قصة الغراب والبوم من قصص الاطفال الاكثر تشويقا ، حيث تحكي انه " ذات مرة ، كانت كل الطيور بما فيهم البجع، والببغاوات، وطائر الوقواق، والبوم، والطاووس، وطيور الحمام وبقية الطيور الاخري ، قرروا ان يلتقوا ويجتمعوا كلهم لمناقشة موضوع ذو اهمية ، ولكن لسوء الحظ ، لم يحضر الغراب هذا الاجتماع ولم يستطيع الانضمام اليهم ، وباقي الطيور لم يستطيعوا انتظار الغراب كثيرا .
وبدأت الطيور المناقشة وبدأوا هذه المناقشة بالحديث عن ملك جميع الطيور واسمه جارودا ، فقد كان هذا الملك دائما ما يكون مشغولا عن رعاياه وليس لديه الوقت لاحد ولا يبذل عناء الاهتمام حتي بقومه ، وهنا حاول الطيور ان يتناقشون حول هذا الامر ، وكانوا يرون انه لا يوجد لزوم لوجوده ملك مالم يراعي مصالحهم ولا يستطيع حمايتهم ، واخذوا يتبادلون الحديث فيما بينهم قائلين " دعونا نقوم باختيار ملك فيما بيننا " ، وبدأوا في النظر حولهم ليجدوا بينهم ملك يستحق فعليا هذا اللقب .
وبينما هم ينظرون الي بعضهم البعض فجأة جاءت ملامح البومة لكي تجذب الجميع ، فتتميز البومة بملامحها القوية، وكانت هذه من ضمن ميزاتها الرائعة، والاهم من كل ذلك ان البومة يمكنها ان ترى في الليل، حيث ذلك سيساعدها علي حمايتهم ، واتفقوا وقتها ان تكون البومة الملك المسئول عنهم ، فجمعوا الجذور والمياه واعدوا العرش الفخم لكي يقوموا بتتويج البومة ملك عليهم ، فزينوا العرش بجلد النمر ، واخذوا يقومون بالهتاف ، في حين ان باقي الطيور يقرعون الطبول، ويغنون اغاني فرحة لهذا التتويج .
وكانت البومة مستعدة لكي تتوج بكل فخر، وفي اللحظة التي ذهبت فيها البومة على العرش لكي تتوج، وصل الغراب ، وسأل بفضول باقي الحاضرين ، " اسمحوا لي ان اعرف سبب هذا التجمع الكبير، وهذا الاحتفال الفخم" ، والغراب كان معروفا بالفعل لنباهته وذكاؤه ، وهنا قرر الطيور شرح الامر للغراب واخذ رأيه ، فقالت له الطيور، " يا غراب، الملك جارودا لم يعد لديه الوقت ليهتم بنا بعد الان ، لذلك ، قررنا ان ننتخب ملك اخر ، وقمنا باختيار البومة لتكون هي الملك الجديد ونحن بحاجة الي رأيك " .
هنا ابتسم الغراب واجابهم ، " في رأيي، سيكون من غير المجدي اذا قمتم بتتويج البومة لتكون هي ملكنا الجديد " ، وتابع الغراب شرحه لوجهة نظره ، " البومة من الطيور العمياء التي تفقد نظرها يوما بعد يوم ، وكلما نظرنا في وجهها سنجد ملك قبيح، فلماذا لا ننظر الي الطيور الجميلة مثل الطاووس، او البجع، او الحمام ، فهم من الطيور الجميلة جدا لكي ننظر اليها ، فلماذا تختارون هذه الملامح القاسية جدا مع الانف الملتوية والعينين المخيفتين ، فهل فكرتم ماذا سيكون شكل البومة عندما تكون غاضبة ، انا لا انصح ببتويج البومة بالتأكيد " .
بدأت الطيور الاخري تتأثر بكلام الغراب ، ويفكرون في وجهة نظره المقنعة ، واخذوا يفكرون بما قاله ، فكلامه في الحقيقة قد غير من رأيهم ، فاخذوا يتسائلون ماذا سيكتسبون من انتخاب ملك جديد ، فلديهم بالفعل ملك ، وكل ما يحتاجوه منه ان يجعل اعدائهم بعيدا عنهم ، ووجدوا انه من غير الضروري انتخاب ملك جديد ، واخذوا يقولون ان الغراب علي حق ، ولا هدف الان من اجتماعنا هذا .
وبدأت الطيور ان تحلق بعيدا، وبدأوا في مغادرة البلاد ، وكان الغراب لا يزال يجلس على غصن شجرة ، وهو غير قادر على فهم هذه الضجة ، وكان البوم هو وزوجته ما زالوا ينتظران ان يتوج البوم وزوجته الملك والملكة ، وهنا سأل البوم زوجته قائلا " ما الذي يحدث ، ولماذا التتويج لم يبدأ بعد ، ولماذا كل الطيور غادرت " ، وهنا اجابته زوجته قائلة " اظن ان كل هذا بسبب الغراب فقد وضع عقبة في طريق حفل التتويج ، واقنع جميع الطيور الاخرى ان يطيروا بعيدا " .
وعند سماع البوم هذا اصيب بخيبة امل كبيرة وصرخ علي الغراب بصوت عالي قائلا له " طير بعيدا ايها الشرير ، فانا لم اضرك باي شكل من الاشكال، وانت بكل وقاحة تضع عقبة في مراسم تتويجي ، من اليوم، انت من اعدائي ولم تعد بيننا اي علاقة ودية بعد الان " ، وغادر البوم هو وزوجته ، عائدين الي المنزل ، وتركوا الغراب وحده كما فعل الاخرون ، وهنا اخذ الغراب يؤنب نفسه كثيرا قائلا " لماذا تكلمت وقلت رأيي ، ولماذا قدمت نصيحتي للطيور ، فانا بهذه النصيحة الحمقاء سوف اكون في عداوة دائمة مع البوم وهو ليس بطائر سهل بل هو من اقوي الطيور .
وهنا الحكمة في الواقع تقول " احتفظ برأيك لنفسك ، فقد يؤدي هذا الرأي في بعض الاحيان الي جلب الكثير من المتاعب لك ولغيرك "