماية تلك المناطق، ولكن الطريقة التقليدية لحساب الزرافات بإستخدام المسوحات الجوية تكلف الوقت والمال، وكلاهما غير متاح في عالم الزرافة.

 

أدخل كتاب البرية برنامج برمجي طورته شركة بريتي التي لا تهدف للربح والتي تتخذ من بورتلاند مقرا لها، والتي تعمل تلقائيا على التعرف على الحيوانات الفردية من خلال أنماط معطفها الفريدة أو غيرها من الصفات المميزة، مثل شكل وحدود الأذن، وبمساعدة كتاب البرية ومؤسسة حفظ الزرافة الغير ربحية ستايسي داوز منسقة الأبحاث في معهد بحوث الحفظ في حديقة الحيوان، وزملاؤها القادرون على جمع سكان الزرافة بالصور على مدار يومين، وتحميل الصور وبيانات الموقع إلى قاعدة بيانات مراقبة الزرافات الخاصة بهم حتى يظهر تقييم سكاني قوي، وحتى الآن ، استخدموا كتاب البرية لتقييم أعداد الزرافات لثلاث محميات في الحياة البرية بشمال كينيا.

قبل التقييم السكاني لم يكن شيئا يمكنك القيام به، وتقول ستايسي إنه أمر لا يصدق، لقد كان من المفيد حقا السماح لنا بالعمل بشكل أسرع وفهم عدد السكان بشكل أفضل من أي وقت مضى في الحياة البرية، وبحلول نهاية العام، سيكون قاعدة بيانات مراقبة الزرافات في الحياة البرية متاح للجمهور بحيث يمكن للجميع من المتنزهين إلى السياح في رحلات السفاري تحميل صور الزرافات ومعلومات الموقع إلى قاعدة البيانات عبر الإنترنت، وتقول، يمكننا زيادة جهودنا الدراسية بعشرة أضعاف عن طريق تمكين السياح والعلماء المواطنين من المساهمة في أبحاثنا، وهذا توفر لنا مجموعة كبيرة من البيانات التي لم يكن من الممكن الوصول إليها من قبل.

 

مرحبا بكم في عالم الذكاء الصناعي في خدمة الحفظ حيث بعض الإضافات الأكثر صعوبة في العمل لفريق البحث ليسوا العلماء الرئيسيين أو المتدربين ولكن أجهزة الكمبيوتر التي لا تعرف الكلل، فقط الذكاء الصناعي يساعد أمازون أليكس، ومرشح البريد العشوائي من الجي ميل، واقتراحات أصدقاء الفيس بوك الجديدة، فهو يستخدم الآن لمساعدة عالم الحيوانات في الحياة البرية، وإن الذكاء الصناعي على الطريق الصحيح لإنجاز المهام التي يقوم بها الباحثون يدويا، بدءا من تحديد الحيوانات الفردية من الصور للدراسات السكانية إلى تصنيف ملايين الصور الفوتوغرافية التي تم جمعها من قبل علماء المجال، وبفضل التقدم في مجال الحوسبة والتعلم الآلي، أصبحت أجهزة الكمبيوتر الآن قادرة على التعلم بمفردها بإستخدام بنوك البيانات.

 

التنافس في مشاهدة الحياة البرية على اليوتيوب :

بالإضافة إلى ميكروسوفت إيه أي للأرض التي تعمل طويلا مع ناشونال جيوغرافيك ويساعدها في تمويلها، توجد أيضا إصدارات الحياة البرية من جوجل أيضا، وكلاهما يتعاونان مع الباحثين لطرح تحليل صور فخاخ الكاميرات، ويعمل برنامج ميكروسوفت وهو مشروع مدته خمس سنوات بتكلفة 50 مليون دولار يوفر للباحثين الوصول إلى أدوات الذكاء الصناعي لحل التحديات البيئية، مع كتاب البرية لخفض تكلفة قواعد بيانات كتاب البرية الجديد، والهدف هو الانتقال من تكاليف بدء التشغيل إلى عشرات الآلاف من الدولارات إلى تكلفة تشغيل سنوية قدرها 1000 دولار.

 

يدير كتاب البرية بالفعل قواعد بيانات لـ 20 نوعا من الحيوانات التي تعيش في الحياة البرية، وتتراوح من الجاكوار إلى الحمير الوحشية، ولكن هناك الآلاف من الأنواع الأخرى في الحياة البرية التي يمكن تدريب أجهزة الكمبيوتر على تحديدها، وعادة ما يتم استخدام كل كتاب البرية بشكل تعاوني من قبل منظمات متعددة ومختبرات الأبحاث مع امتلاك الباحثين الأفراد بياناتهم الخاصة ضمن قاعدة بيانات كتاب البرية.

 

أحدث ابتكارات كتاب البرية هي عميل ذكي، أو روبوت يتجول عبر يوتيوب كل ليلة لإستخراج مقاطع فيديو جديدة عن أسماك قرش الحوت في الحياة البرية، وغالبا ما يتم تحميلها من قبل السياح والغواصين الذين يشاركونهم في لقطات إجازاتهم، ويحدد الربوت الذكي ويستخرج صورا ثابتة لقرش الحوت من مقطع الفيديو، حتى يتمكن الروبوت من معرفة مجموعة أسماك القرش الفريدة وتحديد مكانها، ويقوم الروبوت أيضا بجمع تاريخ وموقع المشاهدة (أو التماسها من برنامج تحميل الفيديو في التعليقات)، ثم يقدم البيانات إلى قاعدة بيانات منظمة قرش الحوت على الإنترنت، وهي عبارة عن كتاب كتاب البرية لأسماك قرش الحوت التي تقوم بفهرسة الأفراد بإستخدام تعريف الصورة الذي يحركه الكمبيوتر.

يقول جايسون هولمبرج المدير التنفيذي لبريتي لقد فوجئنا نوعا ما بمدى نجاح العميل الذكي في أداء وظيفته ومدى سرعة جمع البيانات من الباحث البشري التقليدي، ويعمل الروبوت الذكي حاليا بخمس لغات، ويبلغ متوسط عدد التحليلات الفيديوية 30 تحليلا يوميا، ويقول جون فان أوست وهو مهندس كبير في وايلد بوك، ترك هذا الشيء حرا على موقع اليوتيوب خاصةً مع الأنواع المهاجرة الموجودة في المحيط ستتيح لك هذه الفرصة العثور على مشاهد غريبة للحيوانات حيث لا يذهب الباحثون ببساطة، والعقل وراء الروبوت الذكي.

 

منذ أن بدأ العامل الذكي العمل في مايو 2017 فقد حدد ما مجموعه 1900 مقطع فيديو لسمك قرش الحوت، وهو يعمل بإستمرار على تحسين أدائه، وفي الثلاثين يوما الماضية سجلت أكثر من 500 لقاء أي ضعف عدد المراقبون البشريين الأكثر إنتاجية، ويقول هولمبرج، إنه فيضان من البيانات المجانية التي يفتقدها الباحثون، ويمكن للباحثين إستخدام البيانات لإنشاء نماذج سكانية في الحياة البرية أو تقييم ما إذا كانت المناطق البحرية المحمية تزيد من أعداد أسماك قرش الحوت، أو تحدد مناطق ساخنة لسمك قرش الحوت للحفاظ عليها.

 

كان للبيانات السكانية لقرش الحوت في الحياة البرية التي تم جمعها من خلال موقع منظمة قرش الحوت دورا مهما في إعلام قرار عام 2016 بزيادة وضع قرش الحوت من ضعيف إلى معرض للإنقراض في القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض التابعة للإتحاد العالمي لحفظ الطبيعة، وهي قاعدة بيانات عالمية تتعقب وتعين حالات الحفظ، وفي الوقت نفسه، يمكن أن تساعد نفس البيانات السكانية في إنشاء وإدارة المناطق البحرية المحمية للمساعدة في زيادة أعداد أسماك قرش الحوت في الحياة البرية التي انخفضت إلى النصف خلال الـ 75 عاما الماضية.

 

تعمل كتاب البرية حاليا على طرح وكيل ذكي إضافي لتحديد وتسجيل السلاحف البحرية الخضراء الفردية وسلاحف منقار الصقر البحرية في مقاطع فيديو يوتيوب بحلول نهاية الشهر ويخططون لجعل الوكيل يعمل على تحديد أسماك شيطان البحر العملاقة، والحوت الأحدب، والزرافات من موقع يوتيوب، ويقول هولمبرج إننا نتصور إلى حد كبير قدرة الباحثين على ألا يقضوا سنوات في تنسيق بياناتهم ولكنهم ينتقلون إلى عالم من المراقبة المستمرة حيث يمكننا التفاعل وتحديد محور أعداد السكان بسرعة كبيرة.

 

كيف تتعامل الحواسيب الذكية مع الصور السيئة :

يتم إلتقاط العديد من الصور الرقمية التي تم تحميلها إلى قواعد بيانات كتاب البرية من قبل البشر، ولكنها ليست مجرد صور التقطها المستخدمون بل هي لعبة عادلة للتعرف على الحيوانات بمساعدة الكمبيوتر، وإحدى الأدوات الميدانية التي لا تقدر بثمن للعلماء أن يرصدوا مكان حدوث الحيوانات وكم منهم وجد من خلال أفخاخ الكاميرات، وهي كاميرات عن بعد يتم إطلاقها بواسطة جهاز إستشعار أو بالأشعة تحت الحمراء لإلتقاط صور لتجاوز الحياة البرية.

لكن صور أفخاخ الكاميرات غالبا ما تكون ضبابية أو خارج نطاق التركيز أو يتم التقاطها في الإضاءة المنخفضة، ويمكن أن يصل الحجم الهائل للصور التي التقطتها أفخاخ الكاميرات الرقمية إلى عشرات أو حتى مئات الآلاف، وغالبا ما يخلق مأزق مرة أخرى في المختبر، حيث يتعين على شخص ما عرض وتسجيل كل صورة يدويا.

 

يوجد هذا المجتمع مع الأشخاص الذين يستخدمون الصور للقيام بعمل مهم، وهم محدودون جدا بالوقت اللازم للبشر لتوضيح كل تلك الصور، وبالتالي فإن المشكلة تكمن في أن منظمة العفو الدولية تسرع بشكل كبير ما يقوم به علماء الأحياء للمحافظة على الطبيعة، ويقول دان موريس الباحث الرئيسي في برنامج ميكروسوفت إيه أي للأرض الذي يدرس معالجة صور رؤية الكمبيوتر للحفظ، ويقول إن تقنية الذكاء الصناعي جيد تقريبا بدرجة كافية ليتم تطبيقها على صور أفخاخ الكاميرات، ولكن من المحتمل أن يكون لها بعض القيود خارج البوابة، وبالنظر إلى مدى تباين جودة الصورة في صور أفخاخ الكاميرات من الصور الليلية الباهتة إلى لقطات خارج نطاق التركيز.

 

لن يساعد التعلم الآلي فقط في مراقبة الأنواع المهددة بالإنقراض في الحياة البرية من خلال بيانات أفخاخ الكاميرات ولكن أيضا اكتشاف الصيادين المختبرين، وهو أمر يصفه موريس بأنه على حق في الممارسة العملية، ولا يمكنك وضع الأشخاص في كل مكان ولكن يمكنك وضع الكاميرات في الكثير من الأماكن، وتشمل إمكانية رؤية الكمبيوتر لمساعدة الحياة البرية كل شيء من تحليل الصور الجوية في المناظر الطبيعية في القطب الشمالي والسافانا إلى مراقبة الحيوانات الكبيرة إلى تتبع استعادة الغابات وفقدانها من صور الأقمار الصناعية، وحتى مراقبة التلوث البلاستيكي بإستخدام طائرات بدون طيار، ويقول موريس، يمكن أن توفر رؤية الكمبيوتر الكثير ليس فقط لتطبيقات الحفاظ على الحياة البرية ولكن أيضا الإستدامة على نطاق أوسع، وإنها في الأساس تدور حول الاستفادة من الذكاء الصناعي لإنقاذ الحياة البرية.

مواضيع مميزة