قصة اليوم تعطينا درسا عن مدي سوء الطمع ، وهي تعتبر من قصص الاطفال المفيدة التي قد تتعلم منها درسا ، فتحكي لنا هذه القصة " انه كان هناك ملك يدعي شاندرا ، وكان هذا الملك يحتفظ بمجموعة من القردة كحيوانات اليفة وقام بتربيتهم كابناء له ، فتم معاملة هؤلاء القردة كحيوانات اليفة من العائلة المالكة، فلم يكونوا كاي حيوانات اخري ، فكانوا هؤلاء القردة يأكلون افضل الاطعمة ويحصلون علي احسن رعاية .
ولم يكن للقردة الكثير ليفعلوه سوي الاكل والنوم ، واصبحوا اصحاب اجسام ثمينة ومليئة بالدهون ، وكان رئيس هؤلاء القردة قرد حكيم للغاية ، فقد اتبع الفلاسفة وتعلم الكثير من العلوم ، وكان يحاول دائما تعليم القرود الاخرى الاشياء الجيدة ، ولكن بقية القردة كانوا مشغولون دائما بحياة الترف فلم يستمعوا الي اي من تعاليمه.
وكان لدي الامراء اثنان من الكباش ( الخراف ) الاقوياء ، وكان يوجد واحد من هؤلاء الكباش شره ناحية الطعام ، ويدخل مطبخ القصر كل ليلة ليأكل اي شئ يمكنه الحصول عليه ، وهذا التصرف بالطبع اغضب كل الطهاة ، وكانوا يرمون الكبش باي شئ لكي تبتعد عن المطبخ ، فحاولو ضربه بالعصي، والاواني الفخارية والمقالي النحاس واي شيء وجدوه في متناول يديهم .
وكان رئيس القردة يراقب كل هذه الاحداث من بعيد ورأى ان مثل هذا السلوك يمكن ان يؤدي الى وقوع الحوادث، ومن الممكن ان المدينة باكملها قد تموت لو علي سبيل المثال القوا بالنار في شئ ، لذلك استدعي هذا القرد الحكيم بقية القرود فورا قائلا لهم " ان سلوك الطهاة نحو الكبش يمكن ان يؤدي الي حادث كبير وخطير في اي يوم من الايام ، ونحن لا نريد ان نبقي على الجانب الخاسر، فهذا ليس جيدا لنا ، فدعونا نبتعد عن هنا، قبل ان يحدث اي شئ سيئا لنا ".
ولكن، كانت القرود الاخرى تتمتع بحياتهم ومعاملتهم الفخمة، ولم يرغبوا في العودة الى الغابة مع القرد الحكيم ، بل ورفضوا الاستجابة لتحذيراته ، وقرروا البقاء ، فكانوا يرونه قرد ذات افكار غريبة ، لذلك ذهب رئيس القرود الي الغابة وحده ، قائلا بينه وبين نفسه " انهم بالفعل قرود حمقي لانهم لم يريدون توقع اي خطر ، فانا اخترت حياتي اكثر من الاطعمة الوفيرة " .
وفي احد الايام دخل الكبش المطبخ ثانية ، واكل بعض المواد الغذائية التي يجري تنظيمها للملك ، وعندما رأي احد الطهاة ذلك غضب كثيرا ، والقي عليه شيئا من الفرن ، وبالطبع كل ما يغطي جسم الكبش هو فرو من الصوف لذلك اشتعل علي الفور بالنيران ، وركض الكبش علي الفور بالنيران ذاهبا خارج القصر الي اسطبل الخيول ، واشعل به النيران كله ، وكان هناك الكثير من الهرج والمرج، وبحلول الوقت، تم اخماد الحريق من قبل العاملين في القصر، ولكن مع الاسف عانت الخيول حروق وخيمة ، وعندما وصل خبر الي الملك بكل ما حدث ، وبحالة الخيول ، ركد مسرعا الي الخيول فكانت هي المفضلة لديه ، واستدعي الجراحين البيطريين لكي يصفوا للخيول العلاج المناسب ، ونصحوا الجراحين البيطريين الملك ان يأتي بدهن القرود فهي سوف تجعل كل هذه الجروح تتعافي سريعا .
لم يتردد الملك ولو لثانية ، فامر بقتل جميع القرود الموجودة في القصر، واخذوا الدهون من اجسامهم واستخدموها كعلاج لجروح الخيول ، وعندما وصلت هذه الاخبار الى رئيس القردة في الغابة، حزن كثيرا ، واخذ يفكر في القرود وكم كانوا حمقي لانهم لم يستجيبوا لتحذيراته مسبقا ، وان الملك بالطبع رجلا شريرا لكي يفعل ذلك بحيواناته الاليفة ، واقسم القرد الحكيم انه سيجعل الملك يدفع ثمن هذا كله .
حزن رئيس القردة كثيرا فلم يأكل او يشرب لعدة ايام فكان مكسور القلب وشارد الذهن ، ووجد امامه فجأة بحيرة كاملة من زهور اللوتس الجميلة ، وكان يشعر بالعطش الشديد ، لذلك قرر شرب بعض الماء ، ولكن عندما اقترب من البحيرة ، لاحظ شيئا غريبا فوجد ان هناك العديد من اثار اقدام ارجل اشخاص وحيوانات، ذاهبة ناحية الى البحيرة، ولكنها كانت ذاهبة فقط ، فمن البديهي ان يري اثار اقدام للرجوع بعد ان انتهوا من الشرب ، وهنا القرد الحكيم اصبح على علم، ان هناك شيئا مريبا في هذه البحيرة .
وحاول القرد ان يتصرف بذكاء فجلب بعض الاوراق الجوفاء من نبات اللوتس من مكان قريب، واستخدمهم كانابيب لشرب الماء من مسافة بعيدة من البحيرة ، واذا به يشرب من البحيرة حتي ظهر له وحش من البحيرة ، وكان لهذا الوحش قلادة من المجوهرات حول عنقه ، قائلا للقرد : "انا الوحش الذي يعيش في هذه البحيرة من يجرأ ان يدخل الي هذه البحيرة لشرب الماء، ينتهي به الامر في بطني ، ولسنوات عديدة، وانا اشعر بالغرابة ، فلم اري اي شخص يمتلك الحكمة التي تصرفت بها ، فانت شربت الماء من البحيرة ، ولكن حافظت على مسافة حيث لا استطيع ان اصل لك ، لذلك انا مسرور للغاية للتعرف بقرد حكيم مثلك ، وسأمنحك اي شئ تتمناه وتريده " .
وهنا رئيس القردة تذكر على الفور ان لديه ثأر وعليه ان يأخذه ، فقال للوحش " قل لي ايها الوحش ، كم يمكنك ان تأكل ؟ فلدي ملكا اصبح من الد اعدائي واريد ان اثأر منه ، فاذا وافقت ان تعطيني القلادة الخاصة بك، فسوف استخدمها لاقناع الملك ورجاله الدخول الي البحيرة" ، وهنا اجاب الوحش،" اذا دخلوا البحيرة ، يمكنني ان آكل الآلاف منهم ، ويمكنني اعطاؤك القلادة " .
وبالفعل ارتدى رئيس القردة القلادة في رقبته وقفز من شجرة الى شجرة للوصول الى القصر في اقرب وقت ممكن ، وذهب مباشرة الى الملك ، وعندما رأه الملك هو ومن معه يرتدي قلادة جميلة من المجوهرات، شعروا بالاستغراب الشديد ، وطلبوا من رئيس القرود ان يشرح لهم من اين جاء بهذه المجوهرات ، رد عليهم رئيس القردة قائلا " ايها الملك، في حين كنت اتجول في الغابة، عثرت علي كنز كبير ، وخفي ، فهو مخبأ داخل بحيرة ، ويوجد الكثير من بقية الكنز داخل البحيرة ،فهذا العقد هو لا شيء مقارنة بغيره من الكنوز الموجودة هناك .
فلما سمع الملك هذا قال للقرد " يا كبير القردة ، اذا كانت هذه البحيرة لا تزال موجودة حقا، يمكنك ان تقودنا اليها ، وسوف آتي لرؤية ذلك بنفسي، وسوف اجلب جميع من في القصر معي " ، وفي صباح اليوم الباكر ، خرج كل من الملك ورئيس القرود الي الغابة ذاهبين الي البحيرة ، وتبعهم الامراء والملكات والوزراء والعمال ، والخدم ، وجميع من في القصر، وعندما وصلوا الى المكان المطلوب، كان الجميع يشعرون بالرعب لرؤية بحيرة كاملة من اللوتس ، وهنا قال رئيس القرود، "ينبغي علي الجميع ان يدخل البحيرة في نفس الوقت، لكي يتلقوا بركة البحيرة معا ، اما بالنسبة اليك ايها الملك، يجب عليك الانتظار ، فسوف يظهر لك مكانا خاصا للدخول الى البحيرة بعد ان يذهبوا هم اولا الى البحيرة .
وافق الملك الجشع، واخذوا يدخلون واحدا تلو الآخر، الي ان اختفي كل من حوله ، وكان الملك ينتظر بفارغ الصبر عودتهم مع الكنوز ، ولكن مر وقتا طويلا ولم يعود اي من شعبه واقاربه ، وهنا سأل الملك رئيس القردة " لماذا لم يخرج احد حتي الان " ، وفي تلك اللحظة ، قفز رئيس القردة الى اعلى الشجرة واجاب الملك قائلا ،" ايها الملك الشرير، يوجد وحش ضخم في هذه البحيرة وقد أكل جميع اعضاء المحكمة الخاصة بك، والاقارب، والشعب " ، ثم سكت لبرهة واستكمل القرد كلامه قائلا " لقد انقذتك من الموت ، فقد كنت سيدي من قبل ، يمكنك العودة الى قصرك ، واستكمال حياتك وحيدا بدون اي احد " .
وهكذا ، عاد الملك الى قصره بعد ان خسر كل اقاربه وافراد اسرته ، في حين ان رئيس القرود قام بالانتقام للقرود ، والحكمة في هذه القصة تقول : ان الطمع يجلب بالتأكيد الكوارث والدمار في نهاية المطاف .