قصة السندباد البحري بدأت بلقاءه مع الشيال هندباد اختلف اسماهما في حرف واحد جعل احدهما اغني الرجال في عصره و الاخر لا يجد قوت يومه و لكن هذا لم يقف حاجزا بينهما ففي كل مرة يلتقي السندباد البحري في قصرة مع الشيال هندباد يحكي له عن مغامراته و لا يبخل عليه من كرمه فتعرف اليوم مع هندباد علي قصة السندباد البحري في رحلته الثانية .
ارتدي هندباد الشيال الفقير أفضل ثوبه في صباح اليوم التالي، وعاد مرة اخري الي قصر سندباد البحري كما اتفق معه ، ففي الليلة السابقة طلب منه سندباد ان يأتي في اليوم التالي ليستكمل رواياته ومغامراته له ، وعندما وصل هندباد وجد الهواء اللطيف ورحب به العاملين بالقصر بحرارة ، ووقتها جميع الضيوف كانوا قد وصلوا ، وبدأوا في تقديم العشاء ، وبعد ان انتهوا من العشاء ، صاح سندباد بصوت عالي قائلا : ياسادة ، من دواعي سروري ان اروي لكم مغامراتي في رحلتي الثانية .
وبدأ سندباد رواية رحلته الثانية قائلا : كنت مصمما، بعد أول رحلة لي، ان اقضي ما تبقى من أيامي في بغداد، ولكني سرعان ما شعرت بالسأم الشديد من الحياة الخاملة، لذلك قررت ان اذهب الي البحر مرة اخري مع التجار المعروفين ، وبالفعل شرعنا على متن سفينة جيدة، واخذنا نبحر من سفينة الي اخري ونتبادل في السلع ونربح الكثير من الاموال .
وفي يوما ما اثناء رحلتنا هذه ، هبطنا علي جزيرة كانت مغطاة بعدة أنواع من أشجار الفاكهة، ولم نرى اي اثر الي رجلا او حتي حيوان علي هذه الجزيرة ، ومشينا في المروج، ووجدنا العديد من الزهور والفواكه الأخرى التي قمت بجمعها ، وجلست بالقرب من مجرى بين هذه الأشجار العالية، لكي استريح ، وصنعت لنفسي وجبة جيدة ، وذهبت بعد ذلك في النوم العميق تحت ظل هذه الاشجار والتي كانت في الواقع تشكل ظل كثيف ، ولا استطيع تذكر متي نمت ، ولكن عندما استيقظت وجدت نفسي وحيدا والسفينة قد ذهبت بعيدا.
وفي هذه الحالة المحزنة، كنت على استعداد الموت حزنا ، واخذت اصرخ بصوتا عاليا حتي يسمعني احد ولكن لم يستجب احد لصراخي ، وسقطت علي الارض يائسا ، وشعرت بالذنب الشديد من انني لم اشعر بالرضا والاقتناع بما كسبته من الرحلة الاولي ، واصريت علي القيام بالرحلة الثانية .
ولكن في الواقع جائت هذه التوبة والندم متأخرين ، وقتها سلم سندباد نفسه الي الله فلم يكن يعلم ماذا يفعل لانقاذ نفسه من هذا المأزق ، اخذ سندباد يصعد الي اعلي الشجرة لكي ينظر من خلالها علي جميع الجوانب ، ليري ما اذا كان يستطيع اكتشاف اي شئ يمكن ان يعطيه اي امل .
وعندما نظر الي البحر لم يستطيع ان يري سوي السماء والمياه ، وعندما نظر الي الأرض لم يجد سوي شيء أبيض ، ولم يبدو كأرض علي الاطلاق ولكنه لم يستطع تميز ماهية هذا الشئ الابيض نظرا لكونه كبير جدا ، ففكر سندباد في الاقتراب من ذلك الشئ الابيض الضخم ، وعندما اقترب منه وجد انه شيئا ما يشبه القبة البيضاء ، وكانت هذه القبة مرتفعة ارتفاع مذهل ، وعندما اقترب منها سندباد اكثر فاكثر ولمسها ، وجدها علي نحو سلس جدا ، وفجأة وجد السماء اصبحت مظلمة كما لو كانت قد تم تغطيتها بسحابة سميكة ، اندهش سندباد كثيرا من هذا الظلام المفاجئ ، ولكنه تفاجأ اكثر عندما علم ان هذا الظلام الكاحل سببه طائر حجمه وحشيا يحلق نحو سندباد .
وقتها تذكر سندباد انه سمع البحارة وهم يتحدثون عن طائر معجزة كبير الحجم ، وهنا تيقن أن القبة العظيمة التي أعجب كثيرا بها هي البيضة الخاصة بهذا الطائر ، وانه باختصار، جلس على البيضة ، بحيث كانت جذع الشجرة الطويل كانت ارجل الطائر.
وفي صباح اليوم التالي ، تعلق سندباد بارجل الطائر لكي يحمله معه الي مكان اخر في هذه الجزيرة الصحراوية ، وبالفعل استطاع سندباد ان ينزل علي الارض ، فوجد نفسه علي جانب الجبال ، ومايزال لا يمتلك اي امكانية للخروج من هذا الوادي ، وكانت هذه مغامرة جديدة بالنسبة له.
مشي سندباد من خلال هذا الوادي، ووجد الكثير من الماس، والتي كان بعضه ضخم بطريقة مثيرة للدهشة ، وكان سندباد مستمتع كثيرا بالنظر اليها ، ولكن بالرغم من انبهاره هذا الا انه كان يشعر بالارهاب الشديد حيث وجد عدد كبير من الثعابين الوحشية ، فكان كل ثعبان منهم يستطيع ابتلاع فيلا ، ولكنهم كانوا يختفون بالنهار في اوكارهم حيث كانوا يختبئون من الطائر الوحشي حيث كان هو عدوهم اللدود وكانوا يخرجون في الليل فقط.
قضي سندباد اليوم بالكامل في المشي حول الوادي، وكان يستريح في بعض الأحيان في أماكن معينة ، وعند مجئ الليل ذهب سندباد إلى كهف، لكي يشعر بالراحة والامان ، وكان مدخل الكهف مؤمن حيث كان منخفض وضيق مع وجود حجرا كبيرا ، وبالرغم من انه مؤمن الا ان الثعابين لم تتركه وبدأت في الهسهسة من حوله مما جعل سندباد يشعر بالخوف الشديد ، وفي صباح اليوم التالي اختفت الثعابين ، وخرج سندباد من الكهف مرتجفا وكان يمشي وسط الماس ، واخيرا جلس ليستريح ، وسقط نائما من التعب والارهاق .
واذ به يستيقظ علي صوت ضجيج كبير ، فوجد قطعة كبيرة من اللحم النيئ ، وفي الوقت نفسه رأي عدة قطع اخري تسقط من الصخور في أماكن مختلفة ، ووقتها اخذ يتذكر حكايات البحارة عن وادي الماس وعن الحيل التي يستخدمها التجار للحصول على المجوهرات من هذا الوادي ، حيث كانوا البحارة يرون الحقيقة فكانوا يأتون إلى هذا الوادي، ويرمون مفاصل كبيرة من اللحوم في اماكن معينة حيث يضمنون ان صغار النسور سيأتون علي هذه الاماكن ويأخذون قطع اللحم الضخمة وينتشلون معها قطع الماس وتأخذها الي اعشاشها الموجودة علي منحدرات الصخور وهنا البحارة يستطيعون سلب الماس من اعشاش صغار النسور بسهولة.
اخذ سندباد يجمع الكثير من الماس الموجود في طريقه ، ووضعه في حقيبة جلدية وايضا اخذ قطعة كبيرة من اللحم ، وكان يريد ان يقوم النسر بانتشاله من الارض ، فقام باستخدام قطعة اللحم الكبيرة كطعم لكي يحمله النسر الي عشه علي قمة الجبل ، وبينما هو علي عش النسر الصغير وجد التجار يصرخون لتخويف النسور ، وواحد منهم جاء لكي يأخذ الماس ، وتفاجأ عند رؤية سندباد كثيرا واخذ يتشاجر معه ظنا منه انه اخذ الماس الخاص به .
وهنا رد عليه سندباد قائلا : لدي الكثير من الماس لك فلا تقلق ، وبينما هو يتكلم مع التاجر ، جاء التجار الاخرين ملتفين حوله واصابهم الدهشة كثيرا عندما رأووا سندباد ، واخذ يروي عليهم قصته ، وقضي ليلة كاملة معهم .
ترك كل من سندباد والتجار المكان في صباح اليوم التالي، وسافروا قرب الجبال العالية، واستطاعوا ان يصلون الي الميناء ، وبدأوا رحلتهم وتوقفوا في جزيرة روحا حيث تتميز هذه الجزيرة بالاشجار العالية والفروع السميكة لدرجة أنه من الممكن لمائة رجل الجلوس بسهولة تحت ظل هذه الاشجار ، وفي هذه الجزيرة وجد سندباد أيضا وحيد القرن، وشاهد سندباد الكثير من الاشياء الغريبة في هذه الجزيرة وبادل الماس مع التجار الاخرين ببضائع اخري ، واخذ هو والبحارة يذهبون الي جزر اخري ، واخيرا هبط الي بلده بغداد ، وهناك أعطى هدايا كثيرة للفقراء، وعاش بثروات هائلة .
وهكذا انتهي سندباد من حكي رحلته الثانية الي الشيال هندباد واعطاه مائة دنانير اخري ودعاه للحضور في اليوم التالي للاستماع الي رحلته الثالثة.