هل نتجه نحو عالم خال من السلاحف ؟

حذرت دراسة جديدة أن ستة من كل عشرة أنواع من السلاحف مهددة بخطر الإنقراض أو أنها قد إنقرضت بالفعل، إلا أن هذه الأزمة غير معترف بها بشكل عام في الأوساط الرسمية أو أنها تم تجاهلها، فحوالي 61 % من جميع أنواع السلاحف الحديثة إما مهددة بالانقراض أو إنقرضت بالفعل، وقد لاحظ الباحثون أن السلاحف هي من بين أكثر مجموعات الحيوانات المهددة بالإنقراض على وجه الأرض، أكثر من الطيور والثدييات والأسماك وحتى البرمائيات، ومع ذلك، فإن هذه الأزمة غير معترف بها وتم تجاهلها تماما .

 

وهدفنا في هذه المقالة هو إعلام الجمهور بالعديد من الأدوار البيئية المهمة التي تؤديها السلاحف على النطاق العالمي، وتحقيق الوعي بمحنة هذه الحيوانات التي سار أسلافها مع الديناصورات، وهذا ما أوضحه كبير الباحثين وايت جيبونز أستاذ فخري في علم البيئة في جامعة جورجيا .

 

السلاحف تعيش منذ أكثر من 200 مليون سنة على الأرض، ولكن السمات التي ساعدتها في الصمود على قيد الحياة أكثر من الديناصورات غير كافية على نحو متزايد لإنقاذها من الأخطار التي يسببها البشر مثل فقدان الموائل، والصيد غير المشروع، وتجارة الحيوانات الأليفة، وتغير المناخ .

 

 

قوة السلاحف وتأثيرها على البيئة :

 

الدراسة الجديدة التي يقودها باحثون من جامعة جورجيا، وجامعة كاليفورنيا ديفيس، والمسح الجيولوجي الأمريكي، ومعهد الحفاظ على حوض أسماك تينيسي تجمع نتائج من عشرات الدراسات السابقة لإلقاء الضوء على محنة السلاحف، وتسليط الضوء على المخاطر التي تحيط بها، وإنها أول مراجعة رئيسية لخدمات النظام الإيكولوجي التي توفرها للسلاحف، والتي تشمل نثر البذور، وصيانة الشبكات الغذائية الصحية، وإنشاء الموائل للأنواع الأخرى من السلاحف .

 

يقول الباحثون إن أحد أسباب تأثيرات السلاحف وقوتها على البيئة هو أنها يمكن أن تكون من الحيوانات آكلات اللحوم وآكلات الأعشاب، وأيضا من أنواع الحيوانات آكلات اللحوم والنباتات، وتعطي هذه الأنظمة الغذائية المتنوعة العديد من السلاحف سلطة واسعة على بنية المجتمعات البيولوجية الأخرى في موائلها، من السلاحف البحرية التي تحمي مروج الأعشاب البحرية والشعاب المرجانية إلى السلاحف المائية التي تغير الظروف البيئية مثل الرقم الهيدروجيني، وتراكم الرواسب، وإدخال العناصر الغذائية في النظم الإيكولوجية للبرك والأحواض .

 

تساعد السلاحف على نثر بذور النباتات أيضا، وهي حتى تعتبر الموزعة الرئيسية لبعض الأنواع، والسلاحف الصندوقية الشرقية في أمريكا الشمالية على سبيل المثال تعتبر الموزع الوحيد للبذور المعروف لنبات محلي يسمى مايابل، والعديد من البذور النباتية الأخرى تنبت بسرعة أكبر بعد المرور عبر الجهاز الهضمي للسلاحف، ويشير مؤلفو الدراسة إلى أن سلاحف غالاباغوس تنقل كميات كبيرة من البذور عبر مسافات طويلة، بمتوسط 464 بذرة من 28 نوع من النباتات لكل حالة تغوط .

 

 

السلاحف هي أيضا مصادر غذائية قيمة للأنواع الأخرى، وخاصة عندما تتجمع بكثافات كبيرة، ويشمل ذلك تعشيش السلاحف البحرية مثل سلاحف كيمب حيث أن بيضها وصغارها حديثة الفقس توفر كميات كبيرة مناسبة للحيوانات المفترسة المحلية، كما يتضمن العديد من الأمثلة الأقل شهرة مثل سلاحف البركة والتي يمكن أن تصل إلى 2200 فرد لكل هكتار في بعض الموائل والتي تعتبر أيضا مصدر غذائي جيد لكثير من الحيوانات المفترسة .

 

بعض السلاحف تحفر الجحور الكبيرة التي توفر المساكن للأنواع الأخرى من الحيوانات، وسلاحف غوفر الأمريكية التي تعيش في جنوب شرق الولايات المتحدة على سبيل المثال يمكن تحفر حفر أكثر من 30 قدما (9 أمتار) في الطول، والبنية التحتية التي تستخدمها مئات الأنواع الأخرى من الحشرات والعناكب إلى الثعابين والبرمائيات والأرانب والثعالب و البوبكات تصبح مناسبة لها، وحتى تلال بقايا التربة من حفر الجحور يمكن أن تصبح موطنا لبعض النباتات، مما يزيد من تنوع الأزهار حول مداخل الجحر .

 

أهمية السلاحف البيئية لا سيما سلاحف الماء العذب، لا تحظى بالتقدير الكافي، كما أن علماء البيئة يستخفون بها بشكل عام، كما يقول جوش إينن عالم الأبحاث في معهد الحفاظ على حوض تينيسي، ويمكن للمعدل المزعج لإختفاء السلاحف أن يؤثر تأثيرا عميقا في كيفية عمل النظم الإيكولوجية وتكوين المجتمعات البيولوجية في جميع أنحاء العالم .

 

 

السلاحف مهددة بخطر الإنقراض :

 

كما هو الحال مع غالبية الحياة البرية المهددة بالأرض، فإن المشكلة الأكثر شيوعا التي تواجهها السلاحف هي تدمير وتدهور وتجزئة موائلها الطبيعية، كما يتم صيد العديد من السلاحف بطريقة غير مستدامة من أجل الغذاء أو التجارة الدولية في الحياة البرية التي تستهدفها كحيوانات أليفة حية وأيضا من أجل أصدافها .

 

تغير المناخ هو تهديد آخر لبعض الأنواع من السلاحف، سواء بسبب آثاره على حالة الطقس، وبسبب كيف يمكن أن تؤثر تغيرات درجات الحرارة على بيض السلاحف، وبالنسبة للأنواع التي تتراوح بين السلاحف المزركشة والسلاحف البحرية تحدد درجة حرارة بيئة المحيط جنس السلاحف الصغيرة داخل بيضها، فمع درجات الحرارة الباردة تتحول السلاحف إلى ذكور، ومع درجات الحرارة الأكثر دفئا تتحول السلاحف إلى إناث .

 

ففي إحدى أماكن تكاثر السلحفاة البحرية في الشمال الإستوائي في أستراليا على سبيل المثال، توصلت الأبحاث إلى أن عدد السلاحف الأنثوية يفوق عدد الذكور بنسبة 116 إلى 1، وعلى الأقل، كلما زادت درجات حرارة الشواطئ الدافئة ينتج ذكورا صغارا من السلاحف أقل فأقل، يقول الباحثون أن هذا قد يؤدي إلى إنخفاض عدد السلاحف البحرية .

 

وكثيرا ما تسد القنوات الهضمية للسلاحف البحرية عن طريق تناول الأكياس البلاستيكية، والتي قد تشبه قناديل البحر، كما عرف عن السلاحف أنها تتناول بعض الأشياء مثل الشوك البلاستيكية والقش، أو قد تتشابك في خيوط الصيد البلاستيكي المهجورة، وفي الواقع، وفقا لدراسة عام 2018، فإن نصف السلاحف البحرية على الأرض قد تناولت البلاستيك في مرحلة ما، والسلاحف الأصغر سنا فعلت ذلك أكثر من السلاحف البالغة، وقد وجدت الدراسة أن تناول قطعة واحدة فقط من البلاستيك يعطي السلاحف فرصة موت 22٪ تقريبا، في حين أن تناول 14 قطعة يعني فرصة موت بنسبة 50٪ ، وبمجرد أن تأكل السلاحف أكثر من 200 قطعة من البلاستيك، يقال إن الموت أمر لا مفر منه .

 

ولأن السلاحف كانت موجودة منذ وقت طويل، فمن السهل رؤيتها على أنها لا تقهر، ومع ذلك، فإن موائلها تتغير الآن بسرعة أكبر مما تستطيع العديد من السلاحف التكيف معها، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الأنشطة البشرية، وهناك ستة أنواع من كل عشرة أنواع أصبحت الآن مهددة بالإنقراض أو أنها قد إنقرضت بالفعل، وإذا لم نتحرك بسرعة لحماية السلاحف، فيمكن لهذه الحيوانات القديمة أن تتلاشى بسرعة مذهلة .

مواضيع مميزة