مالكوم اكس هو ذلك المناضل الامريكي ، المعروف ايضا باسم مالكوم ليتل ، وعرف ايضا باسم الحاج مالك شاباز ، كان مالكوم اكس شخصية بارزة خلال عهد الحقوق المدنية ، وذلك بتقديم وجهة نظر بديلة لحركة الحقوق المدنية ، فقد دعا مالكوم اكس لشيئين اولهما اقامة مجتمع منفصل للسود ، واستخدام العنف في الدفاع عن النفس بدلا من اللاعنف ، فالفكر المتصلب العنيد للرجل الابيض قد اخاف المجتمع الابيض نفسه .
بعد ان غادر مالكوم اكس حركة امة الاسلام ، فكان هو المتحدث باسمها وهو قائدها ، كانت رسالته مصدر فخر لكل السود ، حتي بعد اغتياله في عام 1965 ، استكملوا مسيرته الذاتية لنشر افكاره .
حياة مالكوم اكس المبكرة :
ولد مالكوم اكس المعروف وقتها بمالكوم ليتل في 19 مايو عام 1925 في مدينة اوماها، ولاية نبراسكا ، لابوان يدعان ايرل و لويز ليتل ، وكان ترتيب مالكوم اكس هو الرابع من ضمن ستة اطفال ، وكان لوالد مالكوم ثلاثة اطفال اخرين من زوجته الاولي .
عندما كان طفلا، كان مالكوم يحضر الكثير من الاجتماعات الخاصة بمنظمة الوحدة الافروامريكية مع والده، فكان والده في ذلك الوقت ناشطا سياسيا في اكبر منظمة للسود ، تحدى إيرل ليتل المعايير الاجتماعية في ذلك الوقت ، ورفض ان يعُامل السود معاملة العبيد ، وعندما بدأ في جذب انتباه كو كلوكس كلان الذي كان وقتها يرأس منظمة عنصرية ضد السود ، ذهب هو وعائلته الي حي البيض في لانسينغ ، ميشيغان ، وقتها اعترض الجيران علي تواجدهم وسطهم ، وفي 8 نوفمبر 1929 قام مجموعة من العنصريين البيض بحرق منزلهم ، ولكن تمكن مالكوم وعائلته من الهروب ، فقد واجه ايرل ليتل الكثير من التهديدات ، وعلي الرغم من خطورتها عليه هو واسرته الا انه لم يتخلي يوما عن معتقداته وهذا بالفعل ما كلفه حياته .
مقتل والد مالكوم اكس :
في حين ان تفاصيل وفاة مالكوم اكس لا تزال غير مؤكدة حتي الان ، ولكن من المؤكد ان إيرل اغتيل في 28 سبتمبر 1931 ، وكان مالكوم عمره ست سنوات فقط ، ويقُال ان جماعة عنصرية بيضاء قاموا بقتل والد مالكوم اكس وضربه بوحشية ، والقوا به بعد ذلك علي طريق العربات التي دهسته حتي فارق الحياة ، كان ايرل قد اشتري قبل قتله بوليصة تأمين علي حياته ، ولكن لسوء الحظ اعتبرت شركة التامين ان وفاته كانت انتحارا ورفضت دفع قيمة التامين .
حاولت بعدها لويز ليتل ان تبحث عن عمل لكي تنفق علي اولادها ولكنها لم تستطع ، اصبحت الامور صعبة في المنزل الصغير، حيث كان هناك ستة اطفال والقليل جدا من المال و الطعام ، وبدأ العبء يثقل علي الام مما جعلها تظهر عليها علامات الخلل العقلي ، وفي عام 1939، دخلت لويز إلى مستشفى للامراض العقلية في كالامازو .
بعدها تم تقسيم مالكوم وإخوته علي بيوت مختلفة حيث كانوا تحت رعاية الدولة ، وكان مالكوم هو اول من ذهب ، وكان يبلغ وقتها الثالثة عشر من عمره ، وعلي الرغم من حياته الغير مستقرة الا انه استطاع ان يكون ناجحا في المدرسة ، علي عكس كل الاطفال الذين كانوا معه الذين تم ارسالهم الي الاصلاحية ، ونتيجة لتفوقه هذا فقد سمحوا له الذهاب الي مدارس ماسون الاعدادية ، وهناك حصل مالكوم اكس علي اعلي الدرجات حتي انه تفوق علي زملائه البيض ، ولكن دائما كان استاذه يخبره انه لا يستطيع ان يصبح محاميا ولكنه بدلا من ذلك يمكن ان يصبح نجارا وذلك لتحطيمه نفسيا ومعنويا ، وكثيرا ما شعر مالكوم اكس بالانزعاج تجاه هذه التعليقات السخيفة .
المخدرات والجريمة :
عندما قابل مالكوم اكس اخته الغير شقيقة ، ايللا ، وللمرة الاولي شعر انه يمكنه التغير ، كانت ايلا امرأة شابة تعيش في بوسطن في ذلك الوقت ، وكانت واثقة من نفسها كثيرا وناجحة ، وعندما سئلها مالكولم ان يأتي ويعيش معها، وافقت ايلا علي الفور .
في عام 1941، بعد ان انهي الصف الثامن، انتقل مالكوم اكس من لانسينغ إلى بوسطن ، للعيش مع شقيقته ، وبينما كان يستكشف المدينة، قام مالكولم بمصادقة محتال يدعى جارفيس، الذي كان قادما ايضا من لانسينغ، ولم يمر وقت طويل حتي حصل مالكوم على وظيفة تلميع الاحذية في قاعة روزلاند .
وسرعان ما علم مالكوم ان زبائنه لا تحتاج فقط تلميع الاحذية وانما يأملون ايضا ان يوفر مالكوم لهم الماريجوانا ، ولم يمض وقت طويل حتي قام مالكوم ببيع المخدرات بدلا من تلميع الاحذية ، كما انه بدأ في شرب السجائر، وشرب الخمور، والمقامرة، وتعاطي المخدرات .
ومع تصاعد السلوك الاجرامي له ، القي القبض على مالكولم في فبراير 1946 بتهمة السرقة وحكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات في السجن وارسل إلى سجن الدولة شارلستون في بوسطن .
وقت السجن :
في اواخر عام 1948، تم نقل مالكوم إلى سجن في نورفولك، ماساتشوستس، حينها قام شقيق مالكوم ريجنالد بتقديمه الي وحدة الامة الاسلامية ، ووحدة الامة الاسلامية تأسست في عام 1930 علي يد والاس فارد ، كانت هذه الحركة منظمة للمسلمين السود ، والتي اعتقدت ان السود متفوقين علي البيض ، وكان هدفها الاساسي تدمير العرق الابيض .
وبحلول عام 1949، قرر مالكوم اكس الانضمام إلى وحدة امة الإسلام، ولكن الامر كان يتطلب طهارة الجسم ، والقضاء علي عادة المخدرات نهائيا ، وفي عام 1952، اصبح مالكوم اكس تابعا مخلصا لهذه الحركة وكاتبا بارعا ، وبدأت حياته في التغيير .
مالكوم اكس يصبح ناشطا :
وبعد خروج مالكوم اكس من السجن، انتقل مالكوم إلى ديترويت، وبدأ الانضمام لامة الإسلام ، فكان اليجا محمد، هو زعيم تنظيم امة الإسلام في هذا الوقت ، فكان بمثابة معلم لمالكوم ، وملء فراغ وفاة والده إيرل ، كان مالكوم اكس صاحب كاريزمية وعاطفي للغاية ، وارتفعت مكانة مالكوم اكس بسرعة في تنظيم امة الإسلام، ليصبح وزيرا لهذا التنظيم في معبد في هارلم في يونيو 1954 ، وعلي الصعيد الاخر اصبح مالكوم اكس صحفي بارع ، وكتب عدة مطبوعات قبل ان يأسس جريدة تابعة لتنظيم امة الإسلام .
بينما كان يعمل وزيرا للتنظيم ، لاحظ مالكوم اكس ممرضة شابة تدعى بيتي ساندرز كانت تحضر محاضراته ، وتزوج كل من مالكولم وبيتي في 14 يناير كانون الثاني 1958، وانجب منها اربع بنات .
امريكا تواجه مالكوم اكس :
مالكولم اكس سرعان ما اصبح شخصية واضحة في تنظيم امة الإسلام، واستطاع ان يوصل اهتمامه الوطني من خلال شاشات التليفزيون ، فظهر كمتحدث رسمي باسم حركة امة الاسلام ، فكانت شخصية مالكوم اكس حيوية وساحرة في نفس الوقت ، وسرعان ما اصبح شخصية وطنية ، والذي بث الكثير من القلق للمجتمع الابيض الامريكي ، فوجهات نظره الغير مستقرة وتحريضه علي العنف الجماعي ضد البيض اثارت كثيرا انتباه مكتب التحقيقات الفيدرالي ، فبدأت الحكومة ان تتصنت علي هاتفه، وزرعت الجواسيس داخل التنظيم .
الامور تزداد سوءا :
بدأت العديد من المشاكل داخل وحدة الامة الاسلامية ، حيث شعر الاعضاء الاخرين في التنظيم بالغيرة من مالكوم اكس ، وبدأوا ان يلمحوا الي ان مالكوم يسعي لاخذ منصب اليجا محمد ، وبدأت الامور تزداد سوءا خاصة بعد اغتيال الرئيس جون كينيدي في 22 نوفمبر 1963، وذلك لان رئيس التنظيم اليجا محمد طالب جميع الاعضاء بالتزام الصمت بشان اغتياله ، ولكن مالكوم اكس لم يستمع له ، وقام بالعديد من التصريحات عن موته ، مما جعل رئيس التنظيم اليجا محمد يجمد عضويته في التنظيم لمدة 90 يوما ، قبل مالكوم اكس بهذه العقوبة ، ولكنه سرعان ما اكتشف ان اليجا محمد يريد دفعه خارج التنظيم كله ، وبالفعل نتيجة الكثير من الضغوط الداخلية والخارجية ، وتحديدا في مارس 1964 ، اعلن مالكوم اكس انفصاله وتركه لحركة امة الاسلام .
العودة إلى الإسلام :
بعد خروجه من حركة امة الإسلام في عام 1964، قرر مالكوم اكس بدء حياة جديدة ، واسس منظمته الدينية الخاصة، وانشأ مؤسسة المسجد الاسلامي ، وتحول مالكوم اكس إلى العقيدة الاصلامية الصحيحة ، ففي ابريل 1964، سافر إلى مكة المكرمة في المملكة العربية السعودية لاداء فريضة الحج ، واكتشف وقتها ان الاسلام ليس دين الرجل الاسود فقط كما كان يعتقد بل هو دين لكل البشرية ، وقرر إعادة التفكير في الكثير من المواقف ، وقرر إعطاء الاولوية للإيمان اكثر من لون البشرة ، وقام بالتالي لتغيير اسمه مرة اخري ليصبح الحاج مالك شاباز .
اغتيال مالكوم اكس :
كل فلسفة مالكوم اكس تغيرت بشكل كبير، وهذا بالفعل جلب له انسجاما اكثر مع تعميم حركة الحقوق المدنية التي كان يحاول نشرها ، ورأت حركة امة الاسلام ان مالكوم اكس قد خان الحركة عندما ناقش علنا زنا اليجا محمد وانجابه اولاد غير شرعيين ، واصبحوا اعداء ، وفي 14 فبراير 1965، القيت قنبلة حارقة في منزل مالكوم إكس بنيويورك ، ويعتقد ان تنظيم امة الاسلام هو المسؤل عن ذلك .
لم يتأثر مالكوم اكس بهذا ، وقام بالعديد من التحديات ، فالقي خطابا في نيويورك في قاعة اودوبون في هارلم في 21 فبراير 1965 ، وكان هذا آخر خطاب لمالكولم إكس ، وبينما كان مالكوم اكس على المنصة ، و في وسط حشد كبير ، كانت هناك ضجة كبيرة فبينما كان الجميع يركز علي هذه الضجة ، قام اعضاء من حركة امة الاسلام باطلاق النار علي مالكوم اكس ، اطلقوا عليه خمسة عشر رصاصة ، مما اسفر عن مقتله ، وتوفي قبل وصوله الي المستشفي .
اعتقلت الشرطة تالمادج هاير في مكان الحادث بتهمة اطلاق النيران علي مالكوم اكس ، وقبضوا علي رجلين آخرين بعد فترة وجيزة ، كل من الثلاثة ادينو بقتله ؛ ومع ذلك، فإن الكثيرين يعتقدون ان الرجلين الآخرين غير مذنبين .
كلمة اخيرة :
في شهر قبل وفاة مالكوم اكس ، املي سيرته الذاتية للمؤلف اليكس هالي وهو من اصل إفريقي، وتم نشرها في عام 1965، بعد اشهر فقط من اغتيال مالكوم إكس ، خلال سيرته الذاتية واصل مالكوم اكس في روي رحلة كفاحه ، كان مالكوم اكس صاحب صوت قوي ، وكان مصدر الهام لمجتمع السود ودافع خلال حياته عن حقوقهم ، ومن بعد وفاته استخدم الكثير من السود تعاليمه لتأسيس منظماتهم .