كان للعالم الفلكي نيكولاس كوبرنيكوس دور فعال في ترسيخ مفهوم النظام الشمسي، حيث انه قال ان الشمس هي مركز النظام الشمسي بدلا من الارض .
ملخص عن حياة عالم الفلك المشهور نيكولاس كوبرنيكوس :
ولد نيكولاس كوبرنيكوس في 19 فبراير عام 1473 في تورون، بولندا ، وفي حوالي عام 1508، وضع نيكولاس كوبرنيكوس نموذجه السماوي الخاص المكون من نظام كوكبي شمسي ، وحوالي عام 1514، اشرك استنتجاته في كتاب والذي كان محظورا من قبل الكنيسة الرومانية الكاثوليكية بعد عقود من ظهوره وحتي 24 مايو 1543 وقت وفاته في فرومبورك .
حياة نيكولاس كوبرنيكوس السابقة وتعليمه :
جاء عالم الفلك الشهير نيكولاس كوبرنيكوس ليكون اصغر طفل ولد لنيكولاس كوبرنيكوس الاب ووالدته باربارا، وكانت عائلته عائلة تجارية ثرية في تورون، غرب روسيا، فكان والده كوبرنيكوس ذو ذوق فني للتراث الالماني، وبحلول الوقت الذي ولد فيه نيكولاس كوبرنيكوس ، اصبحت تورون تابعة لبولندا، مما يجعل من نيكولاس كوبرنيكوس مواطنا تحت التاج البولندي ،وكانت اللغة الالمانية هي اللغة الاولى لكوبرنيكوس، ولكن يعتقد بعض العلماء انه تحدث بعض البولندية ايضا .
وكان والده معروفا بالسخاء وكان يعمل على ضمان ان نيكولاس كوبرنيكوس يتلقي افضل تعليم ممكن ، وفي عام 1491، دخل نيكولاس كوبرنيكوس جامعة كراكوف، حيث درس الرسم والرياضيات ، ولكنه دوما ما وضع اهتماما متزايدا بالكون واخذ يجمع الكتب حول هذا الموضوع .
حياة نيكولاس كوبرنيكوس العملية :
بحلول منتصف هذا العقد، تلقى نيكولاس كوبرنيكوس تعيين في كاتدرائية فرومبورك الكنسية ،فكانت هذه الوظيفة تتيح له الفرصة لتمويل استمرار دراسته طالما كان يحبذ ذلك ، فقد عمل نيكولاس كوبرنيكوس على الكثير وكان قادرا على تحقيق المصالح الاكاديمية له بشكل متقطع، خلال وقت فراغه فقط ، وفي عام 1496، ترك نيكولاس كوبرنيكوس هذه الوظيفة وسافر الى ايطاليا، حيث التحق هناك في برنامج الشريعة في جامعة بولونيا ، وهناك، التقى بالفلكي دومينيكو ماريا نوفارا ، وكان هذه اللقاء مصيري بالنسبة لنيكولاس كوبرنيكوس حيث بدأ الاثنان بتبادل الافكار والملاحظات الفلكية، وسويا كانوا العقل الذي تجرأ على تحدي سلطة عالم الفلك كلوديوس بطليموس ، الكاتب القديم الابرز من بين الكتاب .
وفي عام 1501، ذهب نيكولاس كوبرنيكوس لدراسة الطب العملي في جامعة بادوا ، حيث بقي هناك لفترة طويلة بما فيه الكفاية لكسب درجة علمية ، ولان اجازته الطويلة من موقفه الكنسي اوشكت على الانتهاء فقد غاب لمدة عامين ، وفي عام 1503، حضر نيكولاس كوبرنيكوس جامعة فيرارا، وحصل على شهادة الدكتوراه في القانون الكنسي ، وسارع بعدها الى وطنه في بولندا، حيث استأنف منصبه الكنسي وعاد لوظيفته في قصر الاسقفية ، وبقى نيكولاس كوبرنيكوس في مقر يدزبارك فارمينسكي على مدى السنوات القليلة المقبلة، وعمل مع استاذه وعمه العجوز المريض وقام باستكشاف علم الفلك ، وفي عام 1510، انتقل كوبرنيكوس الى الاقامة في كاتدرائية فرومبورك ، وعاش هناك الباقي من حياته .
نيكولاس كوبرنيكوس والنظام الشمسي :
طوال الفترة التي قضاها نيكولاس كوبرنيكوس في يدزبارك فارمينسكي، واصل كوبرنيكوس دراسة علم الفلك ، ويعتقد العلماء ان بنحو عام 1508، بدأ نيكولاس كوبرنيكوس في تطوير نموذجه السماوي الخاص به ، ونظام الكواكب الشمسي ، وخلال القرن الثاني الميلادي، كان بطليموس اخترع النموذج الكوكبي الهندسي مع اقتراحات وافلاك اتدوير دائرية غريبة الاطوار، فوقتها نجده انحرف كثيرا عن فكرة وتصور ارسطو حول الاجرام السماوية التي تتحرك في حركة دائرية ثابتة حول الارض ، وحاول نيكولاس كوبرنيكوس التوفيق بين هذه التناقضات، واطلق على نظريته نظام كوبرنيكوس الشمسي ، فبدلا من الارض، فقد كانت مركز النظام الشمسي هي الشمس ، وفي وقت لاحق، كان كوبرنيكوس يعتقد ان حجم وسرعة مدار كل كوكب يتوقف على المسافة التي تفصله عن الشمس .
وعلى الرغم من ان نظريته كانت ثورية ، وتم احاطتها بالكثير من الجدل، ولكن كان كوبرنيكوس هو العالم الفلكي الاول الذي اقترح النظام الشمسي هذا ، ففي قرون سابقة ، وفي القرن الثالث قبل الميلاد تحديدا، قام عالم الفلك اليوناني اريستارخوس ساموس بتحديد الشمس كوحدة مركزية تدور حولها الارض، ونجد ان نظرية مركزية الشمس لنيكولاس كوبرنيكوس اقيلت في عصر كوبرنيكوس بسبب افكار بطليموس التي تم قبولها اكثر من قبل الكنيسة الكاثوليكية ذات النفوذ، التي دعمت بشدة نظرية النظام الشمسي القائم على الارض ، بالرغم من انه تم اثبات ان النظام الشمسي الخاص بكوبرنيكوس هو الاكثر تفصيلا ودقة فهو كان اكثر كفاءة لحساب مواقع الكواكب .
وفي عام 1513، قام كوبرنيكوس ببناء مرصده المتواضع ، ولكن ملاحظاته في بعض الاحيان كانت تؤدي به الى تشكيل استنتاجات غير دقيقة، بما في ذلك قوله ان مدارات الكواكب وقعت في دوائر ، وجاء من بعده العالم الفلكي الالماني يوهانس كبلر في وقت لاحق لكي يثبت ان مدارات الكواكب هي في الواقع بيضاوية الشكل .
اول مخطوطة لنيكولاس كوبرنيكوس والكثير من الجدل :
في حوالي عام 1514، اكمل نيكولاس كوبرنيكوس عمل مكتوب له وهو " Commentariolus" والذي كان يعني باللاتينية "التعليق الصغير" ، وهو عبارة عن مخطوطة مكونة من 40 صفحة والتي لخصت نظام الكواكب الشمسي ملحقة بالصيغ الرياضية التي من المفترض ان تكون بمثابة دليل على ذلك ، وكانت هذه المخطوطة تعتمد على سبعة ابديهيات، وكل منها كانت تصف جانبا من جوانب النظام الشمسي وهي :
* الكواكب لا تدور حول نقطة ثابتة واحدة
* ان الارض ليست هي مركز الكون
* ان الشمس هي مركز الكون، وجميع الاجرام السماوية تدور حولها
* المسافة بين الارض والشمس ليست سوى جزء صغير من المسافة بين النجوم والارض والشمس
* النجوم لا تتحرك، ولكن الارض نفسها هي التي تتحرك
* تتحرك الارض في المجال حول الشمس، مما يتسبب في حركة سنوية عند النظر الى الشمس
* حركة الارض نفسها تسبب ان الكواكب الاخرى تتحرك في الاتجاه المعاكس
ارسل نيكولاس كوبرنيكوس نسخ من المخطوطة الخاصة به الغير منشورة للعديد من الاصدقاء العلماء والمعاصرين، وعلى الرغم من المخطوطة لم تلقى رد من بين زملائه، الا انها بدأت في احداث ضجة حيث كانت نظريات نيكولاس كوبرنيكوس غير تقليدية .، وقام باصدار مخطوطته الثانية قبل وفاته ، وادعى منتقدوه انه فشل في حل لغز الجرم السماوي ، فعندما ينظر الى عمله على طول خطوط متفاوتة البصر فنجد انه يفتقر الى تفسيرا كافيا لماذا الارض تدور حول الشمس كما هو يدعي .
لذلك نجد ان الكنيسة الرومانية الكاثوليكية سخطت اعماله واعتبرتها هرطقة ، وفي عام 1543، نشر الزعيم الديني مارتن لوثر معارضته لنموذج النظام الشمسي الخاص بنيكولاس كوبرنيكوس ، حيث قال ان نيكولاس كوبرنيكوس احمق ويريد تحويل علم الفلك رأسا على عقب .
موت نيكولاس كوبرنيكوس وتراثه :
وفي شهر مايو من 1543، عانى نيكولاس كوبرنيكوس اعقاب السكتة الدماغية الاخيرة، وقيل ان كوبرنيكوس كان يمسك الكتاب عندما توفي في سريره في 24 مايو 1543 في فرومبورك، بولندا ، ومنذ ذلك الوقت اصبح نيكولاس كوبرنيكوس رمزا للعالم الشجاع الذي وقف وحده، وعمل على الدفاع عن نظرياته ضد المعتقدات الشائعة في عصره .