قصة التاجر والخادم الملكي من قصص الاطفال الشيقة التي تعلم اطفالنا ان الاحترام طريقة راقية للتعامل مع الاخرين ، فتحكي هذه القصة" انه في ذات الايام في مدينة تدعي فردهامانا ، عاش تاجر ثري جدا ، وكان ملك المدينة يدرك قدراته، وبالتالي جعله هو المسؤول عن المملكة ، فكان يتميز هذا التاجر بطرقه الفعالة والذكية، ولكنه احتفظ ايضا بشخصية الرجل العادي السعيد ، فقد اعجب الملك على الجانب الآخر بشخصيته التي ابقت جميع من حوله سعداء ايضا .
وفي يوم من تلك الايام ، جاء حفل زواج ابنة التاجر ، وبالفعل رتب التاجر استقبال فخم لكل من الملك والملكة ودعا ايضا الاسرة المالكة باكملها الي الحفل وعامل كل من بالمملكة باحترام ، وخلال هذا الاستقبال ، ضمن التاجر علي ان يوفر ما يحتاجوه ضيوفه وقدم ايضا الهدايا للضيوف ليبين مدي احترامه لقبول دعوته علي حفل زفاف ابنته ، ولكن كان ضمن هؤلاء الضيوف خادم من الاسرة المالكة ، لم يكن هذا الخادم مدعوا الي حفل الزفاف هذا ، واخذ مقعدا كان محجوزا في الاصل لاحد نبلاء الاسرة المالكة ، مما اثار غضب التاجر وجعله يقوم بمسكه بطريقة غير لائقة ، وعلي الفور طلب من خدامه ان يتخلصوا منه خارج الحفل .
رأي الخادم الملكي هذا التصرف إهانة كبيرة له ، ولم يستطع النوم طوال الليل ، ووقتها شعر بانه يريد الانتقام من هذا التاجر باي شكل ، ولكن اخذ يفكر ماذا يمكنه ان يفعل لكي يقوم بايذاء شخص قوي مثله ، واخذ يفكر حتي جاءت في رأسه فجاة خطة للانتقام من التاجر .
وبعد عدة ايام، كان ذلك الخادم ينظف الارض قرب سرير الملك في الصباح الباكر ، ولاحظ ان الملك كان لا يزال في السرير، ونصف مستيقظا ، وهنا بدأ خطته ، فبدأ الخادم في الغمغمة قائلا " كيف يجرؤ هذا التاجر علي معانقة الملكة بهذا الشكل ، الملك ياله من شخص مسكين لانه يحب ويقدر شخص مثله " .
فلما سمع الملك هذا قفز من علي سريره واخذ يسأل الخادم قائلا "هل هذا صحيح ، هل شاهدت التاجر وهو يقوم باحتضان الملكة بنفسك " ، وهنا تراجع الخادم عند قدمي الملك قائلا " يا سيدي ، انا فقط اشعر بالنعاس لانني لم انم الليلة الماضية، وانا لا اعرف ماذا كنت اغمغم من الاساس، ولكني اذا قلت شيئا غير لائق، اطلب من جلالتك ان تغفر لي " .
لم يتحدث الملك بكلمة بعد ذلك ، ولكن الخادم عرف جيدا انه قد زرع بذور عدم الثقة بداخل الملك ناحية التاجر ، وبالفعل فكر الملك ، انه يمكن لذلك ان يكون صحيحا ، فالخادم يتحرك حول القصر بحرية، وهكذا يفعل التاجر ، ومن الممكن والمنطقي ان يكون الخادم قد شاهد شيئا .
وهنا شعر الملك بالاضطراب الشديد مع الغيرة ، وقرر انه من اليوم فصاعدا، سوف يقوم بسحب كل اختصاصات التاجر ، حتى انه امر بعدم دخوله الي القصر، وفي احد الايام، عندما حاول التاجر الدخول الي بوابة القصر، تم ايقافه من قبل الحراس ، وكان التاجر لا يفهم ماذا حدث وما هو سبب هذا التغيير المفاجئ الذي جعل موقف الملك بهذا الشكل ، وفي نفس التوقيت كان الخادم المنتقم في مكان قريب، وصاح ساخرا على الحراس " ايها الحرس اقبضوا علي هذا التاجر واعتقلوه او حتي تخلصوا منه كما فعل معي في زفاف ابنته " ، واخذ قائلا للتاجر "حذار ان تفعل شيئا مثل هذا ثانية فقد تعاني يوما ما من نفس المصير .
عند سماع التاجر لهذا الكلام ، ايقن ان الخادم قد تسبب في كل هذه المشاكل بطريقة او باخرى ، وشعر حينها بالاكتئاب الشديد ، وعاد وصدره ملئ بالضيق بسبب هذا الحادث .
وبعدما فكر التاجر في كل شيء حدث ، قام بدعوة الخادم الملكي إلى منزله ، وعامل الخادم هذه المرة بكل التقدير والاحترام، وقام باعطاؤه الكثير من الهدايا والملابس الجاهزة ، وقال التاجر له بلطف "يا صديقي، في ذلك اليوم لم اكن اقصد طردك بسبب غضبي من وجودك ، وانما كان من غير اللائق منك ان تشغل مقعد مخصص لاحد نبلاء الاسرة المالكة ، فشعرت بالإهانة لهذا النبيل ، ولذلك طلبت منهم باخراجك بالاكراه ، ارجو منك ان تغفر لي هذا الخطأ " .
وقتها شعر الخادم بالفرح الشديد قائلا للتاجر " سيدي ،انا اغفر لك ، واعرب عن ندمه وعن تقديره واحترامه له" ، وطمأن الخادم التاجر بانه سيقوم باصلاح ما افسده وسيجعل الملك يرجع كما كان معه .
وفي وقت مبكر من صباح اليوم التالي، دخل الخادم غرفة الملك من جديد ، وكان الملك نصف مستيقظا ،وعندما جاءت الفرصة المناسبة ، بدأ العبد بالانتشار حول سرير الملك وبدأ بالغمغمة ثانية، قائلا "لدينا ملك مجنون، يأكل الخيار في المرحاض " ، عندما سمع الملك هذا جن جنونه ، ونهض غاضبا وصرخ في الخادم قائلا " ما هذا الهراء الذي تتحدث عنه ، لو لم تكن من الخدم الملكي، لكنت قمت بمعاقبتك معاقبة صارمة ،هل سبق لك ان رأيت شيء من هذا القبيل بنفسك ، وهنا انخفض الخادم مرة اخرى على ركبتيه قائلا للملك "يا جلالة الملك ، ارجوك اغفر لي إذا قلت شيئا غير لائق ، فانا العب القمار كل ليلة ولا انام جيدا واشعر بالنعاس الشديد وانا لا اعرف ما قمت بغمغمته للتو" .
وهنا اخذ الملك يفكر ويتكلم مع نفسه قائلا " انا لا أكل ابدا الخيار في المرحاض ، فما كان يتمتمه عني هذا غير صحيح بل ويبعث على السخرية ، ومما لا شك فيه ان ايضا الكلام الذي قاله عن التاجر كان غير صحيح ايضا ، وانه من غير اللائق إساءة معاملة التاجر ، وقال لنفسه كيف لي ان اعامله بسوء بعد كل ما كان يفعله في النظام الإداري كله، فانا من دونه لا استطيع ان ادير هذه المملكة " وهكذا، وبعد ان نظر الملك بعناية للامر ، دعا الملك التاجر إلى القصر وقدم له الهدايا والمجوهرات والملابس ،واعاد تعيين التاجر إلى منصبه ، وهنا القصة تعلمنا امرا واحدا وهو ان هناك علاج واحد لكل شيء، وهو معاملة جميع الاشخاص باحترام .