سيدنا لوط عليه السلام ارسله الله لكى يهدي قومه ويدعوهم لعبادة الله ، لكن كان قوم لوط عليه السلام ظالمين وكانوا يفعلون الفواحش ويأتون الرجال شهوة من دون النساء ، وعندما دعاهم لوط عليه السلام ان يتركوا الفواحش التى يفعلونها لم يؤمن به سواء بعض من اهل بيته ، وهي زوجته التي لم تؤمن به ، ولما يئس لوط عليه السلام من قومه الظالمين دعا الله سبحانه وتعالى ان ينجيه هو والمؤمنين ويهلك الكافرين ، فجاءت الملائكة واخرجوا لوط ومن آمن معه واهلكوا القرية الظالمة .
حال قوم لوط عليه السلام :
نهي لوط عليه السلام قومه عن الفواحش وعمل السيئات ودعاهم الى عبادة الله وحده ولا يشركون بعبادته احدا ، لكن كانت قلوبهم قاسية وتكبروا وحكموا على لوط عليه السلام وعلى اهله بالطرد من القرية ، وكان قوم لوط يرتكبون الكثير من الجرائم والفواحش وكان من بينها قطع الطرق وخيانة الرفيق ولا يتركون اى منكر واضافوا الى هذه الجرائم والمعاصي معصية لم يسبقهم لها احد من قبل ، فكان قوم لوط عليه السلام يأتون الرجال شهوة من دون النساء .
فى قرية لوط الظالمة اختلت المقاييس وكان الرجال اهداف بدلا من النساء وكانت الطهارة والنقاء عندهم جريمة وعقابها الطرد ، كان قوم لوط عليه السلام مرضي ويرفضون العلاج ، وكانت تصرفاتهم تحزن لوط عليه السلام ، وكانوا يرتكبون الفواحش علانية فى المكان الذى يجتمعون به ، واذا دخل القرية مسافر او غريب لم يسلم منهم ، ومرت الايام والسنوات ولوط عليه السلام مستمر فى دعوتهم لكن لم يؤمن به احد سوى اهل بيته ما عدا زوجته التي كانت من القوم الظالمين .
واستهزا الكافرين بعذاب الله وكانوا يقولون " ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ " ، فدعا لوط عليه السلام ربه ان ينصره ويهلك الظالمين .
ذهاب الملائكة الى لوط عليه السلام :
عندما خرج الملائكة من عند سيدنا ابراهيم عليه السلام قصدوا قرية سدوم "قرية لوط" وكانت ابنة لوط عليه السلام تملأ الوعاء من مياه النهر ، وعندما رفعت وجهها شاهدتهم ، وسألها احد الملائكة يا جارية هل من منزل ؟
فقالت لهم مكانكم لا تدخلوا حتى اخبر ابي واتيكم ، واسرعت نحو ابيها واخبرته ، وهرع لوط الى الغرباء ، وسألهم من اين جاءوا ؟ وما هى وجهتهم ؟ فصمتوا ولم يجيبوا ، وسألوه ان يضيفهم ، فسار لوط عليه السلام امامهم ثم التفت وقال " لا اعلم اخبث من اهل هذا البلد على وجه الارض " ، قال ذلك حتى يبعدهم عن هذه القرية ، فحاول ان يحدثهم عن فساد اهل هذه القرية ليستمروا فى طريقهم ولا ينزلون هذه القرية .
وعندما جاء الليل اخذ لوط عليه السلام الضيوف الى بيته ، وعندما رأت زوجته الضيوف اسرعت واخبرت اهل القرية بالخبر ، وسرعان ما انتشر فى القرية ، وجاء اهل القرية مسرعين ، وكان يتساءل ، من الذى اخبرهم ؟ ، وكان اهل القرية يقفون على باب بيت لوط عليه السلام ثم خرج اليهم وحاول ان يوعظهم فقال لهم : (هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللّه وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيد) .
الا ان كلام لوط عليه السلام لم يمس اهل القرية الظالمين ، فاحس لوط بضعفه وانه غريب بين قومه ، وليس لديه عشيرة ولا اولاد ذكور يدافعون عنه ، فدخل بيته غاضبا واغلق الباب ، وكان الضيوف يجلسون صامتين وهادئين ، واندهش لوط عليه السلام من هدوئهم ، وكان اهل القرية يضربون الباب ، فصرخ لوط قائلا (قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ) ، وتمنى لو كانت هناك قوة تصدهم عن الضيوف ، وتمنى لوط عليه السلام لو كان له ركن شديد يأوي اليه ، وغاب عنه فى كربته ان يأوى الى ركن الله الذى لا يتخلى عن اوليائه وانبيائه .
هلاك قوم لوط عليه السلام :
بعد ان ازداد الضيق ، نهض الملائكة فجأة وقالوا للوط انه يأوي الى ركن شديد ، وقالوا له ان لا يجزع ولا يحزن فهم ملائكة ، ثم نهض جبريل عليه السلام وعندما اشار بيده فقد اهل القرية بصرهم ، ثم امر الملائكة لوط ان يأخذ اهله فى الليل ويخرجون ، واخبره انهم سوف يسمعون اصوات تزلزل الجبال ، فلا يلتفت منهم احد حتى لا يصيبه ما اصاب اهل القرية الظالمين ، وقالوا له ان زوجته كانت كافرة مثلهم وانها ستلتفت خلفها وسوف يصيبها نفس العذاب .
وسأل لوط عليه السلام الملائكة عن موعد نزول العذاب ، فقالوا له موعد العذاب الصبح ، ثم خرج لوط عليه السلام مع اهله فى الليل ومع اقتراب الصبح كانوا قد ابتعدوا ، ثم امر الله باهلاك القرية الظالمة ، وقد اقتلع جبريل بطرف جناحه مدنهم السبع ورفعهم الى عنان السماء ، حتى سمع الملائكة نباح كلابهم ، ثم قلب السبع مدن ثم هوى بهم فى الارض ، واثناء سقوطهم كانت السماء تمطر عليهم حجارة من الجحيم ، حتى انتهى القوم الظالمين تماما ، ولم يتبقي احد منهم .
وكان لوط عليه السلام واهله يسمعون اصوات مروعة ولكنهم لم يلتفتوا خلفهم ، لكن زوجته نظرت خلفها فهلكت ايضا ، ويقول العلماء ان مكان السبع مدن بحيرة ماؤها اجاج ، ويقال ايضا ان هذا المكان يعرف اليوم باسم "البحر الميت" وهو فى فلسطين .
وبعد ان هلك قوم لوط عليه السلام توجه لوط الى ابراهيم عليه السلام وقص عليه ما حدث لقومه ، ولكنه اندهش ان ابراهيم كان يعلم ، ومضى لوط عليه السلام فى دعوة الناس الى عبادة الله مثلما كان يفعل نبي الله ابراهيم عليه السلام .