وفقا لدراسة إحصائية جديدة، كان الجنس البشري وليس تغير المناخ هو القوة الدافعة وراء إنقراض عمالقة ما قبل التاريخ مثل الماموث الصوفي والنمر ذو أسنان السيف، ولعقود حتى الآن، ناقش العلماء سبب إنقراض عمالقة ما قبل التاريخ مثل الماموث الصوفي، ووحيد القرن الصوفي، والنمر ذو أسنان السيف والأرماديلو العملاقة بين 80،000 و10000 عام مضت، وتم تقديم تغير المناخ وتفشي الأمراض على نطاق الأنواع وحتى تأثير الكويكبات الضخم كأسباب محتملة لاختفائهم، ولكن الأدلة الجديدة تلقي غالبية اللوم على مصدر واحد وهو البشر.
فقد أجرى باحثون تحليلًا إحصائيًا شاملاً أشار إلى بيانات المناخ القديم والهجرة البشرية مع تواريخ الإنقراض المشتبه بها لأنواع مختلفة من "الحيوانات الضخمة" والمجموعة ضمت أسماء ثدييات ضخمة جابت الكوكب ذات مرة وأظهرت النتائج أنه في حين لعب المناخ بالتأكيد دورًا في اختفاء مخلوقات مثل الماموث الصوفي، إلا أنه لم يتم القضاء عليها تمامًا حتى غزا البشر عشبهم.
وكانت هذه الأبحاث بمثابة مسمار في نعش هذا النقاش الذي دام 50 عامًا وقد كان البشر السبب الرئيسي لانقراض الحيوانات الضخمة، وما لا نعرفه هو ما كان حول هؤلاء المستوطنين الأوائل الذين تسببوا في هذا الزوال فهل كانوا يقتلونهم من أجل الطعام، أم كانوا يقومون باستخدامهم مبكرًا للنار أم طردوا من مواطنهم، في الواقع لا يميز التحليل السبب الحقيقي، ولكن يمكننا القول إنه سببه النشاط البشري أكثر من تغير المناخ وهذا بدوره يكشف أسطورة البشر الأوائل الذين يعيشون في وئام مع الطبيعة.
وكافح الباحثون منذ فترة طويلة لشرح الظروف الخاصة لإنقراض الحيوانات الضخمة التي حدثت خلال العصر البليستوسيني المتأخر وعصر الهولوسين المبكر وهو حدث يعرف باسم الإنقراض الرباعي، ففي حين اختفى العديد من المخلوقات الأرضية الكبيرة على كوكب الأرض في فترة سبعين ألف عام فقط في غمضة عين من الناحية الجيولوجية، حدثت حالات الإختفاء في فترات مختلفة في كل قارة، ومن الأمور الغريبة أنه لم تحدث الإنقراضات الجماعية المماثلة بين الحيوانات الصغيرة أو الحياة البحرية.
وفي السنوات الأخيرة، تركز الجدل حول سبب عملية الإعدام الغامضة إلى حد كبير على التدخل البشري وتغير المناخ، ويجادل أنصار نظرية المناخ بأن الإرتفاعات السريعة في درجة الحرارة دفعت الحيوانات إلى الإنقراض من خلال تحويل موطنها وخفض إمداداتها الغذائية، ويشير علماء آخرون بأصابع الاتهام إلى البشر في العصر الجليدي، الذين ربما يكونون قد تفوقوا على الحيوانات للحصول على الموارد أو قتلوهم بالصيد وهي فكرة تعرف باسم "فرضية الإفراط"، ومن المقبول على نطاق واسع أن المستعمرين البشريين الأوائل قادوا طيور موا الضخمة في نيوزيلندا إلى الإنقراض، واكتشف علماء الأنثروبولوجيا بقايا أكثر من اثني عشر من أباطيل أمريكا الشمالية والماموث الذين يبدو أنهم قتلوا على أيدي صائدي ما قبل التاريخ.
واستخدم الباحثون في الدراسة الجديدة السجلات الأحفورية ومراجعات الأدبيات وعمليات إعادة البناء المناخية عالية الدقة للحصول على صورة أوضح لكيفية ظهور المناخ والإستعمار البشري في الإنقراض الضخم، ولمراعاة التناقضات في المواعدة، استخدم الفريق نمذجة الكمبيوتر لتكرار التحليل على مدى 1000 سيناريوهات انقراض مختلفة، وأظهرت النتائج أن الإنقراضات اتبعت نمطًا يتطابق بشكل وثيق مع الهجرة البشرية في جميع أنحاء العالم، مما يشير إلى أن البشرية ربما كان لها دور مركزي في زوال المخلوقات كما أنه لعب تغير المناخ دورًا أيضًا، ولكن وفقًا للباحثين، كان تأثيره أقل وضوحًا وتكشف على مدى فترة زمنية أطول بكثير.
وتشير النماذج أيضًا إلى اختلاف التأثير البشري على معدلات الإنقراض من مكان إلى آخر، ففي الموائل الصغيرة والمعزولة مثل الجزر، تميل حالات الوفاة الضخمة إلى الذروة في حوالي 8000 سنة بعد وصول البشر وفي القارات، استغرقت العملية وقتًا أطول بكثير، من 10000 إلى 12000 سنة، ويقول الباحثون إن المحاكاة الخاصة بهم أثبتت أنها أقل موثوقية بالنسبة لآسيا القارية، حيث لا يبدو أن العوامل البشرية أو المناخية تسببت في انقراضات واسعة النطاق، وفي حين أن كل النماذج فسرت جيدًا توقيت ومدى الإنقراضات لمعظم دول العالم، إلا أن البر الرئيسي لآسيا لا يزال لغزًا، وبحسب السجل الأحفوري، عانت تلك المنطقة من معدلات انقراض منخفضة للغاية وإن فهم السبب وراء مرونة الحيوانات الضخمة في البر الرئيسي لآسيا هو السؤال الكبير التالي.
أما عن الدراسة الجديدة ليست سوى الفصل الأخير في الجدل الدائر حول الإنقراض الجماعي الضخم حيث تم نشر ورقة بحثية توصلوا من خلالها إلى نتائج مختلفة تمامًا عن الدور الذي لعبه البشر وتغير المناخ في حالات الوفاة، وقد قارنت هذه الدراسة بين الحمض النووي القديم وبيانات الكربون المشع مقابل السجلات الجيولوجية لمناخ العصر البليستوسيني المتأخر وخلصت إلى أن درجات الحرارة السريعة الإحترار وليس البشر كانت القوة الدافعة في القضاء على الماموث الصوفي وإخوانه المتضخمين.