كان جورج واشنطن قائدا للجيش القاري في الثورة الاميركية، وكان اول من يصبح رئيسا للولايات المتحدة الامريكية .
ملخص عن حياة جورج واشنطن :
ولد جورج واشنطن في 22 فبراير عام 1732، في مقاطعة ويستمورلاند، ولاية فرجينيا ، وخدم واشنطن كجنرال وقائد اعلى للقوات المسلحة في الجيوش الاستعمارية اثناء الثورة الامريكية، واصبح فيما بعد اول رئيس للولايات المتحدة، حيث انه خدم من عام 1789 الى عام 1797 ، وتوفي جورج واشنطن في 14 ديسمبر عام 1799، في ماونت فيرنون بولاية فيرجينيا .
حياة جورج واشنطن المبكرة وعائلته :
كان جد جورج واشنطن الاكبر جون اشنطن وعائلته يتواجدون في اوروبا ، ثم بعد ذلك هاجروا من انجلترا الى ولاية فرجينيا ، وكانت اسرته لديها بعض التمييز في انجلترا ، فقد تم منحهم الاراضي من قبل هنري الثامن ، ومع ذلك قد فقدت اسرته الكثير من ثروة العائلة خلال الثورة البروتستانتي وفي عام 1657 هاجر لورانس واشنطن، شقيق جورج واشنطن الى ولاية فرجينيا ، ولا توجد الكثير من المعلومات حول احوال الاسرة وهي في امريكا الشمالية حتى والد جورج واشنطن ،الذي ولد عام 1694 لم تتوافر سوي القليل من المعلومات عنه .
كان والده اوغسطين واشنطن رجلا طموحا وكان لديه الكثير من الاراضي والعبيد، ومصانع التبغ الذي بناها ، وبعد فترة وجد ان لديه مصلحة في فتح مناجم حديد ، وقتها تزوج من زوجته الاولى، جين بتلر وانجب منها ثلاثة اطفال، وتوفيت جين في عام 1729 وتزوج من مريم اوغسطين في 1731 ، وانجنب منها ستة اطفال من بينهم جورج ، وعاشت الاسرة في مقاطعة ويستمورلاند، ولاية فرجينيا ، وكانوا ينتمون الى الطبقة المتوسطة .
لا يعرف الكثير عن طفولة جورج واشنطن، وعززت بالكثير من الخرافات في وقت لاحق لمجرد ملء الفراغ ، ومن المعروف ان جورج واشنطن من سن 7 سنوات الى 15 سنة ، درس بالمنزل وفي وقت لاحق درس في كنيسة محلية الرياضيات العملية، والجغرافيا، واللاتينية واللغة الانجليزية الكلاسيكية ،وبعد ذلك عمل كمزارع ،وفي اوائل سن المراهقة، كان جورج واشنطن قد اتقن زراعة التبغ، وتربية المواشي .
وفي يوليو عام 1752، توفي شقيق جورج واشنطن، لورانس، مما جعله هو الوريث الوحيد لاراضي واشنطن ، وكان لورانس انجب طفلة وحيدة اسمها سارة، توفيت بعد ذلك بشهرين، واصبح واشنطن رئيس واحد من ابرز العقارات في ولاية فرجينيا، وهو جبل فيرنون ، وكان عمره وقتها 20 عاما ،وطوال حياته قال جورج واشنطن انه اعتمد كثيرا على الزراعة حيث انه اعتبرها واحدة من اكثر المهن الشريفة .
جورج واشنطن قبل الثورة المهنية العسكرية :
في وقت مبكر من عام 1750 ، كانت كل من فرنسا وبريطانيا في سلام ، وبالرغم من ذلك ، بدأ الجيش الفرنسي في احتلال الكثير من وادي اوهايو، وحماية مصالح الاراضي والمستوطنين الفرنسيين ، ولكن كانت حدود الاراضي في هذه المنطقة غير واضحة وعرضة للنزاع بين البلدين ، وهنا اظهر جورج واشنطن علامات مبكرة على القيادة الطبيعية ،فبعد فترة وجيزة من وفاة اخيه لورانس، عين جورج واشنطن معاون برتبة رائد في ميليشيا ، ولاية فرجينيا .
وكان لجورج واشنطن دورا هاما في العديد من المفاوضات ، وذكر في جرائد لندن لما له من شجاعة ، وبعدها تم اعطاء واشنطن رتبة فخرية وهي عقيد وانضم الى جيش الجنرال البريطاني ادوارد برادوك في ولاية فرجينيا في 1755 ، وكانت بريطانيا وقتها وضعت خطة لهجوم على القوات الفرنسية من ثلاثة مستويات ، ولكن خلال اللقاء، نصب كل من الفرنسيين وحلفائهم الهنود كمينا برادوك، والذي اصيب بجروح قاتلة، ونجا جورج واشنطن وقتها من الاصابة باربعة ثقوب من الرصاص في ردائه .
على الرغم من انه قاتل بشجاعة، الا انه انسحب الى الوراء وقاد الجيش المكسور الى بر الامان ، وفي شهر اغسطس من عام 1755، تم تقديم جورج واشنطن كقائد لجميع قوات فرجينيا وهو في سن 23 ، فقد تم ارساله الى الحدود للقيام بدوريات وحماية ما يقرب من 400 ميل من الحدود مع نحو 700 من القوات الاستعمارية التي كانت تعاني من سوء الانضباط ، وفي عام 1757 ، تدهورت حالته الصحية وتم ارساله الى المنزل ، وفي العام التالي عاد واشنطن الى حملة اخري ، حيث انه في عام 1758، عاد لالتقاط فورت دوكين ، ووقع حادث نيران اسفر عنه مقتل 14 واصابة 26 من رجال واشنطن ، ومع ذلك، كان قادرا على احراز نصر كبير، واستولي على فورت دوكين وسيطر على وادي اوهايو البريطاني .
والجميل في جورج واشنطن انه اتخذ قرارات بطيئة بشكل مفرط، ودعم الفقراء من المجلس التشريعي الاستعماري، وحاول تطبيق وتشكيل لجنة مع الجيش البريطاني لكنها قوبلت بالرفض ، وفي ديسمبر عام 1758، استقال جورج واشنطن من اللجنة، وعاد الى ماونت فيرنون بخيبة امل .
وبعد شهر ترك الجيش، وتزوج واشنطن من مارثا داندريدج وهي ارملة، وكانت تكبره ببضعة اشهر ، وهذا الزواج اتي بالمكسب الكبير على جورج واشنطن حيث ان خدمته العسكرية منحته الاراضي ، واصبح جورج واشنطن واحد من ملاك الاراضي الاكثر ثراءا في ولاية فرجينيا، وانجب من مارثا طفلين، ولكنه فقدهم كليكهما قبل الثورة وخلال الثورة .
ومن فترة تقاعده وحتى بداية الثورة، كرس جورج واشنطن نفسه لرعاية وتنمية ارضه ورعاية المحاصيل، وادارة الثروة الحيوانية ومواكبة احدث التطورات العلمية، وكان يحب حياة النبلاء فتفوق في ركوب الخيل، وصيد الثعالب، وصيد الاسماك، وكان يعمل ستة ايام في الاسبوع، وكان جورج واشنطن غالبا ما يقوم بالعمل اليدوي مع العاملين بالرغ من انه كان لديه 100 من العبيد ولكنه دوما كان لا تروقه فكرة العبودية ، ولكنه كان يلتزم بالقانون ويحترمه ، ثم دخل بعد ذلك مجال السياسة ، وانتخب عضوا في مجلس النواب في ولاية فرجينيا في عام 1758 .
جورج واشنطن والقيادة الثورية :
في عام 1769، ادخل جورج واشنطن قرارا لمجلس المواطنون يدعو فيه ولاية فرجينيا لمقاطعة البضائع البريطانية ، وبعد الكثير من الافعال التي لا تطاق في عام 1774، ترأس جورج واشنطن اجتماع تم الدعوة فيه لعقد المؤتمر القاري واستخدام المقاومة المسلحة كخيار اخير، وتم اختياره مندوبا الى المؤتمر القاري الاول في مارس 1775 .
وبعد معارك ليكسينغتون وكونكورد في ابريل 1775، تصاعدت حدة الخلاف السياسي بين بريطانيا العظمى ومستعمراتها في امريكا الشمالية الى نزاع مسلح ، وفي مايو، سافر واشنطن الى الكونجرس القاري الثاني في فيلادلفيا مرتديا زيا عسكريا، مشيرا الى انه كان مستعدا للحرب ، وفي يوم 15 يونيو، تم تعيينه كلواء وقائد عام للقوات المسلحة من القوات الاستعمارية ضد بريطانيا العظمى .
وفي الواقع ان جورج واشنطن كان هو الخيار الافضل لعدد من الاسباب ،فلديه الهيبة والخبرة العسكرية والكاريزما لهذا المنصب وقام بتقديم المشورة في الكونجرس لعدة اشهر، على الرغم من انه لم يكن لديه خبرة عملية في المناورة وتشكيلات الحرب لكنه كان شجاعا وحازم وذكي بما فيه الكفاية للحفاظ على خطوة واحدة قبل العدو .
فوز جورج واشنطن بالاستقلال :
في صيف عام 1777، شنوا هجوما ضد فيلادلفيا ، وانتقل جورج واشنطن مع جيشه للدفاع عن المدينة وهزم في معركة براندي ، وسقطت فيلادلفيا بعد اسبوعين ، وفي اواخر صيف عام 1777، ارسل الجيش البريطاني قوة رئيسية، تحت قيادة جون بورغن، ولكن لم تسير الامور بالنسبة اليهم كما مخطط لها ،وفاز جورج واشنطن ، وكان الفوز نقطة تحول رئيسية في الحرب مما شجع فرنسا بالتحالف علنا مع القضية الامريكية من اجل الاستقلال .
من خلال كل هذا، اكتشف جورج واشنطن درسا مهما ، وهو ان الطبيعة السياسية للحرب لا تقل اهمية عن القوة العسكرية ، وبدأ ان يفهم ان الانتصارات العسكرية لم تكن مهمة بقدر الحفاظ على المقاومة للبقاء على قيد الحياة ، وللفترة المتبقية من الحرب، كان جورج واشنطن راضي على ابقاء البريطانيين واضعين ايديهم على نيويورك، على الرغم من انه لم يتخل ابدا عن فكرة استعادة السيطرة على المدينة ، وبحلول نوفمبر من عام 1783، كان البريطانيون قاموا باخلاء مدينة نيويورك وغيرها من المدن وانتهت الحرب بشكل اساسي ، واخيرا الامريكيين فازوا باستقلالهم ، وبعدها استقال جورج واشنطن من اللجنة كقائد اعلى للقوات المسلحة في الجيش وعاد الى جبل فيرنون ، ولمدة اربع سنوات، حاول جورج واشنطن تحقيق حلمه باستئناف حياته كمزارع شهم وقام باعطاء مزارعه المهملة الكثير من الرعاية والاهتمام التي تستحقه .
جورج واشنطن والرئاسة :
وفي عام 1787، كانت الولايات غير موحدة،وقاتلوا فيما بينهم على حدود وحقوق الملاحة ومنهم من رفض المساهمة في سداد ديون الحرب في البلاد، وفي بعض الحالات، فرضت المجالس التشريعية للولايات السياسات الضريبية الطاغية على مواطنيها ، وكان جورج واشنطن منزعج من الوضع، وادرك انه يجب القيام بشيء حيال ذلك، وبالفعل كل شئ تغير عندما اندلع تمرد شايز في ماساتشوستس، ففي عام 1786، وافق الكونجرس على الاتفاقية التي ستعقد في فيلادلفيا لتعديل النظام الاساسي للاتحاد .
وفي اتفاقية الدستور هذه ، تم اختيار واشنطن بالاجماع رئيسا للبلاد ، وكان الدستور الجديد من شأنه ان يعطي الحكومة الوطنية مزيدا من السلطة ، وسعى بجد مع زملائه المندوبين لعمل تغييرات كبيرة في بنية الحكومة ، وخلال الانتخابات الرئاسية لعام 1789، حصل واشنطن على تصويت كل ناخب في المجمع الانتخابي، وكان هو الرئيس الوحيد في تاريخ الولايات المتحدة الذي انتخبوه بالاجماع، واخذ اليمين الدستوري في قاعة الاتحادية في مدينة نيويورك، عاصمة الولايات المتحدة في ذلك الوقت .
كان جورج واشنطن هو اول رئيس، ادرك بذكاء ان رئاسته ستشكل سابقة فحضر بعناية مسؤولياته ومهام منصبه،استطاع ان يثبت جورج واشنطن انه مسؤولا قادرا ، فقد احاط نفسه ببعض من الناس الاكثر قدرة في البلاد، فقام بتعيين الكسندر هاملتون وزيرا للخزانة وتوماس جيفرسون وزيرا للخارجية ، وكان يقود السلطة بحكمة ويتشاور بانتظام مع حكومته ويقوم بالاستماع لنصائحهم قبل اتخاذ اي قرار ، فانشأ واشنطن السلطة الرئاسية بمجموعة واسعة من الموظفين الذين يتمتعون باعلى درجات النزاهة .
تقاعد جورج واشنطن وارثه :
كان دوما ما يرغب في العودة الى ماونت فيرنون والزراعة فيها مرة اخري ، ولكنه مع تقدم السن كان غير قادر على القوى المادية التي كان يمارسها من قبل ، رفض واشنطن الخضوع لضغوط ولاية ثالثة، على الرغم من انه من المحتمل انه كان لن يواجه اي معارضة ، واختار تأسيس انتقال سلمي للحكومة .
ولدى عودته الى ماونت فيرنون في ربيع عام 1797، شعر واشنطن بشعور جيد فقد غادر الحكومة في ايد امينة في سلام ، وكرس الكثير من وقته ليرعى عمليات المزرعة وادارتها ، وفي يوم استيقظ مع التهاب حلق شديد وازداد عليه المرض على نحو متزايد ، حتى وفاته في وقت متأخر من مساء يوم 14 ديسمبر 1799 ، وخبر وفاته انتشرت في جميع انحاء البلاد، وغرقت الامة في حزن عميق، فقد كان رئيسا احبه الجميع حتي ان اعدائه قاموا بعمل تكريما لذكراه .
ترك جورج واشنطن ارثا عظيما لكل مواطن امريكي ، وهو المثابرة والرضا والتواضع ، فكان يمكنه ان يكون ملكا ، ولكنه بدلا من ذلك، اختار ان يكون مواطنا عاديا ، فقد كان بطلا ثوريا ، ومثال للنزاهة والشرف والوطنية وكان له الفضل في نجاح الثورة وولادة امة جديدة .