الهدهد من الطيور الملونة الجميلة التي تعيش في جميع أنحاء إفريقيا وآسيا وأوروبا، ويشتهر طائر الهدهد بالتاج الريشي المميز، وتم التعرف على ثلاثة أنواع حية وواحد منقرض من طيور الهدهد، على الرغم من أنه لسنوات عديدة تم تجميع جميع الأنواع الموجودة كنوع واحد، وفي الواقع، لا يزال بعض خبراء التصنيف يعتبرون الأنواع الثلاثة جميعها محددة، وتحافظ بعض السلطات أيضا على الهدهد الأفريقي والأوروبي الآسيوي معا، ولكنها فصلت هدهد مدغشقر.
أنواع الهدهد :
كان الهدهد يعتبر في السابق نوعا واحدا، ولكن تم تقسيمه مؤخراً إلى ثلاثة أنواع منفصلة، الهدهد الأوراسي، وهدهد مدغشقر والهدهد الأفريقي المقيم، وعاش أحد الأنواع المنفصلة المقبولة وهو الهدهد سانت هيلينا، في جزيرة سانت هيلينا لكنه انقرض في القرن السادس عشر ويفترض أن ذلك يرجع إلى الأنواع الغازية.
موطن وموئل الهدهد :
الهدهد منتشر على نطاق واسع في أوروبا وآسيا وشمال إفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ومدغشقر، وتهاجر معظم الطيور في أوروبا وشمال آسيا إلى المناطق الإستوائية في الشتاء، وفي المقابل، فإن السكان الأفارقة مستقرين طوال العام، وكانت الأنواع متشردة في ألاسكا، ومن المعروف أن الهدهد يتكاثر شمال مجموعته الأوروبية، وفي جنوب إنجلترا خلال فصول الصيف الدافئة والجافة التي توفر الكثير من الجنادب والحشرات المماثلة، على الرغم من أنه اعتبارا من أوائل الثمانينيات تم الإبلاغ عن انخفاض أعداد سكان شمال أوروبا ربما بسبب التغيرات في المناخ.
الهدهد له مطلبان أساسيان في موطنه، أرض جرداء أو مغطاة بنباتات خفيفة يمكن أن يتغذى عليها وأسطح رأسية بها تجاويف (مثل الأشجار أو المنحدرات أو حتى الجدران وصناديق العش وأكوام القش والجحور المهجورة) التي يعشش فيها، ويمكن توفير هذه المتطلبات في مجموعة واسعة من النظم البيئية، ونتيجة لذلك، يسكن الهدهد مجموعة واسعة من الموائل مثل الأراضي الصحراوية والسهول المشجرة والسافانا والمراعي وكذلك مساحات الغابات، وتستخدم الأنواع الفرعية في مدغشقر أيضا غابات أولية أكثر كثافة.
وأدى تعديل الموائل الطبيعية من قبل البشر لأغراض زراعية مختلفة إلى إنتشار الهدهد في بساتين الزيتون والبساتين وكروم العنب والحدائق والأراضي الزراعية، وعلى الرغم من أنها أقل شيوعا وتتراجع في مناطق الإستزراع المكثف، يعتبر الصيد مصدر قلق في جنوب أوروبا وآسيا، ويقوم الهدهد بحركات موسمية استجابة للأمطار في بعض المناطق مثل سيلان وغاتس الغربية، وشوهدت الطيور على ارتفاعات عالية أثناء الهجرة عبر جبال الهيمالايا، وتم تسجيل إحداها على ارتفاع 6400 م تقريبا بواسطة أول رحلة استكشافية لجبل إيفرست.
سلوك وبيئة الهدهد :
في ما كان يعتقد منذ فترة طويلة أنه وضع دفاعي، حيث يتشمس الهدهد من خلال فرد أجنحته وذيله على الأرض وإمالة رأسها لأعلى، وغالبا ما يطوي أجنحته ويفتحه في منتصف الطريق، ويستمتع أيضا بأخذ حمامات الغبار والرمل، وقد يبدأ الهدهد البالغ في طرح الريش بعد موسم التكاثر ويستمر بعد هجرته لفصل الشتاء.
الهدهد والنظام الغذائي :
يتكون النظام الغذائي للهدهد في الغالب من الحشرات، على الرغم من أن الزواحف الصغيرة والضفادع والمواد النباتية مثل البذور والتوت تؤكل أحيانا أيضا، وهو علف وحيد يتغذى عادة على الأرض، ونادرا ما يتغذى في الهواء، حيث تجعله أجنحته القوية والمستديرة سريعة والقادرة على المناورة بحثا عن حشود عديدة من الحشرات.
والأكثر شيوعا أن أسلوبه في البحث عن الطعام هو السير فوق أرض مفتوحة نسبيا والتوقف بشكل دوري لإستكشاف الأرض بمنقاره الطويل، ويتم الكشف عن يرقات الحشرات والشرانق وصراصير الخلد بواسطة المنقار ويتم استخراجها أيضا من الحفر بأقدامه القوية، وسيتغذى الهدهد أيضا على الحشرات الموجودة على السطح، ويبحث في أكوام الأوراق، بل ويستخدم المنقار لرفع الأحجار الكبيرة وتقشير اللحاء.
وتشمل عناصر النظام الغذائي الشائعة الصراصير والجراد والخنافس وأبو مقص والزيز وأسود النمل والبق والنمل، ويمكن أن يتراوح طولها من 10 إلى 150 ملم، مع حجم فرائس مفضل يتراوح بين 20 و 30 ملم، ويتم ضرب الهدهد للعناصر الكبيرة من الفريسة على الأرض أو باستخدام حجر مفضل لقتلها وإزالة أجزاء الجسم غير القابلة للهضم مثل الأجنحة والساقين.
تكاثر الهدهد :
الهدهد أحادي الزواج، على الرغم من أن الرابطة الزوجية على ما يبدو تدوم فقط لموسم واحد، وهو أيضا إقليمي، وكثيرا ما يدعو الذكر للإعلان عن ملكيته للمنطقة، وتعد المطاردة والمعارك بين الذكور المتنافسين (وأحيانا الإناث) شائعة ويمكن أن تكون وحشية، وستحاول الطيور طعن المنافسين بمناقيها، وفي بعض الأحيان يصاب الأفراد بالعمى في المعارك، ويكون العش في حفرة في شجرة أو جدار وله مدخل ضيق، وقد تكون غير مبطنة، أو يمكن جمع قصاصات مختلفة.
وأنثى الهدهد وحدها هي المسؤولة عن تفريخ البيض، ويختلف حجم القابضة بإختلاف الموقع، حيث تضع طيور نصف الكرة الشمالي بيضا أكثر من تلك الموجودة في نصف الكرة الجنوبي، والطيور في خطوط العرض الأعلى لديها قوابض أكبر من تلك الأقرب إلى خط الإستواء، ويبلغ حجم القابضة في وسط وشمال أوروبا وآسيا حوالي 12 بيضة، بينما يبلغ حجم القابضة أربعة بيضات في المناطق الإستوائية، وسبعة بيضات في المناطق شبه الإستوائية، ويكون البيض مستديرا ولونه أزرق حليبي عند وضعه، ولكن يتغير لونه بسرعة في العش المتسخ بشكل متزايد، ويزن 4.5 جرام، ومن الممكن استبدال القابض.
الهدهد لديه دفاعات متطورة ضد الحيوانات المفترسة في العش، ويتم تعديل الغدة البولية للأنثى المحتضنة والحاضنة بسرعة لإنتاج سائل كريه الرائحة، كما أن غدد الفرخ تفعل ذلك أيضا، وتفرك هذه الإفرازات في الريش، ويعتقد أن الإفراز الذي تنبعث منه رائحة اللحم المتعفن يساعد في ردع الحيوانات المفترسة وكذلك ردع الطفيليات وربما يعمل كعامل مضاد للبكتيريا، وتتوقف الإفرازات قبل وقت قصير من مغادرة الصغار للعش، ومن سن ستة أيام، يمكن للفراخ أيضا توجيه فيضان من البراز إلى المتسللين، وسوف تصدر صوت هسيس عليهم بطريقة تشبه الثعابين، كما يضرب الصغار بمنقارهم أو بجناح واحد.
تتراوح فترة الحضانة للأنواع ما بين 15 و 18 يوما، وخلال هذه الفترة يغذي ذكر الهدهد الأنثى، وتبدأ الحضانة بمجرد وضع البيضة الأولى، ولذلك تولد الكتاكيت بشكل غير متزامن، وتخرج الكتاكيت من البيض بغطاء من الريش الناعم، وبحلول اليوم الثالث إلى الخامس يظهر الريش الذي سيصبح ريشا بالغا، وتقوم أنثى الهدهد بتربية الكتاكيت لمدة تتراوح بين 9 و 14 يوما، وتنضم الأنثى فيما بعد إلى الذكر في مهمة إحضار الطعام، وتصبح الصغار لديها ريش كامل في 26 إلى 29 يوما وتبقى مع الوالدين لمدة أسبوع إضافي.
علاقة الهدهد بالبشر :
* يشمل النظام الغذائي للهدهد العديد من الأنواع التي يعتبرها البشر آفات مثل عذارى العثة، وهي آفة غابات ضارة، ولهذا السبب يتم منح الأنواع الحماية بموجب القانون في العديد من البلدان.
* الهدهد طيور مميزة ولها تأثير ثقافي على كثير من مداها، وكانت هذه الطيور يقدرها المصريون في مصر القديمة، وصورت على جدران المقابر والمعابد في المملكة القديمة، وتم استخدام الهدهد في الأيقونات كرمز للإشارة إلى أن الطفل هو وريث وخليفة والده، ولقد حققوا مكانة مماثلة في مينوان كريت.
* كان ينظر إلى الهدهد على أنه لص في معظم أنحاء أوروبا، وينذر بالحرب في الدول الإسكندنافية، ويعتقد أن أغنيته تنذر بالموت لكثير من الناس أو الماشية، وفي طقوس السحر في العصور الوسطى كان يعتقد أن الهدهد طائر شرير.
* في المغرب يتم تداول الهدهد الحي كمنتجات طبية في الأسواق وخاصة في متاجر الأعشاب، وهذه التجارة غير منظمة وتشكل تهديدا محتملا للسكان المحليين.