يسهم أدب الطفل والقصص في تنمية خيال النشء ، بالإضافة إلى أنه يساعد في تعليمهم السلوكيات والمبادئ القويمة التي نود أن يكتسبها أطفالنا بدون أن تكون بشكل مباشر، حتى يستوعبها الأطفال جيدًا... واليوم سنقدم لكم إحدى قصص الأطفال الشيقة ، التي تعلم الأطفال بعض السلوكيات الإيجابية الهامة ، وترشدهم للقيم والأخلاق بطريقة غير مباشرة.. وهي قصة الأرنب والثعلب..
كان هناك أرنب يعيش في غابة بالقرب من مكان واسع يمتلأ بالثلوج مع باقي الحيوانات في سلام تام ، وكان لهذا الأرنب الكثير من الأصدقاء ، وفي أحد الأيام كان يمر ثعلب ماكر يبحث عن الطعام بالغابة ، فرأى الأرنب الصغير يجرى ويلعب مع أصدقائه ، فبدأت رائحة الأرنب تتغلغل في أنف الثعلب ، وأصبح يشتهي التهام الأرنب ، فأخذ الثعلب الماكر يفكر في حيلة يصل بها إلى الأرنب ، وكانت أن يجعل الأرنب صديق له، وعلى حين غفلة يلتهم الأرنب الصغير ، ويتناوله كطعام شهي...
شعر الأرنب الصغير بوجود الثعلب الماكر وبمحاولته الاقتراب منه ، ففر الأرنب مسرعًا في محاولة للاختباء حول الأشجار وفيما بين الصخور ، على أمل أن يهرب من الثعلب المكار ، لكن الثعلب المكار أخذ ينبح بصوت عالِ ويقول: لا يمكنك أن تهرب منى أيها الأرنب الصغير ، أنا أقوى الثعالب لا تستطيع الهرب منى .
شعر الأرنب بأنه لابد من أن يستخدم ذكائه وقوته السحرية الخارقة ، حتى يستطيع الهرب من الثعلب والتخلص منه ، فاتجه نحو المنطقة الثلجية القريبة من الغابة بسرعة هائلة ، وحاول أن يترك مسافات كبيرة بين آثار قدميه ، ثم ألقى بنفسه على الأرض ، وحاول يظهر نفسه وكأنه ميت ورائحة جسده كريهة للغاية ، وعندما حضر الثعلب ظل يلتف حول الأرنب ، ويشتم رائحته ، فوجدها متعفنة ، فقال الثعلب:
- لقد أصبح لحم هذا الأرنب متعفنًا وسيئًا للغاية ..
ثم نظر إلى طريق الثلوج ، فوجد آثار أقدام أخرى للأرنب ، فقال الثعلب المكار وهو يضحك بافتخار وكبرياء :
- أنا اقوى الثعالب ولا يمكن أن يخدعني هذا الأرنب ، سأذهب نحو آثار الأقدام، وبالتأكيد سألتقى بالأرنب والتهمه .
وبالفعل ذهب الثعلب واتبع خطوات الأرنب ولكنه لم يجده ، وقال في نفسه إن هذا الأرنب خدعني بالتأكيد ، لكنني لن أيأس ، وسأظل أبحث عنه في كل مكان حتى أجده ، وفي تلك المرة سوف أكله أيًا كانت رائحته ، ثم بدأ الثعلب المكار في التراجع ليبحث مرة أخرى عن الأرنب ، حتى وجد طريق به آثار جديدة لأقدام الأرنب ، فبدأ الثعلب بمتابعتها وقال:
- بالتأكيد لم يبعد الأرنب عن هنا .
وأثناء سيره في الطريق ، وجد الثعلب المكار سيدة عجوز ، تجلس في الطريق، وأمامها وعاء تصنع به حساء ، فسألها الثعلب المكار :
- أيتها العجوز ألم يمر أمامك أرنب صغير يجري مسرعًا ؟
فقالت له :
- نعم ، لقد رأيت أرنبًا نحيفًا للغاية ، وكأنه مجرد عظام فقط ولا يوجد به أي لحم تمامًا ، ثم أعطته المرأة القليل من الحساء في وعاء خشبي قديم ليشربه ، فقال لها الثعلب المكار:
- إنني سوف أجد هذا الأرنب ، وسوف أخذه طعام لي..
فردت عليه العجوز وقالت له:
- بالتأكيد سوف تفعل ذلك ؛ لأن الأرنب الصغير كان يظهر عليه علامات التعب والخوف ، الآن فقط عليك تناول الحساء حتى تستطيع البحث عنه مجددًا .
فبدأ الثعلب يأكل ثم نظر إلى السيدة العجوز وقال لها:
- لماذا ترتدين هذين الريشين على رأسك ؟!
فردت عليه المرأة العجوز وقالت له:
- إنني أرتديها لأنها تذكرني بابني الصياد ، انظر خلفك فإنه سوف يأتي الآن ..
وبالفعل تحول نظر الثعلب المكار إلى الخلف ، وحينها أخرج الأرنب الصغير الذى كان متخفيًا في شكل سيدة عجوز ، عصا خشبية وقفز في الهواء ثم ضرب الثعلب على رأسه ضربة قوية ، فأغشي عليه، وعندها هرب الأرنب الصغير مسرعًا .
عندما استيقظ الثعلب من قوة الضربة ، لم يجد سوى الوعاء الخشبي الذي كان يوجد به الحساء فقط ولم يجد السيدة العجوز ، وحينها أدرك أن الأرنب الصغير قد خدعه مرة أخرى ، فقال في نفسه وهو غاضب أيخدعني الأرنب الصغير هكذا مرة أخرى؟! ، ثم حاول أن يسرع في اتجاه الطريق الذي وجد فيه آثار أخرى لأقدام الأرنب ، وقبل أن يذهب بعيدًا ، وجد رجل عجوز يجلس في الطريق ويرتدى ملابس الأطباء ، ويحمل في يده سلحفاة صغيرة.
فسأله الثعلب المكار :
- هل رأيت أرنبًا صغيرًا يمر من هذا الطريق ؟
فرد عليه الرجل العجوز قائلاَ:
- في الواقع، نعم رأيته ، لكنه كان باديًا عليه مظاهر التعب والخوف ، وهو ضعيف للغاية ، فقال الثعلب المكار :
- سوف أكل هذا الأرنب ..
فرد عليه الرجل العجوز وقال له:
- نعم ، فعندما يقرر محارب عظيم مثلك أن يمسك بشخص ما ، فبالتأكيد لا يستطيع الهرب منه ..
فرح الثعلب كثيرًا بما قاله الرجل العجوز ، وقال :
- نعم ، أنا أقوى ثعلب ، ولا يمكن أن يهرب مني أرنب صغير .
نظر إليه الرجل العجوز ، وقال له:
- ماذا برأسك أيها الثعلب ؟ توجد إصابة برأسك ماذا حدث لك ؟
فرد الثعلب المكار قائلا:
- لا شيء إنه فرع شجرة سقط على رأسي وأصابني ..
فرد عليه الرجل العجوز وقال له:
- إذن لابد أن تتركني أعالجك حتى يشفى الجرح بسرعة ، اجلس هنا بجانبي فإن الأرنب الذي تبحث عنه لم يذهب بعيدًا .
وبالفعل اقترب الثعلب المكار من الرجل العجوز ، وبدأ الرجل في رش بعض الأدوية على الجرح ، ثم قال له الثعلب:
- لماذا ترتدي هاتين الريشتين؟!
فقال الرجل العجوز:
- إنهما يمنحاني قوة عظيمة مثل قوة النسور ، انظر عاليًا وستجد القوة سوف تتجمع .
فنظر الثعلب المكار عاليًا، وإذا بالأرنب الصغير الذي كان متخفيًا في شكل رجل عجوز ، يقفز عاليا ثم يضرب الثعلب المكار على رأسه بقوة بواسطة صدفة السلحفاة ، ومن قوة الضربة وقع الثعلب المكار مغشيًا عليه على الأرض ، وفر الأرنب الصغير مسرعًا .
وعندما استيقظ الثعلب المكار وجد نفسه وحيدًا ، ولم يجد الرجل العجوز ، ففهم أن الأرنب قد خدعه للمرة الثالثة ، وتنكر في مظهر رجل عجوز ، فصرخ الثعلب بصوت عالِ مرعب ، وقال:
- أنا أقوى ثعلب ، لا يمكن أن يخدعني أرنب صغير ..
سمع الأرنب الصغير صياح الثعلب ، لكنه كان قد أصبح متعبًا من الجري، ثم حول نفسه إلى فرع شجرة قديم ملقى على الأرض .
وبعدها حضر الثعلب ووجد فرع الشجرة موجود على الأرض ، توقف قليلًا وضرب فرع الشجرة بقوة ، وقال:
- لن تخدعني مرة أخرى أيها الأرنب ، وعندما وجد فرع الشجرة كما هو، فقال إنني مخطئ بالتأكيد لن يستطيع الأرنب أن يتحول إلى فرع شجرة هكذا ، وعندما مشى الثعلب في اتجاه آثار أقدام الأرنب ، وجد أنها لن توصله إلى أي شيء ، فتراجع الثعلب وذهب مرة أخرى إلى مكان فرع الشجرة ، لكنه عندما وصل إلى هناك لم يجد فرع الشجرة ، ولكنه وجد آثار بضع قطرات دم على الأرض ، وهذا الدم سقط من الأرنب بسبب الضربة القوية التي ضربها الثعلب لفرع الشجرة عندما كان متحولاً .
في هذا الوقت ذهب الأرنب إلى أطراف الغابة وحاول أن يقوم بعمل فخ آخر ليقع فيه الثعلب المكار ليتخلص منه ، ثم حوّل الأرنب نفسه مرة أخرى إلى فرع شجرة صغير ميت وملقى على الأرض ، وعندما حضر الثعلب إلى مكان آثار أقدام الأرنب ، ووجد فرع الشجرة ملقى على الأرض وبجانبه قطعة من فرع شجرة آخر ملقى على الأرض لكنه يحتوى على مادة متعفنة ، فضحك الثعلب المكار وقال :
- أتريد أن تخدعني مرة أخرى أيها الأرنب الصغير .. ثم أخذ الثعلب المكار فرع الشجرة الذي يحتوي على المادة المتعفنة ، وبدأ يأكله ظنًا منه أنه الأرنب الصغير .
وعندها ظهر الأرنب الصغير واكتشف الثعلب المكار أنه يأكل فرع شجرة بالفعل ، فجرى الأرنب من أمامه ، وحاول الثعلب أن يلحقه لكن المادة المتعفنة كانت قد بدأت تنزل إلى أمعاءه، وبدأ يتعب كثيرًا ويشعر بالشلل في أطرافه ، ولم يستطع اللحاق بالأرنب ...
وهكذا نجا الأرنب الصغير من الثعلب المكار ، وذهب إلى بيته وحاول أن يعالج جرحه .
وهكذا يا أصدقائي يجب أن نأخذ ذكاء الأرنب قدوة لنا، ولابد من أن نفكر كثيرًا حتى نستطيع التغلب على أية مشكلة نقع فيها ...