على ضفاف نهر النيل، عاش الدكتور احمد زويل طفولة سعيدة في مدينة دسوق، ولد احمد زويل في 26 فبراير عام 1946 في دمنهور "مدينة حورس"، والتي تبعد فقط 60 كم من الاسكندرية ، وذكريات الدكتور احمد زويل بدأت مع ايامه في المدرسة التحضيرية دسوق حيث كان الابن الوحيد في اسرة مكونة من ثلاث شقيقات واثنين من الآباء المتحابين ، فقد كان والد احمد زويل شخصا محترما وكان يصنع البهجة لكل من حوله واستمتع والده كثيرا بحياته ، فقد عمل لحساب الحكومة،وكرس كل حياته لاولاده .
وكانت عائلة احمد زويل معروفة في دمنهور ، وكان حلم عائلة احمد زويل ان تري ولدهما حاصل على درجة عالية في الخارج ويعود حتي يصبح استاذ جامعي ، كان احمد زويل يتميز عن غيره من الاولاد بالحكمة ، فثقافيا، تركزت اهتماماته علي القراءة والموسيقى وبعض الالعاب الرياضية ، فعندما كان صبيا كانت ميوله نحو العلوم الفيزيائية، وايضا اهتم بالرياضيات، والميكانيكا، والكيمياء .
بعد انتهاء احمد زويل من المدرسة الثانوية، تقدم بطلب لجامعات مصر، وذلك كان في الستينات، وكان امامه كلية الهندسة، الطب، والصيدلة، والعلوم ، وكانت وقتها هذه الكليات هي كليات القمة ، وتم قبول احمد زويل في جامعة الاسكندرية في كلية العلوم ، ودرجاته طوال السنوات الاربع التالية عكست عاطفته الخاصة وحبه للعلوم ، وفي السنة الاولى من الجامعة ، اخذ احمد زويل اربع دورات في الرياضيات، والفيزياء، والكيمياء، والجيولوجيا، ودرجاته كانت اما ممتاز او جيد جدا وفي السنة الثانية سجل درجة عالية جدا (ممتاز) في الكيمياء وتم اختيار احمد زويل لمجموعة من ضمن سبعة طلاب وتسمى "مجموعة الكيمياء الخاصة" ، وهي مجموعة العلوم النخبة ، وتخرج بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الاولى .
وبعد تخرج احمد زويل بدرجة بكالوريوس العلوم، تم تعيينه في منصب جيد في الجامعة واستمر في ابحاثه فاستكمل الماجستير ومن ثم درجة الدكتوراه ، وقام بتعليم الطلاب الجامعيين في جامعة الاسكندرية وعلى جانب ابحاثه ، انتهي احمد زويل من درجة الماجستير في العلوم في نحو ثمانية اشهر ، وكان متحمسا حول تطوير فهم لماذا وكيف اطياف بعض الجزيئات تتغير مع المذيبات ، وكان احمد زويل على استعداد للتفكير في حصوله على الدكتوراه الا ان اساتذته شجعوه علي الذهاب الى الخارج لاستكمال حصوله على الدكتوراه، وكانت كل التوقعات ضد ذهاب احمد زويل الى امريكا وذلك لانه لم يكن لديه اي اتصالات في الخارج هناك .
احمد زويل
وايضا لان حرب عام 1967 انتهت لتوها، وكانت الاسهم الامريكية في مصر اقل من قيمتها، لذلك كان عليه الذهاب الي البعثات الدراسية في الاتحاد السوفياتي او بلدان اوروبا الشرقية ، ولكن احمد زويل لم يستريح حتي حصل على منحة دراسية مباشرة من الجامعة الامريكية ، وبعد المقابلة مع عشرات الجامعات، عرضت عليه جامعة بنسلفانيا، وعدد قليل من الجامعات الاخرى المنح الدراسية، وقامت بتوفير التعليم ودفع راتب شهري 300 دولار ، وكان وصول احمد زويل الى الولايات المتحدة، تجربة كاملة بحد ذاتها حيث وفرت له الكثير من المعرفة والثقافة، والفرص، ولم يكن احمد زويل يعرف الكثير عن الثقافة الغربية بشكل عام، او الثقافة الامريكية على وجه الخصوص .
وفي بنسلفانيا بدأ يشعر باحمد زويل الاساتذة والطلاب وكانت علاماته عالية، وبدأ المسيرة الناجحة للبحث ، وكان مدين كثيرا للمستشار استاذه روبن هوشستراسر، الذي كان ولا يزال عالم ومرب ملتزم ، وكان احمد زويل يتعلم اشياء جديدة حرفيا كل يوم في الكيمياء، والفيزياء وغيرها من المجالات وكان يعمل تقريبا ليلا نهارا وكان يقوم بعدة مشاريع في نفس الوقت .
حصل احمد زويل علي الدكتوراه عام 1973، وعندما اندلعت حرب اخرى في الشرق الاوسط ، كان لديه مشاعر قوية في العودة الى مصر ليكون استاذ جامعي، على الرغم من انه كان بدأ للتو سنوات عمله في امريكا، ومع مرور الوقت، تغيرت الامور، وعلى الرغم من ان احمد زويل تذكر كل سنة رائعة من طفولته والفرص التي قدمتها مصر له وكم كانت عودته مهمة بالنسبة له، الا انه عرف ايضا ان مصر لن تكون قادرة على توفير الجو العلمي الذي كان يتمتع به في الولايات المتحدة في امريكا .
وتقدم بعد ذلك بطلب للحصول علي خمس وظائف، ثلاثة منهم في الولايات المتحدة، وواحدة في المانيا وواحدة في هولندا، وتلقي خمسة عروض وقرر ان يذهب الي بيركلي ، وفي عام 1974 في وقت مبكر ذهب احمد زويل الى بيركلي، وتم تقديم الفرص الجديدة بالنسبة له ، وثقافيا كان الانتقال من فيلادلفيا الى بيركلي تقريبا له نفس قدر الصدمة لو قام بالانتقال من الاسكندرية الى فيلادلفيا ، فقد كانت بيركلي عالم جديد، فقد قابل احمد زويل العديد من طلاب الدراسات العليا الذين لغتهم وسلوكهم مختلفين لم يراه من قبل ولكنه تفاعل بشكل جيد مع الجميع .
وكانت بيركلي مكان عظيم للتعلم ، وهناك تعرف علي البروفسور تشارلز هاريس الذي سافر الى هولندا لاقامة واسعة، وعندما عاد الى بيركلي استمتع كثيرا بمناقشة العلوم مع احمد زويل فقد كانت افكاره واسعة وعديدة، وخلال هذه الفترة، اعلنت العديد من الجامعات وظائف جديدة، وطلب منه البروفسور تشارلز ان يتقدم وبالفعل ارسل طلبات الى ما يقرب من اثني عشر مكان، وفي النهاية، وبعد مقابلات وزيارات ممتعة عرضت عليه الكثير من الجامعات بما في ذلك جامعة هارفارد، ومعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، شيكاغو، رايس، ونورث وسترن ، حققت هذه المحادثات تقدما جيدا .
وبعد وقت قصير من ذلك، اتصل به معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا وقدم الى احمد زويل عرضا جذابا للغاية، وطلب منه ان يتكرم بزيارتهم مع عائلته ، وتلقي هناك معاملة السجادة الحمراء، وقبل بكل سرور عرض معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا ، وكان اعضاء هذا المعهد من خلفيات متنوعة، وثقافات، وقدرات متنوعة فقد اسماه احمد زويل "العالم الصغير" ، وقام هذا المعهد علي توفير البيئة الاكثر اثارة، مع العديد من التحديات والكثير من التفاؤل ، وعلى مر السنين، كان فريق بحثه يقرب من 150 من طلاب الدراسات العليا، وزملاء ما بعد الدكتوراه، والزملاء الزائرين ، والكثير منهم الآن في مناصب اكاديمية وصناعية وحكومية رائدة ، وقد كان العمل مع هذه العقول في قرية العلم اكثر تجربة مجزية بالنسبة لاحمد زويل ، فقد كان معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا هو بدون شك المكان المناسب بالنسبة له .
انجب احمد زويل ابنتان هما مها، الحاصلة على درجة الدكتوراه من جامعة تكساس، اوستن، واماني، وهي شابة تعيش في بيركلي، وكلاهما يدعون الي الفخر بدون شك ، وزوجته ديما التي تعرف عليها اثناء استلامه لجائزة عام 1989 ، اما عن الجوائز التي فاز بها احمد زويل ففي عام 1988 كان الفائز بجائزة الملك فيصل العالمية، وفي مارس عام 1989، ذهب لاستلام الجائزة من المملكة العربية السعودية، وهناك التقي بزوجته ديما ، وكان والدها تلقى نفس الجائزة في الادب ، وتزوجا في سبتمبر عام 1989 ، كانت ديما هي الزوجة المناسبة بدون شك بالرغم من انها كانت لديها اثنين من الابناء نبيل وهاني، الا ان كلاهما جلب الفرح والاثارة لحياة احمد زويل فقد كانت ديما ام رائعة ، وصديقة مقربة له .
مساهمات احمد زويل في العلوم :
وكانت الرحلة من مصر الى امريكا مليئة بالمفاجآت، وكان العمل الرئيسي لاحمد زويل رائدا وقائدا في كيمياء الفيمتو ، ومساحة الكيمياء الفيزيائية فكان يدرس التفاعلات الكيميائية مع استخدام تقنية الليزر السريع فائق السرعة، وكان احمد زويل وفريقه يريدون التعرف على حركات محددة من الجزيئات واهمية التماسك في كل مرحلة من مراحل نظام الجزيئي، وقد اثبت ان حركة كل جزيء غير متماسكة .
وبينما كان احمد زويل يستمر في دراسته على اعادة التوزيع لطاقة الذبذبات، بدأ الدراسات الجديدة والعمل على المزيد من الوقت علي قرارات وجيزة لجزيئات عرض الاقتراحات العقلانية المتنوعة والعمليات الكيميائية ، وفي عام 1999 حصل احمد زويل على جائزة نوبل ، وهو الثالث الذي فاز باعتباره مواطن مصري ولكن كان هو الاول في مجال العلوم، وحصل على العديد من الجوائز وشهادات التقدير المختلفة من اعماله والتجارب .
وقد ادى التفاني للعلوم باحمد زويل الى العمل السياسي مثل والده، وشعر ان العلوم لها قوة دافعة ومنصة لانقاذ مصر وانقاذ العالم ، وبسبب وضعه وحصوله علي الجوائز والانجازات العظيمة في العلوم وحتى في الجوانب السياسية، ترددت شائعات انه سوف يخوض الانتخابات الرئاسية في مصر في عام 2011 لكنه برر نفسه بقوله للجميع انه ليس لديه اجندة سياسية او طموحات ، وكل ما اراد فعله هو ان يخدم مصر باستخدام العلوم .