لا تستطيع الدلافين التنفس تحت الماء، ولذلك في كل مرة تحتاج الدلافين إلى التنفس، وعليها أن تتخذ قرارا بالذهاب إلى سطح الماء للتنفس وإمداد رئتيها بالأكسجين، ومع ذلك، قد تكون الدلافين قادرة على حبس أنفاسها لمدة تتراوح من 15 إلى 17 دقيقة تقريبا، ولكن كيف تنام الدلافين ؟
تنام الدلافين بنصف دماغها في كل مرة :
تنام الدلافين من خلال توقف أو إستراحة نصف دماغها في كل مرة، وهذا ما يسمى النوم نصف الدماغي الأحادي بطيء الموجة، وتظهر موجات الدماغ من الدلافين الأسيرة النائمة أن جانبا من دماغ الدلافين مستيقظ بينما يكون الجانب الآخر في نوم عميق، ويسمى نوم الموجة البطيء، وأيضا، خلال هذا الوقت، تكون العين المقابلة للنصف النائم من الدماغ مفتوحة بينما تكون العين الأخرى مغلقة.
كان يعتقد أن النوم نصف الدماغي الأحادي قد تطور بسبب حاجة الدلافين للتنفس على السطح، ولكن قد يكون ضروريا أيضا للحماية من الحيوانات المفترسة، وضرورة بقاء الدلافين ذات الأسنان داخل مجموعتها شديدة الترابط، وتنظيم درجة حرارة جسمها الداخلية .
أمهات الدلافين والعجول ينامون قليلا :
النوم نصف الدماغي الأحادي هو مفيد للأمهات من الدلافين وعجولها، فعجول الدلافين معرضة بشكل خاص للحيوانات المفترسة مثل أسماك القرش وتحتاج أيضا إلى أن تكون بالقرب من أمهاتها لترضع، ولذلك سيكون من الخطر على أمهات الدلافين والعجول أن تقع في نوم عميق تماما كما يفعل البشر.
هناك دراسة أجريت عام 2005 على أمهات وعجول الدلافين وعجول حيتان أوركا الأسيرة أوضحت أنه على الأقل عندما ظهرت على السطح كانت الأم والعجول مستيقظين 24 ساعة في اليوم خلال الشهر الأول من عمر الصغار، وأيضا خلال هذه الفترة الزمنية الطويلة كان كلتا عيني الدلافين الأم والعجول الصغيرة مفتوحة، مما يشير إلى أنهم لم يناموا وهذا من سلوك الدلافين، وتدريجيا، مع نمو العجول الصغيرة سيزيد النوم في كل من الدلافين الأم والعجول، وتم مناقشة هذه الدراسة لاحقا، حيث تضمنت أزواجا من الدلافين تمت ملاحظتها فقط على السطح.
على الرغم من ذلك، أظهرت دراسة أجريت عام 2007 اختفاءا كاملا للراحة على السطح لمدة شهرين على الأقل بعد ولادة الدلافين عجولها، وعلى الرغم من أن الأم أو العجول قد تم ملاحظتهم أحيانا بعين مغلقة، فقد يعني هذا أن أمهات الدلافين والعجول ينخرطون في نوم عميق في الأشهر الأولى بعد الولادة، ولكن ذلك لفترات قصيرة فقط، ولذلك يبدو أنه في وقت مبكر من حياة الدلافين لا تحصل الأمهات أو العجول على قسط كاف من النوم.
تستطيع الدلافين البقاء في حالة يقظة لمدة 15 يوما على الأقل :
كما ذكر أعلاه، يسمح النوم نصف الدماغ الأحادي أيضا للدلافين بمراقبة بيئتها بإستمرار، وأظهرت دراسة نشرها بريان برانستيتر وزملاؤه في عام 2012 أن الدلافين يمكن أن تظل متيقظة لمدة تصل إلى 15 يوما، واشتملت هذه الدراسة في البداية على أنثى أحد الدلافين تدعى ساي و ذكر يدعى ناي، وقد تم تعليمهم كيفية تحديد الموقع بالصدى للعثور على أهداف في أسرها، وعندما حددوا الهدف بشكل صحيح تمت مكافأتهم، وبمجرد إنتهاء التدريب اليومي، طلب من الدلافين تحديد الأهداف على مدى فترات زمنية أطول، وخلال إحدى الدراسات، قاموا بالمهام لمدة 5 أيام متواصلة بدقة إستثنائية، وكانت أنثى الدلافين أكثر دقة من الذكر وقد علق الباحثون في دراستهم بأنهم ظنوا ذاتيا أن هذا مرتبط بالشخصية ، حيث بدأت ساي أكثر حماسا للمشاركة في الدراسة.
تم استخدام أنثى الدلفين ساي لاحقا لدراسة أطول وتم التخطيط لها لمدة 30 يوما ولكن تم التوقف بسبب عاصفة وشيكة، ومع ذلك، وقبل إنتهاء الدراسة، حددت ساي بدقة الأهداف لمدة 15 يوما، موضحة أنها يمكن أن تؤدي هذا النشاط لفترة طويلة من الزمن دون إنقطاع، وكان يعتقد أن هذا يرجع إلى قدرتها في الحصول على الراحة من خلال النوم نصف الدماغي الأحادي مع الإستمرار في التركيز على المهمة التي كانت بحاجة لأدائها، وقد اقترح الباحثون أنه يجب إجراء تجربة مماثلة أثناء تسجيل نشاط دماغ الدلافين أيضا أثناء تنفيذ المهام لمعرفة ما إذا كانت الدلافين تنام.
النوم نصف الدماغي في الحيوانات الأخرى :
قد لوحظ النوم نصف الدماغي الأحادي أيضا في الحيتانيات الأخرى (مثل حيتان البالين)، بالإضافة إلى خراف البحر، وبعض الحيوانات زعنفيات الأقدام، والطيور، وقد يوفر هذا النوع من النوم الأمل للبشر الذين يعانون من صعوبات في النوم، ويبدو سلوك النوم هذا مدهشا بالنسبة للبشر الذين اعتادوا ويحتاجون عادة أن يقعوا في حالة من اللاوعي لعدة ساعات كل يوم لإستعادة أدمغتهم وأجسادهم، ولكن، كما جاء في الدراسة التي أجراها برانستتر وزملاؤه، إذا كانت الدلافين تنام مثل الحيوانات الأرضية فقد تغرق، وإذا فشلت الدلافين في الحفاظ على اليقظة، فإنها تصبح عرضة للإفتراس، ونتيجة لذلك، من المحتمل أن تكون القدرات التي تمتلكها هذه الحيوانات طبيعية تماما وغير مذهلة وضرورية من أجل البقاء من منظور الدلافين.