قصة سندباد البحري تداولتها الاجيال علي مر العصور فهي تلك القصة الخيالية المليئة بالاحداث المتلاحقة و الصراع مع الوحوش الخرافية الممتعة لجميع الاعمار فاقرأ لاطفالك رحلة سندباد البحري الثالثة التي يقصها علي الشيال الفقير هندباد التي شاءت الاقدار ليجتمعا معا حتي يعطيه سندباد خبرته في الحياة و القليل من الاموال .
سرعان ما شعر سندباد ثانية بالضجر من عيش حياة الكسالي، ونسي أي خطر قد تعرض له ، لذلك بدأ رحلته الثالثة مع بعض التجار وبدأوا في رحلة طويلة أخرى ، توقفوا فيها في عدد من الموانئ، واثناء رحلتهم تعرضت سفينتهم الي عاصفة مروعة اخرجتهم عن مسارهم ، واستمرت العاصفة عدة أيام، ورمت بالسفينة علي جزيرة ، وكان قائد السفينة غير مرحب بفكرة اننا ندخل الجزيرة ، فقد اخبرنا ان هذه الجزيرة وبعض الجزر المجاورة تسكنها بعض الوحوش ، ولكننا اضطررنا الي ان نرسوا علي ميناء الجزيرة.
وفجأة هاجمتنا وحوش وبالرغم من انهم كانوا اقزام الا انهم كانوا اكثر مننا عددا ، فلم نستطع مقاومتهم ، فاستطاعوا ان يدمروا معظمنا ويقتلوهم ، وهنا ايقننا ان ما ابلغنا عنه القبطان كان صحيحا ، وكانت هذه الوحوش في قمة القباحة ومخيفة للغاية ، فكان طولهم حوالي قدمين ، وجسمهم مغطي بالشعر الاحمر وكانوا يسبحون نحو السفينة ، وكلما اقتربوا مننا لم نفهم شيئا من لغتهم ، وصعدوا بخفة الي السفينة ، وانزلوا اشرعة السفينة وقطعوا الحبال وأمرونا كلنا بالخروج من السفينة ، وقاموا بأخذ السفينة الي جزيرة اخري.
وتقدما كل من سندباد والتجار الي الجزيرة خائفين ، واذ بهم يجدون علي مسافة قريبة كومة كبيرة ، ويحكي سندباد قائلا : عندما اقتربنا وجدنا انه قصرا ، كان مبني بشكل انيق وفخم جدا مع باب خشب يوجد به اثنان من اوراق ، وعندما فتحنا باب القصر هذا ، وجدنا مساحة كبيرة جدا ويتواجد بها شرفة ، وعلي الجانب يوجد كومة من العظام البشرية، وعندما رأينا هذه العظام انتابنا الخوف الشديد .
وفجأة اذا بباب القصر يفتح بعنف شديد وخرج منه رجلا اسودا طويل القامة يشبه النخلة ولكنه كان يمتلك عين واحدة في منتصف جبهته ، وكانت اسنانه طويلة جدا وحادة وشفتيه العليا واقعة علي صدره تشبه اذن الفيل وتغطي كتفيه ، وكانت اظافره طويلة وملتوية مثل مخالب اكبر الطيور.
اقترب هذا الرجل الغريب مني ونظر الي جيدا ، ووضع يده على عاتقي، وأخذني من رقبتي، وذهب بي في جولة، كما لو انه يحمل رأس غنم ، واخذني معه الي المكان الذي يعيش فيه ، واشعل نيران عظيمة وصنع الطعام من جثث احد البحارة وقدمه لي لكي اتناول معه ، وبعد ان انتهينا من تناول الطعام ، سقط الرجل الضخم نائما واخذ يشخر بصوت عالي جدا ، وكان صوت شخيره يشبه الرعد ، ونام علي هذا المنوال حتي جاء الصباح ، وكانت هذه الليلة صعبة كثيرا بالنسبة لي ، وعندما استيقظ هذا العملاق ، نهض وخرج اخذني معه ولم استطع الهروب منه بأي شكل من الاشكال.
وفي الليلة التالية عقدت العزم انا واصدقائي التجار على الانتقام لأنفسنا من هذا العملاق ، وبمجرد ان انهينا العشاء اللاانساني كالليلة السابقة علي فرد اخر من البحارة ، وذهب العملاق في النوم ، وسمعت شخيره كالعادة ، وجاء تسعة من اجرأ الرجال وكان من ضمنهم انا ، واحرقنا العملاق ، وكان من شدة الالم يصرخ صرخة مخيفة للغاية ، وكان في النزاع الاخير ولكنه كان مازال يبحث عننا من شدة غضبه مما فعلناه .
غادرنا فورا خارج القصر، ذاهبين إلى الشاطئ، حيث وجدنا بعض الطوافات، التي كانت كبيرة بما يكفي لتحمل ثلاثة رجال، ولكنها كانت ينقصها بعض الأخشاب وهذا جعلنا ننتظر حتى اليوم التالي حتي نجمع الاخشاب كلها ومن أجل الحصول عليها، لكننا اخذنا نأمل لو ان العملاق لا يظهر قبل الشروق، فمازلنا نسمع عواءه المتواصل مما يوضح انه لا يزال حيا .
وعندما اكملنا الاخشاب لن نتردد في اتخاذ الطوافات ووضعها في البحر بكل سرعة لدينا ، ودخلنا في ماء الي الوسط ، ولكنها لم تصمد حتي النهاية ، فغرقت جميع الطوافات ، ولم يتبق مننا سوي اثنين معي ، واخذنا نجدف بكل ما أوتينا من قوة، لكي نصل بعيدا عن متناول يد العمالق ، ولكن عندما وصلنا إلى البحر، تعرضنا إلى الأمواج والرياح، وقضينا ليلة كاملة لا نعرف ما اذا كنا سننجو من هذا المصير ام لا .
ومن حسن الحظ اننا في صباح اليوم التالي وجدنا جزيرة، هبطنا عليها مع الكثير من الفرح ، وقد وجدنا بها ثمار ممتازة، اخذنا نأكل منها حتي شعرنا بالامتلاء ، وفي الليل ذهبنا إلى النوم على شاطئ البحر ، ولكن استيقظنا من ضجيج ثعبانا طويل جدا وضخم للغاية لدرجة انه ابتلع واحد من رفاقي.
شعرنا بالخوف الشديد من هول المنظر حيث استمعنا الي صرخات رفيقنا والجهود التي بذلها لتخليص نفسه ، ولكنه لم يستطيع فعل ذلك ، فالثعبان سحقه واخذ يسحق عظامه ، وفي هذا الاثناء ذهبنا مسرعين الي مسافة بعيدة ، وفي اليوم التالي، كان لدينا الرعب الكبير من مصادفة ثعبان اخر ، ومع الاسف رأينا ثعبان أخر، وهنا اخذت اتساءل ما هذه المخاطر التي اتعرض لها ، وكنت سعيدا عندما نجونا من الرجل العملاق وغضب الامواج ، والان نتعرض لامر مروع اخر ، واستطعنا ان نتخفي من الثعبان الاخر هذا ، وظللنا نمشي علي اقدامنا حتي قابلنا شجرة طويلة مليئة بالفاكهة اللذيذة وجلسنا تحتها واذ بالثعبان يأتي فوق جذع الشجرة ويبتلع واحدا مننا.
شعرت بالرعب الشديد ، وهذا جعلني اذهب مسرعا الي البحر وارمي نفسي فيه يائسا من مصيري الذي وضعته بين ايدي الله ، ولكنني راجعت نفسي وقمت بتجميع كمية كبيرة من الخشب الصغير، والأشواك الجافة، ووصلتها ببعضهم البعض حتي استطعت صنع دائرة واسعة حول شجرة ، ويوجد بها فروع مرتبطة فوق رأسي ، وعندما جاء المساء، أغلقت نفسي داخل هذه الدائرة، ولكني لم اعلم ماذا سيكون مصيري حقا ، وبالرغم من ان الثعبان حاول الوصول الي الا ان السور منعه من ذلك ، ولم يغادر حصني هذا حتي شروق الشمس.
وفي صباح اليوم التالي ، ذهبت الي البحر في حالة يأس شديد ، ووجدت سفينة اتية من بعيد ، اخذت انادي بأعلي صوت لي ، واذ بقبطان السفينة يراني ويأتي الي مسرعا ، وارسل الي زورق ، وعندما ركبت السفينة ، توافد الي طاقم السفينة والتجار والبحارة لكي يعرفوا كيف جئت إلى تلك الجزيرة الصحراوية ، اخذت اروي عليها ما أصابني ، وانني كان من الممكن ان اكون من ضمن الاموات لو لم تنقذونني.
واصلنا رحلتنا في البحر لبعض الوقت، ورسونا في العديد من الجزر، وهبطنا في نهاية المطاف في بغداد مع الكثير من الثروات التي لم اكن أعلم مداها ، وعملت علي ان أعطى قدرا كبيرا للفقراء، واشترى بالباقي منازل كبيرة آخري، وهكذا انتهت رحلة سندباد الثالثة ، وقدم مئات النقود الذهبية الي الشيال هندباد ، ودعاه لتناول العشاء مرة أخرى في اليوم التالي للاستماع الي رحلته القادمة.