قصة سندباد البحري و مغامراته لا تنتهي ابدا فبعد ان ينتهي من مصارعه الامواج يبدأ بمصارعة اغرب الكائنات و لا يلبث ان يعود لبلاده بغداد حتي ينتابه الضجر و يرغب بالعودة من جديد الي البحار و خوض مغامرة جديدة ، فاستمتع مع اطفالك بقراءة رحلة سندباد البحري الرابعة .
يحكي سندباد انه بعد أن استراح من مخاطر الرحلة الثالثة ، بدأ شغفه للتجارة مرة اخري وساعده علي ذلك استقرار شئون البلاد ، وبدأ سندباد ان يأخذ طريقه الي بلاد فارس وسافر الي عدة بلاد ، واثناء رحلة سندباد في البحر ، جاءت عاصفة مفاجئة من الرياح واخذوا جميع الاحتياطات الضرورية لمنع اي خطر علي البحارة ولكن كان هذا دون جدوي ، فكانت العاصفة شديدة للغاية والكثير من التجار والبحارة لقوا حتفهم غرقا وفقدوا البضائع الخاصة بهم.
القت العاصفة بسندباد والبحارة الي جزيرة ووجدوا بها الفواكه ومياه الينابيع التي ساعدتهم علي البقاء احياء، وبقوا طوال الليل بالقرب من الشاطئ ، وفي صباح اليوم التالي، وعند شروق الشمس ، اخذ سندباد واصدقاؤه في البحث في الجزيرة ، وشاهدوا بعض المنازل ، وعندما اقترب سندباد مع البحارة وجدوا عدد كبير من الزنوج ، الذين جاؤا اليهم واخذوهم الي مساكنهم وجعلوا كل من سندباد ورفاقه يجلسون وقدموا لهم بعض الأعشاب.
وعرضوا علي سندباد ورفاقه تناول الطعام ، ولكنهم لم ينتبهوا الي هؤلاء الاشخاص السود ماعدا سندباد لاحظ ان هناك بعض الطمع من هؤلاء الاشخاص ، واخذوا يغذوهم بالارز ومعه زيت جوز الهند الذي فتح لهم شهيتهم كثيرا ، وعمل الزنوج علي اعطاء سندباد ورفاقه اعشاب تفقدهم حواسهم ، فكانوا يعدوهم لمصير محزن للغاية ، فكانوا يقومون بتسمينهم لكي يأكلوهم كونهم أكلين للحوم البشر ، ولكن سندباد علي عكس رفاقه لم يتناول ولم يتم تسمينه مما جعل الزنوج لا يأكلونه كباقي اصدقاؤه فقد رؤوه هزيل ومريض وسوف يموت ولا يصلح للأكل.
وهذا بالطبع اعطي سندباد وقت كافي للهروب منهم، وهو في طريقه للهروب رأي رجل عجوز ، واخذ ينادي له بصوت عالي ولكن لم يستمع له سندباد وضاعف سرعته واخذ يجري منه حتي استطاع ان يختبأ بعيدا عن الانظار.
وجاء الليل علي سندباد واراد ان يحصل علي القليل من الراحة وأكل بعض الطعام ، وظل علي هذا الوضع سبعة ايام ، حتي جاء اليوم الثامن ذهب سندباد بالقرب من البحر، ورأي بعض الاشخاص البيض يجمعون الفلفل، وكان هذا فأل خير بالنسبة له ، فذهب إليهم دون أي تردد ، تجمع حوله هؤلاء الاشخاص البيض لكي يعرفون من تفاصيل عن مجيئه للجزيرة ، وكان سندباد سعيدا للغاية فكانوا يتحدثون نفس لغته ، روي سندباد عليهم قصت وكيف انه وقع في ايدي الزنوج أكلين البشر ، وكيف هرب منهم بأعجوبة.
بقي سندباد مع التجار جامعي الفلفل ، وابحر معهم الي جزيرتهم ، حيث قدموه هناك الي ملكهم الذي كان رجلا جيدا ، وكان لديه صبر للاستماع إلى مغامرات سندباد ، وكان هذه الجزيرة مأهولة بشكل جيد للغاية، وكل شئ كان وفيرا بها ، فكانت مكانا عظيما للتجارة ، واحب الملك سندباد كثيرا وجعله وسط عدة اشخاص اخرين مهمين في العاصمة ، مما جعل لسندباد سمعة وشأن عظيم.
ولم يكتفي ملك الجزيرة بهذا ، بل عرض علي سندباد ان يتزوج واحدة من السيدات النبيلة والجميلة، والغنية ، ولكن بالرغم من انه كان سعيدا معها الا انه كان يشعر بالحنين الي بغداد موطن رأسه ، وفي اثناء هذا الوقت ماتت احد زوجات جيرانه ، وكان يربطه بزوج هذه السيدة صداقة عظيمة ، فذهب سندباد اليه لتهدئته ومواساته .
فقال له سندباد : ياصديقي الله يحفظك ويمنحك حياة طويلة ، وهنا رد عليه صديقه قائلا : وكيف تعتقد انني يمكنني العيش ساعة واحدة من الان ، فاليوم يجب ان ادفن مع زوجتي الميتة ، فهذا هو العرف في هذه الجزيرة ، يدفن الزوج مع زوجته الميتة ، وتدفن ايضا الزوجة الحية مع زوجها الميت .
في حين كان صديق سندباد يحكي له عن هذا العرف البربري الغريب ، كانوا الاهل والعشيرة جاءوا للمساعدة في الجنازة ، وكانت جثة الزوجة مزينة بأغني الملابس والمجوهرات كما لو كان يوم زفافها ،وضعوا الزوجة في نعش مفتوح وبدأوا مسيرتهم الي مكان الدفن ، ومشي الزوج امام نعش زوجته اولا ذاهبين الي جبل عال، وعندما وصلوا إلى المكان المقصود، ازاحوا حجرا كبيرا لتظهر تحته حفرة عميقة، ووضعوا جسم المرأة بكل ما فيه من ملابس ومجوهرات ، ثم نزل الزوج بعد جثمان زوجته ، واحتضن أصدقائه المقربين ، ونزل مع النعش من دون اي مقاومة، مع وعاء من الماء وسبعة أرغفة صغيرة، بعدها انتهت المراسم ، واغلقوا فم هذه الحفرة بالحجر وعاد كل من كان في الجنازة الي بيته.
وفي غضون بضعة أسابيع كان سندباد هو الممثل الرئيسي لمناسبة مماثلة ، فقد سقطت زوجته مريضة وماتت مع الاسف ، ولكنه كان يحتج ولجأ الي الملك لكي يساعده في انقاذه من هذه المراسم اللاانسانية ، ولكن كل محاولاته باءت بلا جدوي ، حيث فعل مثلما فعل صديقه اثناء مراسم الجنازة ، وعندما نزل الي الحفرة مع الوعاء المليئ بالماء وسبعة أرغفة ، اقترب سندباد من القاع، لكي يستكشفه من خلال الضوء الخافت الصادر من اعلي ، وعاش سندباد لبعض الوقت علي الخبز والماء، وكانوا علي وشك النفاذ حينما سمع صوتا يتنفس او يلهث ، وعندما انتقل وتابع الصوت بدا له كأنه حيوان ، واتبع هذا الحيوان الذي جاء له من خلال ثقب في الصخرة ، ففي نهاية المطاف أدرك سندباد الضوء، ووجد نفسه على شاطئ البحر.
شعر سندباد بالفرح الشديد ، وسجد يشكر الله على هذه الرحمة، وبعد فترة وجيزة وجد سفينة بالقرب من مكانه ، واخذ ينادي عليهم بصوت عال ، واستطاع ان يلتحق بهم ذاهبا معهم الي العديد من الجزر ، وبعدها عاد الي بلاده بغداد ، وهنا كان سندباد ممتنا كثيرا انه عاد الي بلاده ، وساهم بسخاء في دعم العديد من المساجد وعلى عيش الفقراء، واستمتع بوقته مع الأصدقاء في الاحتفالات.
وعندما انتهي سندباد من قص هذه الرحلة علي الشيال هندباد ، اعطاه هدية جديدة من مائة ترتر ، وطلب منه العودة في اليوم التالي في نفس الساعة، لتناول الطعام معه وسماع قصة رحلته الخامسة.