يعرف خبراء الرعاية الصحية الحديثة أن ضغط دم المريض يعد مؤشرا جيدا على صحة الشخص، وتشير قراءة ضغط الدم المرتفع إلى الإجهاد ومشاكل القلب المحتملة، وترجع جذور جهاز قياس ضغط الدم الذي نستخدمه اليوم في إنجلترا إلى القرن السابع عشر.
قام وليام هارفي (1578-1657) بعمل رائد في الدورة الدموية في عام 1600 خلال دراساته، وقد لاحظ هارفي أن الدم يخفق (ينبض أو ينبثق) من الشريان المقطوع كما لو كان تحته ضغط إيقاعي، وبعد ما يقرب من قرن من الزمان واصل ستيفن هالز (1677-1761) وهو رجل دين إنجليزي وعالم فيزيائي هذه الدراسات، وقد إبتكر هال جهاز قياس ضغط الدم البدائي لقياس الضغط الذي بذل على الأوعية الدموية حيث تم ضخ الدم من خلالها، فقام بإدخال أنبوب نحاسي في وعاء دموي للحيوان وإستخدم قصبة هوائية مرنة من أوزة لتوصيل الأنبوب بأنبوب زجاجي طويل، وأعطى ارتفاع تدفق دم الحيوان إلى الأنبوب قياسا الضغط على الدم.
تضمنت إحدى تجارب هال الأكثر إثارة بإستخدام مقياس الضغط البسيط هذا فرسا أبيضا مربوطا على الأرض بباب ثابت، وكان الأنبوب الزجاجي في هذه الحالة يبلغ طوله 12 قدما و 9 بوصات (3.8 مترا)، وارتفع دم الحصان فيه إلى إرتفاع 9 أقدام و 6 بوصات (2.9 مترا)، وقد بدأ هال تجربته لقياس ضغط الدم في حوالي عام 1706، واستمر في ما بين عام 1712-1713، وأخيرا أبلغ عن تقنيته في كتابه عام 1733 بعنوان Haemastaticks أي (حقائق الدم).
استغرق الأمر قرنا آخر قبل أن يتم تحسين جهاز قياس ضغط الدم للعالم هال، وفي عام 1828، قد استبدل الطبيب الفرنسي جان ليونارد ماري بويزويل (1797-1869) الأنبوب الزجاجي الطويل بأنبوب على شكل حرف U مملوء بالزئبق، وتم معايرة الأنبوب باللملليمتر من الزئبق لتسجيل مستويات الضغط، وقام عالم الفسيولوجيا الألماني كارل فريدريش فيلهلم لودفيج بتعديل جهاز قياس ضغط الدم لبويزويل في عام 1847، وأضاف أسطوانة تدور وتطفو مع طبلة دوارة عليه، وعن طريق إرفاق قلم به يمكن تسجيل مستويات ضغط الدم على هذا الكيموجراف، وفي عام 1863 ابتكر إتيان جول ماري آلة تسجيل أفضل أطلق عليها اسم جهاز مخطاط النبض الوريدي.
جهاز قياس ضغط الدم العملي :
جميع أجهزة ضغط الدم التي تم تطويرها حتى سبعينيات القرن التاسع عشر تتطلب إختراق الوعاء الدموي من أجل الضغط المطلوب، وقد إستغرق الأمر من صامويل سيغفريد فون باسش (1837-1905) وهو طبيب ألماني، أن يأتي بجهاز قياس ضغط الدم في عام 1876، وكان هذا الجهاز أول جهاز قياس ضغط الدم الذي يعمل بدون ثقب الجلد، وتم إستبدال جهازه عام 1896 بجهاز قياس ضغط الدم من صنع الطبيب الإيطالي سكيبيون ريفا روتشي (1863-1937)، وكان هذا الجهاز النموذج الأولي للأداة القياسية اليوم.
أي فتاة صغيرة تستطيع أن تستخدم جهاز قياس ضغط الدم الحديث، واليوم، تتوفر الإصدارات الرئيسية لهذا الجهاز على نطاق واسع، وقد إستخدم شريط ذراع يمكن تضخيمه حتى لم يعد من الممكن الكشف عن تدفق الدم عبر الشرايين، ثم يتم إطلاق الهواء من الشريط المتضخم وقياس ضغط الدم على مقياس الزئبق في الوقت الذي ظهر فيه النبض مرة أخرى.
كانت أداة ريفا روكي دقيقة، وكانت المشكلة الوحيدة هي أنها تقيس الضغط الإنقباضي فقط (الضغط داخل الشريان عندما ينقبض القلب)، وأضاف الطبيب الروسي نيكولاي كوروتكوف العنصر المفقود في عام 1905 عندما اقترح إستخدام سماعة الطبيب للإستماع إلى تدفق الدم، سمعت من خلال سماعة الطبيب، والنقر الذي يبدأ عندما يتم إطلاق الهواء من الشريط هو الضغط الإنقباضي، وفي اللحظة التي يختفي فيها صوت النقر هو الضغط الإنبساطي (الضغط بين الإنقباضات أثناء توقف القلب).
تم الترويج للإستخدام السريري الواسع لقياس ضغط الدم بإستخدام جهاز قياس ضغط الدم بواسطة الجراح الأمريكي هارفي ويليامز كوشينج، وسرعان ما وضعت قراءات قياسية وأصبحت المؤشرات الأساسية لصحة القلب والرئة أو أي مشاكل أخرى، واليوم، ويتوفر جهاز قياس ضغط الدم المنزلي على نطاق واسع وهو قيد الإستخدام مع أنبوب الزئبق أو مقياس الإبرة الدائرية، أو شاشة إلكترونية لإعطاء القراءات.